النقر على باب الدعم لفتح ملف الاستيراد والاقتصاد اللبناني يستنجد

أخبار لبنان

النقر على باب الدعم لفتح ملف الاستيراد والاقتصاد اللبناني يستنجد

7 كانون الأول 2020 10:48

في ظل ما يعيشه لبنان من أزمة اقتصادية خانقة تراكمت بعد الانفجار الذي وقع بمرفأ بيروت وتداعيات الأزمة الصحية للفيروس التاجي كوفيد _19 يزيد الوضع سوء بتراكمات مصرف لبنان المركزي وقضايا الاستيراد والحصار الاقتصادي بفعل العقوبات جاء تأكيد عاملين في الاستيراد أن التجار حققوا أرباحاً هائلة من خلال أمرين: تضخيم أسعار المنتجات المستوردة وعدم التصريح عن الحسومات التي يحصلون عليها.

حيث يمكن للمستورد أن يحصل على ما يقارب 500 دولار نقداً في الخارج، مقابل دفعه مليوناً ونصف مليون ليرة في الداخل. وهذا يعني أن ربحه المحقق من خلال فتحه اعتماداً مصرفياً بقيمة مليون ونصف مليون ليرة يمكن أن يصل إلى ٤ ملايين ليرة، يضاف إليها الربح الناتج من بيع السلع المستوردة، وربما تضاف إليها أرباح غير مشروعة أخرى من جرّاء إعادة تهريب جزء من هذه السلع إلى الخارج.

صحيفة الأخبار اللبنانية نقلت عن مصدر يعمل في مجال الاستيراد والتصدير أن هذه العملية لا تجري بشكل فردي، بل تحولت إلى سياق منظم. ولذلك فإن الجريمة المرتكبة في ظل شح الدولارات في البلد تصلح لتكون جريمة ضد الإنسانية، لكونها تطال لقمة عيش الناس ودواءهم.

أما موضوع الأدوية. لطالما تطرقت إليها أحاديث عن أن التوقف عن استيراد الأدوية «البراند» يخفض الفاتورة الدوائية إلى النصف، لكنّ عاماً مرّ من دون أن يتخذ أحد القرار. 

وأوضحت الصحيفة أن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن ما يحتاج إليه أي بلد هو 220 تركيبة دوائية فقط. وبالتالي، فإنه لا جدوى من وجود آلاف الأدوية المتشابهة التي تختلف فقط باسمها التجاري وبسعرها.

 لبنان الذي راسل الحكومة في آب لإعلامها بأنه لم يتبقّ سوى مليارَي دولار يمكن استخدامهما، تعامل مع الأمر على قاعدة اللهمّ إني بلّغت. ظن حينها أنه بذلك يمكن أن يتبرأ من كل الموبقات التي ارتكبت سابقاً والتي أدت إلى هدر ما يصل إلى 40 مليار دولار من أموال الناس، من دون أن يكون للدعم أي علاقة بها (الهندسات المالية، الفوائد السخية لغير المقيمين، تغطية العجز في الميزان التجاري…).

أوحت صرخة سلامة أن الدعم يؤدي إلى استنزاف أموال المودعين، وفاته أن يقول إن تلك الأموال سبق أن سرقت عندما كان يدّعي حماية الليرة ويفاخر بأنه حامي الاقتصاد.

مع ذلك لم يعد من حل سوى توجيه الدعم إلى مستحقيه الفعليين، حتى لو اقتضى الأمر أن تتولى الدولة، في هذه المرحلة الاستثنائية، استيراد المواد والسلع الاستراتيجية. 

عقد اجتماع في قصر بعبدا، وتلاه اجتماع في السرايا الحكومية لمناقشة الوضع، من دون أن يتم التوصل إلى أي خلاصة، كان واضحاً أن احداً لا يريد تحمّل مسؤولية رفع الدعم. 

