باريس وواشنطن

أخبار لبنان

خلاف بين باريس وواشنطن حول حزب الله

8 أيلول 2020 12:32

عندما يتعلق الأمر بلبنان، فلدى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وجهات نظر متشابهة، لكن هناك نقطة اختلاف رئيسية تتعلق بحزب الله اللبناني، الذي تنبذه واشنطن ولكن تتسامح معه القيادة الباريسية البراغماتية.

فبينما تسعى الولايات المتحدة إلى عزل وكبح نفوذ الحزب المدعوم من إيران والذي صنفته على أنه منظمة إرهابية وفرضت عقوبات ضدها، تعترف فرنسا به كلاعب سياسي رئيسي يحتاج إلى التعاون معه لإخراج لبنان من الأزمة.

تجدر الإشارة إلى أن الحكومة اللبنانية قد استقالت الشهر الماضي وسط غضب شعبي من انفجار هائل ضرب ميناء بيروت بتاريخ 4 أغسطس/آب، والذي أسفر عن مقتل 191 شخصا وإصابة الآلاف وتسبب بتدمير أجزاء كبيرة من العاصمة اللبنانية.

وقد اتفقت القوتان الغربيتان على أن لبنان بحاجة إلى حكومة مختلفة عن سابقاتها لمعالجة الإصلاحات العاجل، لكن يبدو أن ذلك الإجماع ينتهي عند هذا الحد. حيث قال المحلل السياسي كريم بيطار في حديث لوكالة فرانس برس، أنّ "النهج الفرنسي يميل الى ان يكون أكثر واقعية. ففرنسا تنظر إلى لبنان كما هو، بينما تميل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى النظر إلى لبنان كما تريده هي".

كما اعتبر بيطار أنّ "وجهة النظر الأمريكية هي أن حزب الله، (الحزب الوحيد الذي لم يتم نزع سلاحه بعد الحرب الأهلية اللبناني التي امتدت بين عامي 1975-1990، والذي له نفوذ مفرط في لبنان)، يجب احتواؤه بأي ثمن كان. في حين أن باريس تقر بأن حزب الله هو لاعب سياسي رئيسي في لبنان، وأن لديه قاعدة واسعة في المجتمع الشيعي في لبنان، وأنه موجود ليبقى".

• منتخب من قبل الشعب

تتابع الولايات المتحدة عن كثب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان منذ 4 أغسطس/آب للضغط من أجل التغيير السياسي والإصلاحات لتقديم المساعدات المالية. وقد ميّز الرئيس الفرنسي خلال رحلته الأخيرة بين وجهين لحزب الله، أحدهما "إرهابي" والآخر حزب سياسي "منتخب من قبل الشعب"، والذي يشارك في البرلمان ومتحالف مع حزب الرئيس اللبناني (التيار الوطني الحر)، ولا يمكن استبعاده من المحادثات.

كما وكان الأمين العام لحزب الله، سماحة السيد حسن نصر الله، إيجابيا بشكل خاص بشأن زيارات ماكرون، ولم يصفها بـ "التدخل الأجنبي" كما كان سيفعل لمثل هذه الخطوة لو تمت من قبل الولايات المتحدة.

وقد كان زعيم الكتلة البرلمانية للحركة الشيعية، محمد رعد، من بين النواب الذين التقوا بماكرون قبل أن يقول إن جميع الأطراف اتفقت على تشكيل حكومة جديدة في غضون أسبوعين.

وأضاف بيطار أنّ "فرنسا، التي وضعت خارطة طريق لإصلاحات الحكومة المقبلة، تريد الحفاظ على قناة للحوار مع حزب الله من أجل منع زعزعة استقرار لبنان. حيث تعتبر باريس نفسها "وسيطا نزيها" للقيام بذلك في وقت وصلت فيه التوترات إلى ذروتها بين واشنطن وطهران".

كما ويقول مراقبون أن فرنسا هي إحدى القوى الغربية الوحيدة التي حافظت على اتصال مباشر مع حزب الله مشيرين إلى دور السفير الفرنسي الحالي، و الذي شغل نفس المنصب سابقا في طهران .

وقد صرح دبلوماسي عربي في بيروت لوكالة فرانس برس قائلا " كان هناك دائما اتصال مباشر بين باريس وحزب الله. فبينما تنشغل واشنطن بالتحضير للانتخابات الرئاسية الأمريكية، يبدو أنها تمنح فرنسا بعض الفسحة بشأن لبنان. وقد وضع الأمريكيون شرطا ألا يشارك حزب الله في الحكومة اللبنانية المقبلة، لكنهم قد يغضون الطرف عن بقائه إذا كان هناك اتفاق وإصلاحات".

قال مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شنكر، الذي زار لبنان الأسبوع الماضي أيضا، لصحيفة النهار اللبنانية أنّ "الولايات المتحدة تقدر المبادرة الفرنسية، لكنها اختلفت في بعض التفاصيل، بما في ذلك أن حزب الله لم يكن منظمة سياسية شرعية وإنما "مجموعة إرهابية".

وخلال زيارته، لم يلتق شنكر بشخصيات سياسية بارزة بل التقى بدلا من ذلك قائد الجيش جوزيف عون والمشرعين الذين استقالوا بعد تفجير الميناء وبعض نشطاء المجتمع المدني وشخصيات شيعية معارضة لحزب الله.

حيث قال أحد هؤلاء الشيعة لوكالة فرانس برس أن شنكر قال خلال اجتماعهم أن حزب الله "لا يمكن الوثوق به" لقيادة الإصلاحات. وقد نقل المصدر عن شنكر قوله " لقد منح حزب الله فرصة كبيرة منذ عام 2005 للتدخل في الدولة ولم يغير سلوكه ".

بالإضافة إلى ذلك، طالبت الولايات المتحدة حزب الله بالتخلي عن أسلحته، لكنها رددت أيضا دعوة أقلية سياسية في لبنان إلى أن تكون البلاد "محايدة"، أي قطع العلاقات مع إيران والنأي بنفسها عن صراعات المنطقة. ومع ذلك، فقد أقرت معظم الأطراف السياسية اللبنانية بأن الحركة الشيعية هي قوة عسكرية يجب مواجهة حقيقة وجدوها وأنها فاعل سياسي موجود في جميع فروع الدولة، وأنها تهيمن حاليا على البرلمان مع حلفائها.

وردا على دعوة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى التعامل مع أسلحة حزب الله على سبيل الأولوية، رد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي بأن الحل سيأتي من خلال السياسة. مضيفا: " يجب على بومبيو أن ينسى الصواريخ في الوقت الحالي. سيتم حل هذه المسألة من خلال السياسة عندما يحين الوقت المناسب".

النهضة نيوز