بين المؤتمر الدولي والتدقيق الجنائــي برود يحيط ملف التشكيل في لبنان

أخبار لبنان

بين المؤتمر الدولي والتدقيق الجنائــي برود يحيط ملف التشكيل في لبنان

27 تشرين الثاني 2020 10:24

ذكرت صحيفة "الجمهورية" في عددها اليوم عن الضجة الإعلامية التي أحدثها إعلان فرنسا عن تنظيم مؤتمر دولي لمساعدة لبنان الاربعاء المقبل، والذي جاء بعد ساعات على رسالة بعثَ بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى رئيس الجمهورية ميشال عون لمناسبة عيد الاستقلال، وأكد فيها أنّ فرنسا تعمل لعقد هذا المؤتمر، داعياً الى "تشكيل حكومة من شخصيات مؤهلة، تكون موضع ثقة وقادرة على تطبيق الاصلاحات التي لا مفرّ منها".

رسالة ماكرون جاءت بالتزامن مع توجه الانظار الى قصر الاونيسكو حيث ينعقد مجلس النواب للبحث في رسالة رئيس الجمهورية إليه حول موضوع التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، الذي أعلنت شركة "ألفاريز أند مارسال" انسحابها رسميّاً منه أمس لعدم حصولها على المعلومات المطلوبة من مصرف لبنان لإنجاز مهمتها.

وأشارت الصحيفة إلى الوضع الحكومي الملف الأكثر أهمية وحيوية لم يسجل أي احداث إيجابية ويستدعي أن يشكّل أولوية الأولويات هو تأليف الحكومة، الذي من دونه سيواصل الوضع المالي والاقتصادي والمعيشي والاجتماعي تدهوره وتراجعه من السيئ إلى الأسوأ، ولكن من الواضح أنّ تَداخل الحسابات الخارجية مع الداخلية أدى إلى تعليق مساعي التأليف التي تجمّدت بكاملها تقريباً.

تتوارى هذه الأحداث في لبنان مع تقدمّ التدقيق الجنائي، الذي على رغم أهميته القصوى، يجب ان يكون ضمن رزمة إصلاحية تضعها الحكومة العتيدة لتتمكن على أساسها من الربط مع المجتمع الدولي تمهيداً لفتح باب المساعدات مجدداً الذي من دونه لن يتمكن لبنان من فرملة الأزمة أولاً، ومن ثم تجاوزها.

وإذا كان قطوع قانون الانتخاب قد مَرّ في سلام هذه المرة، واستعاد المناخ السياسي هدوءه المعتاد بتغليب لغة العقل والأولويات المالية على أي اعتبار آخر، إلّا انّ قطوع الأزمة المعيشية لا يبدو انه سيَحذو حذو قانون الانتخاب بسبب الخلاف حول التأليف، وعدم استعداد الرئيس المكلف سعد الحريري حتى اللحظة لأن يَخطو في اتجاه تقديم تشكيلته الحكومية وكأنه يتجنّب المواجهة مع رئيس الجمهورية من جهة، ويتجنّب تشكيلة حكومية لا تعبر في سلام سعودياً وأميركياً من جهة أخرى.

ولخصت الصحيفة الوضع بالمجمل أنه ومع تَبنّي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لوجهة نظر رئيس الجمهورية ميشال عون بدعوة الرئيس المكلف إلى تقديم تشكيلته، ومع تَصاعد ضغط الوضع المالي والاقتصادي، بات الحريري في وضع لا يُحسد عليه، فهل يوضِّح الأسباب التي تدفعه إلى الانتظار والتريّث؟ وهل ينتظر دخول الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن إلى البيت الأبيض من أجل أن يضمن وقف العقوبات أو تحييد حكومته عنها؟ وهل يراهن على مساعدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لِما له من علاقة مع بايدن من أجل منحه فرصة التأليف وإطلاق ورشة الإصلاحات؟

وأكدت الصحيفة أنه في كل هذا المشهد انّ التعقيد الحكومي ليس من طبيعة محلية فقط ترتبط بالحصص والأوزان والأحجام، إنما يتصل بقدرة الحكومة العتيدة على الحصول على ضوء أخضر أميركي وسعودي ليس في متناول اليد بَعد، ولا يبدو انّ الحريري سيُقدم على خطوة ناقصة قبل ان يضمن المظلة العربية والدولية الكفيلة بتقديم المساعدات التي في إمكانها وحدها إنقاذ حكومته وإنقاذ لبنان.

ونوهت الصحيفة إلى أنه لا يبدو حتى اللحظة انّ الحريري في هذا الوارد، بل يعتبر انّ التعقيدات التي يواجهها سيواجهها هي نفسها أيّ رئيس مكلف غيره. وبالتالي، سينتظر اللحظة التي يتحقق فيها الاختراق الخارجي بما يتلاءَم مع متطلبات المرحلة داخليّاً، وفي هذا الوقت سيكون التركيز على الجلسة النيابية التي ستُتلى بها رسالة رئيس الجمهورية حول التدقيق الجنائي الذي شكّل بدوره مساحة خلافية، ومن غير المعروف بعد ما هي الخطوة التالية على هذا المستوى بعد انسحاب شركة "ألفاريز". وما بين رسالة قاضي التحقيق العدلي في انفجار المرفأ فادي صوان، ورسالة عون الى المجلس النيابي، وما بينهما قانون الانتخاب، ينصَبّ كل التركيز في هذه المرحلة على مجلس النواب ودوره.

وقالت: عشيّة الجلسة النيابية، قالت أوساط مطلعة على اجواء قصر بعبدا لـ"الجمهورية" انّ ما يتمنّاه رئيس الجمهورية منها هو ان تتجاوب مع مضمون رسالته الى المجلس، معتبرة انّ ردة فعل بري على هذا المضمون "تشكل التزاماً بالدستور وشكل العلاقة القائمة بين رئاسة الجمهورية ومجلس النواب من خلال ما نَصّت عليه صلاحيات الرئيس في مثل هذه الحالات". وتَمنّت هذه الاوساط "أن يتجاوَب المجلس النيابي مع مضمون الرسالة الرئاسية والتعاون مع السلطة التنفيذية لتأمين الظروف التي تسمح الانطلاق بالتدقيق الجنائي مع التشديد على النتائج المتوقعة منه على اكثر من مستوى، وهو أمر لم يعد يخضع للنقاش بعدما عبّرت القوى الحزبية والمراجع المعنية عن تجاوبها مع هذه الخطوة، وما هو مطلوب التزام مضمون هذه المواقف وترجمتها عملياً بالسرعة التي تقتضيها الظروف التي تعيشها البلاد".

المصدر: الجمهورية