نشر موقع raw story الاخباري الأمريكي مقالاً ترجمة النهضة نيوز عن عواقب المكالمة الهاتفية التي جرت بين الرئيس الامريكي دونالد ترامب وبين الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، معتبراً إن المكالمة فضيحة لزيلينسكي وأنه سيندم على المكالمة مع ترامب.
قال موقع raw story الإخباري، إن الفضيحة التي اندلعت رداً على محادثة هاتفية جرت في يوليو بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي عواقبٌ واضحة على ترامب، ولكن سيكون هناك أيضاً عواقبٌ بالنسبة إلى زيلينسكي المنتخب حديثًا وفريقه، وكذلك بالنسبة لأوكرانيا بشكلٍ عام.
وحث ترامب زيلينسكي في المكالمة الهاتفية على التحقيق مع جو بايدن، المرشح الديمقراطي البارز المتحدي لترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020م، وابنه بسبب الفساد المتعلق بالتعاملات التجارية لابنه في أوكرانيا، وبدا أن معظم النقاش ركز على تاريخ الفساد في أوكرانيا ومحاولات القضاء عليه، حسب ماذكر موقع رو ستوري الأمريكي.
وحاول زيلينسكي خلال مؤتمره الصحفي مع دونالد ترامب في نيويورك في 25 سبتمبر، خلال قمة الأمم المتحدة، تذكير العالم بأن أوكرانيا دولةٌ ذات سيادة ولديها مصالحها الوطنية الخاصة، والتي كلفته بالدفاع عنها كرئيس للبلاد.
وقال زيلينسكي، إنه لا يمكن إرغامه أو الضغط عليه لفعل أي شيء ورفض أن يتم سحبه في وسط السياسة الأمريكية.
وأضاف: "بالتأكيد، أعتقد أننا أجرينا مكالمةً هاتفيةً جيدة، فقد تحدثنا عن أشياءٍ كثيرة، وأنا أعترف وأشدد أنه لم يدفعني أحد للقيام بذلك".
وأشار موقع raw story الامريكي إلى أن كان زيلينسكي مدركاً للأمر أم لا، فإن أوكرانيا تقع وسط فضيحةٍ سياسية أمريكية.
وأضاف الموقع: "بغض النظر عن نتائج العملية السياسية في الولايات المتحدة، عزز دور أوكرانيا المترددة في الفضيحة فكرة الفساد الراسخ في أوكرانيا، في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة الأوكرانية الجديدة محاربة الفساد وجذب الاستثمارات الأجنبية، ويكون هذا الأمر ضاراً جداً بأوكرانيا وسياساتها على المدى القريب والبعيد، وكما كان الحال على مدار التاريخ، يبدو أن أوكرانيا ستبقى ضحيةً للسياسة الدولية وليست لاعباً أساسياً فيها".
• إدارة الحلفاء الأوروبيين
وتابع الموقع: "في أعقاب الاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة للديمقراطية في عام 2014م في أوكرانيا، والمعروفة باسم ثورة الكرامة، تم عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وهرب إلى روسيا، ثم استولت روسيا على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا، وفي وقتٍ لاحق من ذلك العام اندلعت حرب بين المتشددين المدعومين من روسيا والقوات الأوكرانية في المناطق الشرقية من أوكرانيا، والمعروفة باسم الدونباس."
وأشار الموقع إلى أن في حينها أٌجبرت أوكرانيا على شن حرب مكلفة للدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها ضد ما اعتبرته عدواناً روسياً على سيادتها وأراضيها، وقد كان الدعم الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري من الولايات المتحدة وأوروبا حاسماً في هذا الجهد بالنسبة لأوكرانيا.
ولفت الموقع إلى أنه على الجانب الاقتصادي والجيوسياسي، قاد قادة أوكرانيا السابقون مسيرة التنمية المؤيدة لأوروبا مع مراعاة التكامل في المستقبل مع الاتحاد الأوروبي، كما تعهد زيلينسكي بدعم هذه الدورة أيضاً بعد انتخابه لضمان الدعم الأوروبي له ولحكومته.
وقال الموقع الأمريكي، "عندما أدلى زيلينسكي بتعليقاتٍ نقدية تجاه الاتحاد الأوروبي والشركاء الأوروبيين في مكالمته الهاتفية مع ترامب، كان يعرض تلك التحالفات الحاسمة والمهمة للغاية لأوكرانيا للخطر.
ورد زيلينسكي على تعليقات ترامب بأن أوروبا يجب أن تساعد زيلينسكي أكثر مما هي عليه الآن، قائلاً: إن ألمانيا لا تفعل له أي شيء تقريباً، فهو يتفق مع ترامب ليس فقط بنسبة 100٪، ولكن في الواقع 1000٪ وأن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون أكبر شريك لأوكرانيا ولكن من الناحية الفنية الولايات المتحدة شريك أكبر بكثير من الاتحاد الأوربي.
وأوضح الموقع أن المؤسسات المالية الأوروبية ساهمت بمبلغ 16 مليار دولار أمريكي كمساعدات اقتصادية لأوكرانيا منذ عام 2014م، كما كانت هذه الأموال تهدف إلى إصلاح اقتصاد أوكرانيا، الذي تضرر أكثر بسبب الصراع مع روسيا، وساهم الاتحاد الأوروبي أيضاً في دعم أوكرانيا بالمعدات العسكرية، بالإضافة إلى ذلك، من عام 2011م إلى عام 2019م، ساهم الناتو بمبلغ 43.8 مليون دولار في الدفاع عن أوكرانيا، لذلك سوف يتطلب الأمر المزيد من الدبلوماسية الذكية من طرف زيلينسكي للسيطرة على العواقب المحتملة للأمن الأوكراني بسبب تلك المكالمة.