عند هذا الخلاف، توقف النقاش في مسألة توجيه الدعم إلى مستحقيه. ثلاثة أشهر منذ رسالة سلامة من دون أي تحضير لمرحلة ما بعد تخفيف الدعم. لا البطاقة التموينية أو التمويلية بُحثت بشكل جدي ولا أجري إحصاء للعائلات المحتاجة إلى الدعم.

في الاجتماع الأخير للمجلس المركزي، كان القرار واضحاً برفض تحمل مسؤولية تخفيض الدعم،لى اعتبار أن هذا الأمر هو من مهمات الحكومة. وبالتالي، إذا لم تقرر وجهة الدعم في المستقبل، فإنه لن يكون أمامه سوى الاستمرار على المنوال نفسه، إلى حين نفاد الأموال (سبق أن أعلن سلامة أن الاحتياطي يكفي لشهرين). 

كما أن جميع المعنيين أعلنوا في حال الوصول إلى هذه المرحلة، فإن كارثة اجتماعية ضخمة ستحلّ بالبلد. وإذا كان متوقعاً أن يعقد اليوم اجتماع في السرايا الحكومية لمتابعة مسألة الدعم (تمهيداً لعرض الاقتراحات على اللجان النيابية المشتركة)، فإن تخلّي مصرف لبنان عن المسؤولية لا يعكس رغبته الشديدة في تخفيض استهلاك الدولارات التي لديه. في الأساس. 

ليس تخفيض الدعم هو الغاية بالنسبة إلى سلامة، بل هو الوسيلة للوصول إلى تخفيض الاستيراد.

والدولارات التي تخرج من لبنان جزء منها فقط معنيّ بالدعم، فيما الدولارات الأخرى تخرج من الاقتصاد لتمويل واردات أخرى. وبالرغم من انخفاض الاستيراد بنسبة 50 في المئة، إلا أنه يطمح إلى تخفيضه أكثر. وذلك لا يتحقق عملياً إلا من خلال ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للبنانيين وبالرغم من انخفاض الاستيراد بنسبة 50 في المئة، إلا أنه يطمح إلى تخفيضه أكثر. وذلك لا يتحقق عملياً إلا من خلال ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية للبنانيين.

بعدما كان العجز في الميزان التجاري قد وصل إلى 16 مليار دولار في عام 2018، انخفض هذا العام بشكل كبير من جراء انخفاض الواردات نحو 50 في المئة، لكن سلامة يأمل أن يزيد الانخفاض أكثر، بما يؤدي إلى تخفيض إلى تخفيض واضح في عجز ميزان المدفوعات.

وهذا كان يفترض أن يكون أولوية منذ عام، لكن بفضل الإصرار على ترك الأزمة تتمدد، استمر الطلب على الدولار مرتفعاً، واستمر الاستيراد مباحاً من دون أي قيود، فكان بديهياً أن يرتفع سعر الدولار وتنهار الليرة. وصول سعر صرف الدولار إلى عشرة آلاف ليرة كان منطقياً، وربما متعمداً، في هذه الحالة، لكن بعد وقف الدعم، سيكون من الصعب ضبط الارتفاعات الإضافية، ما سيشكل عملياً كارثة يصعب على سلامة أو غيره توقع نتائجها.

ولذلك، لم يعد أمامه سوى كبح جماح ارتفاع سعر الصرف وهو ما لن يتحقق إلا بتخفيف الاستيراد، لكن بالطريقة الأصعب والأكثر أذى للناس، بعدما تغاضت السلطة لأكثر من سنة عن تقييد حركة الاستيراد.

تلك عبارة تقلق مدعي الحرص على الاقتصاد الحر. ولذلك، لم يجرؤ أحد على المس بحركة الاستيراد والتصدير أو حركة الأموال، ما حصر الخيارات بتقليص الدعم، وزيادة التباطؤ الاقتصادي من جراء التضخم المتوقع. 

المصدر: صحيفة الأخبار