تشعر آنا سانتي بقلق شديد بشأن تنفس ابنتها البالغة من العمر ست سنوات للهواء الملوث، لدرجة أنها تفكر في الخروج من العاصمة بعيدا عن غرب لندن حيث تسعد عائلتها وتستقر في أجواء نظيفة وصحية.
وتقول سانتي وهي جزء من جماعة Mums For Lungs، مجموعة حملة الضغط والمناصرة التي تطالب باتخاذ إجراءات أقوى بشأن تلوث الهواء بالمملكة المتحدة: "لدينا مدرسة رائعة، حديقة ريتشموند الرائعة، أصدقاء حميمون، نعمل هنا، ومع ذلك فقد بدأنا في التفكير في الانتقال إلى غربي البلاد لسبب واحد فقط، وهو تلوث الهواء، فحياتنا تشبه العيش في أحد مفترقات السيارات المليئة بدخان عوادم السيارات الكثيرة، وخاصة عند ساعات الذروة".
وتجدر الإشارة إلى أن ابنة سانتي قد أصيبت بالربو مؤخراً، وأضافت: "نلاحظ فرقاً كبيراً في وتيرة سعالها عندما نكون في لندن مقارنة بالريف . إننا لا نريد مغادرة لندن لكننا مجبرون على ذلك بسبب التقاعس السياسي في إحداث أي تغيير. وعلى الرغم من قدر محبتنا لمدينتنا، إلا أنها لا تستحق أن تعرض صحة الناس للخطر".
وحسب دراسة جديدة، لن يظهر على جميع الأطفال بالضرورة أعراض الضرر طويل المدى الذي يلحق برئتيهم نتيجة لتنفسهم للهواء الملوث. حيث قاد الدكتور إيان مودواي من كلية الصحة العامة في إمبريال كوليدج بلندن الدراسة التي استمرت لمدة ست سنوات وشملت أطفالا من لندن، حيث أظهرت أن الهواء الملوث يؤثر على نمو رئتي الأطفال في المدينة بشكل عام.
تأثير تلوث الهواء على الأطفال
وقال الدكتور مودواي: " كان معظم الأطفال يظهرون أدلة على توقف نمو الرئة بشكل جزئي، مما يعني أن معظمهم كانوا يعيشون ويذهبون إلى المدرسة في مناطق لا تمتثل لقيود الاتحاد الأوروبي الخاصة بثاني أكسيد النيتروجين".
و الجدير بالذكر أنه غالبا ما يتجاهل الناس الآثار طويلة المدى لاستنشاق الهواء الملوث، كما أن عدم ظهور علامات المشكلات الصحية على الأطفال لا يعني على الإطلاق أنهم لن يواجهوها في وقت لاحق من حياتهم.
وإذا لم تتطور أعضائك في وقت مبكر من العمر على النحو الأمثل ولم تصل إلى ذروتك البيولوجية، فهذا سيضعك على مسار سيء حقا لبقية حياتك.
حيث أن بلوغ حجم رئتيك بالكامل بحلول الوقت الذي تبلغ فيه سن الرشد هو مؤشر جيد للغاية لمتوسط العمر المتوقع، ويقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في وقت لاحق من العمر.
وفي مرحلة الطفولة، إذا لم تنمو الرئتين بشكل جيد وتعرضت للملوثات الهوائية بشدة، يتم تخزين أعباء صحية مزمنة لن تظهر عليهم لمدة 30 أو 40 أو 50 عاماً، ثم ستظهر وتكون مشكلة صحية دائمة.
وبينما تظهر الأبحاث أنه عندما يتعرض الأطفال الصغار لتلوث الهواء، فإن رئتيهم لا تنمو بالسرعة المطلوبة، فإن السؤال عما إذا كان بإمكانهم استعادة سعة الرئة المفقودة في المستقبل إذا تم تحسين جودة الهواء لا يزال غير واضح حتى الآن.
ويوضح الدكتور مودواي قائلاً: " لقد قاموا بالكثير من العمل في الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال. فقد تحسن تلوث الهواء في كاليفورنيا على وجه الخصوص لأنهم نظموه بشدة هناك، وهم يعتقدون أن الانخفاض في حجم الرئة قد تم تصحيحه نتيجة لذلك. حيث وجد الباحثون في كاليفورنيا أن الحد من تلوث الهواء يؤدي إلى تحسين وظيفة الجهاز التنفسي لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 15 عاماً، وهي فترة حرجة لنمو الرئة. وخلصت دراستهم إلى أن تحسين جودة الهواء نتيجة التنظيم الأكثر صرامة، أدى في نهاية المطاف إلى تحسين صحة الأطفال".
ومع ذلك، يقول الدكتور مودواي أن النتائج ليست بهذا الوضوح، وذلك لأنها قد تظهر نتائج الأطفال الجدد الذين تنفسوا هواء أفضل لفترة أطول من الوقت فقط، حيث يقول إنه يجب إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات في المنطقة.
النهضة نيوز