• العديد من الشكوك تجاه الالتزامات الأوروبية-الأوكرانية
وحاول زيلينسكي التراجع عن تعليقاته النقدية للاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، ولكن كان وراء تعليقاته الواضحة حول الاتحاد الأوروبي في مكالمة هاتفية مع ترامب، شكوكٌ متزايدة بين الرأي العام الأوكراني بشأن التزامات الحلفاء الأوروبيين تجاه أوكرانيا، وهذا هو الحال بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالعقوبات المفروضة على روسيا، والتي ترى أوكرانيا أنها ضرورية لاستعادة الأراضي الأوكرانية المحتلة وممارسة الضغط على المتشددين المؤيدين لروسيا في إقليم الدونباس.
وبين الموقع أن هذه الشكوك أثرت على استمرار البناء الروسي-الألماني المشترك لخط أنابيب الغاز الطبيعي المثير للجدل من روسيا إلى ألمانيا والذي يتجاوز أوكرانيا بشكل كامل، ومن المتوقع أن يلحق هذا المشروع الضرر بأوكرانيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي لأن أوكرانيا كانت بلد العبور الرئيسي للغاز الروسي الذي يجلب مليارات الدولارات الحكومية من الرسوم والنشاط الاقتصادي لأوكرانيا.
وفي يونيو، سُمح لروسيا بالعودة إلى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، بعد تعليق عضويتها في عام 2014م استجابةً لضمها شبه جزيرة القرم و انتزاعها من أوكرانيا بالقوة العسكرية، حيث أيدت فرنسا هذه العودة، رغم اعتراضات أوكرانيا.
• ردود الفعل في أوكرانيا
ولفت الموقع إلى أن ترامب أنتج داخل أوكرانيا استجابةً مختلطة من قبل الحكومة والشعب الأوكراني، حيث برز زيلينسكي على منصة مكافحة الفساد، التي ابتليت بها منذ فترة طويلة الحكومة الأوكرانية، مشيراً إلى انه من المرجح أن يجيب على تصريحه لترامب بأن المدعي العام الجديد، الذي كان يحقق في الفساد، هو "100٪ رجله"، وليس محققًا مستقلاً كما ادعى من قبل.
وقال زيلينسكي في المؤتمر الصحفي مع ترامب، إنه يعني فقط أنه يثق في المهنية والاستقلالية للمدعي العام الجديد.
وأضاف زيلينسك: "إنه رفيقي، هذا صحيح، ولكن فريقي الكامل هم شعبي، انهم ليسوا ممتلكاتي، فأنا لا أستطيع أن أخبرهم بما يجب عليهم فعله".
ونوه الموقع إلى أن ضمانه استقلال المدعي العام قد لا يكون كافياً لإرضاء المنتقدين المحليين، وفي اليوم التالي للمؤتمر الصحفي، طلب أحد أعضاء حزب المعارضة في البرلمان الأوكراني نسخةً كاملةً من المحادثة الهاتفية بين الرئيس زيلينسكي وترامب باللغة الأوكرانية.
وأكد الموقع أن الحديث أعطى خصومه السياسيين ذخيرةً قوية، ولحسن الحظ بالنسبة لزيلينسكي، يتمتع حزبه بأغلبية كبيرة في البرلمان، مما يوفر له درجة من الحماية السياسية.
وأشار الموقع إلى أن من المرجح أن يشير منتقدو زيلينسكي إلى افتقاره إلى الخبرة السياسية والدبلوماسية في وقت يحتاج فيه إلى كليهما لحماية نفسه وحماية أوكرانيا من أي عواقب وخيمة لمكالمته، ملفتاً إلى أن الرد كان غالباً من قبل أعضاءه المؤيدين: "سوف يتعلم من الوظيفة ( أثناء فترته الرئاسية )".
• ثم هناك روسيا
وأردف الموقع قائلاً: "تبقى أوكرانيا في وضعٍ ضعيف للغاية عندما يتعلق الأمر بروسيا، ومنذ بداية النزاع في عام 2014م، يقدر متتبع الصراع العالمي مع مجلس العلاقات الخارجية أن عواقبه تجاوزت أكثر من 10000 قتيل مدني و1.5 مليون نازح".
ونوه الموقع إلى أن الرئيس زيلينسكي ظهر على برنامج إنهاء الحرب في الدونباس وبدأ تبادل الأسرى مع روسيا في أوائل سبتمبر على أمل تخفيف حدة التوترات مع موسكو، وقبل زيارته إلى نيويورك، كانت إدارة زيلينسكي تعمل على صيغ مختلفة استعداداً لمحادثات سلامٍ محتملة مع روسيا تشمل فرنسا وألمانيا وربما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وأوضح الموقع أن أوكرانيا قد تفقد الدعم من شركائها الاستراتيجيين في هذا الأمر وغيرها من الجهود الأخرى، وبدون دعم الحلفاء الغربيين، ستكتسب روسيا اليد العليا للضغط على أوكرانيا لقبول السلام بشروط روسية معقدة لن تكون أبداً في الصالح الأوكراني، حيث يمكن أن يشمل ذلك التخلي عن شبه جزيرة القرم وإعطاء قدر أكبر من الاستقلال السياسي للمنطقة الانفصالية (الدونباس) عن طريق تعديل الدستور الأوكراني.
وذكر الموقع أن الدعاية الروسية تشير منذ فترة طويلة إلى أن أوكرانيا هي مجرد بيدق بيد الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، فالنخبة السياسية الأوكرانية، وفقاً لدعاية موسكو، تسيطر عليها المصالح الغربية.
وختم الموقع: "لهذا، فهذه الفضيحة تتناسب مع هذا السرد، مما يثبت حجم الضرر الذي سيعود على أوكرانيا جراء تلك المكالمة".