تقوم عائلة ميليفا "غارا" يوفانوفيتش بتربية الماشية في مرتفعات سينجاجيفينا في الجبل الأسود منذ أكثر من 140 سنة، وتعد هذه المراعي الجبلية هي الأكبر في شبه جزيرة البلقان في أوروبا، وقد وفرت لعائلتها ليس فقط الحليب والجبن واللحوم، ولكن أيضاً مصدر رزق دائم ووسائل لإرسال خمسة من أطفالها الستة إلى الجامعة.
وقالت غارا، المتحدثة باسم القبائل الثماني التي تشترك في المراعي الصيفية: "إنها تمنحنا الحياة".
ولكن، وكما تقول غارا، هذا المراعي الألبية الجبلية مهددة بشكل خطير، ومعها أسلوب حياة القبائل، فقبل عامين، مضى جيش الجبل الأسود - وربما الناتو-قدماً في خططه لتطوير ساحة تدريب حيث ينفذ الجنود مناورات وتدريبات مدفعية في هذه الأراضي العشبية.
لم تكن غارا غريبة عن التحديات الصعبة للحياة كراعٍ في جبال الألب، فقالت إنها عندما سمعت لأول مرة عن خطط الجيش، بدأت بالبكاء قائلةً: "ستدمر الجبل لأنه من المستحيل وجود المضلع العسكري والماشية هناك."
ويقول علماء الأنثروبولوجيا الذين درسوا المنطقة أن الرعاة يجلبون قطعانهم إلى مراعي سينجاجيفينا منذ حوالي 3000 عام، أما الآن، يخشى غارا من أن استخدام الجيش للأرض سيعطل تماماً التوازن الطبيعي الحالي الذي قامت 250 عائلة محلية بحمايته بعناية.
كل القبائل هي جزء من نفس المجموعة العرقية، وهم يجتمعون بشكل دوري لمناقشة إدارة المراعي، وبفضل جهودهم في مجال الرعاية، تملأ الأعشاب الخضراء الجبل كل ربيع والتي لا تطعم فقط الماشية والأغنام والخيول، كما تولد الشراكة طويلة الأمد بين المجتمعات الطبيعية والبشرية مشهداً فريداً وغنياً بالخصائص، بينما يزود ذوبان الثلوج المتدفق من سينجاجيفينا الجبل الأسود بالمياه ويدعم سكانها من البشر.
وقال بابلو دومينجيز، عالم الأنثروبولوجيا البيئية في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي بجامعة تولوز: "يساعد الحفاظ على مجموعة متنوعة من الاستخدامات والممارسات هناك في الحفاظ على بعض الأشياء القيمة للغاية".
المعركة على مستقبل سينجيفينا، سواء كانت لا تزال مثالاً نادراً لتعايش الطبيعة جنباً إلى جنب مع الإنسانية، أو أصبحت أرضاً تجريبية للقوات المجهزة بالمدفعية الثقيلة، لن تكون فقط في غارا والقبائل الثماني وحكومة دولة صغيرة من البلقان، ولكنها قد تظهر أيضاً بشكل كبير في الجغرافيا السياسية العالمية لحلف الناتو والاتحاد الأوروبي.
لقد ربحت القبائل هذه المعركة حتى الآن، ولكن معركة الحفاظ على السهول لا تزال مستمرة كما تقول غارا.