جوازات السفر الرقمية ستجعل العالم يتحرك مرة أخرى

منوعات

جوازات السفر الرقمية ستجعل العالم يتحرك مرة أخرى

26 كانون الثاني 2021 11:38

عندما أصدر الملك أرتحششتا الأول ملك بلاد فارس، أول جواز سفر معروف في القرن الخامس قبل الميلاد، والذي كان على شكل خطاب يطلب مروراً آمناً إلى أحد مسؤوليه الذي يسافر إلى ما أصبح يعرف الآن باسم فلسطين، فعل ذلك ليطمئن حكام فلسطين أن رجله لا يشكل أي تهديد لهم أو لشعبهم، حيث كان العالم مكاناً غريباً للغاية وكانت الحدود طريقة طبيعية لضمان استبعاد الأخطار الأجنبية.

والجدير بالذكر أن السفر الدولي قد أصبح أمرا أقل خطورة وأكثر سهولة على مدار الـ2500 عاما الماضية، لكن جائحة الفيروس التاجي قد ذكرتنا بالغاية الأساسية التي أنشأت لأجلها الحدود وكانت موجودة دائما لتأكيدها، وهو التعبير عن مخاوف الأمم والبلدان وأداة لتهدئتها والسيطرة عليها.

جواز السفر الرقمية

وعلى الرغم من أن العديد من الشخصيات العامة والتاريخية قد اعتبرت العالم مكانا لا حدود له كما كان في الماضي، إلا أن الأشهر العشرة الماضية التي شهدت قيام العديد من الدول إما بإغلاق حدودها أو تشديد الحركة خلالها، قد أثبتت أن الناس بحاجة لمعرفة هذه الأهمية للحدود وأظهرت ضرورتها أيضاً.

كما وتجدر الإشارة إلى أن ثروات قطاعي السفر والطيران الدوليين تعتمدان بشكل أساسي على نفاذية الحدود، وبالتالي في الوضع الراهن قد تسبب لها لعواقب وخيمة للغاية، وامتد ذلك إلى زوايا أخرى من الاقتصاد العالمي، بداية من السياحة ووصولاً إلى التصنيع.

وفي الحقيقة، كان من الواضح منذ الأيام الأولى لبدء جائحة فيروس كورونا التاجي المستجد، أن تشخيص المصابين بسرعة وكفاءة من خلال اجراء الاختبارات الجماعية، أمر بالغ الأهمية، في حين أن تطوير اللقاحات وتوزيعها عالمياً كان يعتبر أولوية تأتي بعد الاختبارات.

وبالفعل، تحققت كل هذه الخطوات بشكل ما، وإن كان بشكل غير كامل وغير متساوي في معظم أنحاء العالم. حيث كان يوجد لدى معظم البلدان شكل من أشكال الاختبار، على الرغم من اختلاف التقنيات المستخدمة على نطاق واسع، وصاغ معظمها نوعاً من خطط التطعيم الخاصة بها على الرغم من اختلاف القدرة على تنفيذها.

وطالما أن نجاح كل هذه الجهود لا يزال عملاً قيد التقدم، فإن أي عودة إلى ما نعرفه باسم "الحياة الطبيعية" يظل مجمداً بسبب ضرورة الإغلاق المتقطع والحجر الصحي للمسافرين. إذن متى يمكننا تحريك العالم مرة أخرى؟

جوازات السفر الرقمية 

إن الإجابة البسيطة لهذا التساؤل يكمن في الوقت الذي يبدأ فيه مسار كل بلد، أو على الأقل مجموعة من البلدان، بالخروج من الجائحة الفيروسية في تقارب يأتي ضمن جهد عالمي منظم ومنسق، كما ويجب أن يتم تقليل الاختلافات بين البلدان لصالح نهج موحد يثق به الجميع.

وفي محاولة لإنقاذ قطاعه، سيقوم الاتحاد الدولي للنقل الجوي، وهو هيئة تجارة الطيران العالمية، بإصدار "بطاقة سفر"، والذي يصوره الاتحاد على أنه "جواز سفر رقمي" يعتمد على تطبيق للهاتف المحمول يربط المعلومات الموجودة في جواز السفر المادي للمسافر بسجلات اختبارات فيروس كورونا والتطعيمات.

وبشكل حاسم، سيقوم التطبيق بإحالة السجلات مع متطلبات الاختبار والتطعيم الخاصة ببلدان المغادرة والوجهة، مما يطمئن مسؤولي الحدود إلى أن الشخص آمن للسفر، كما وسيعمل الاتحاد أيضا بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية والهيئات الدولية الأخرى للتحقق من أنظمة الاختبار واللقاحات التي ستشكل الأساس لمعيار عالمي مفهوم ومعتمد.

بالإضافة إلى ذلك، أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي بالفعل عن خطط لتجربة بطاقة السفر هذه بالشراكة مع شركة الاتحاد للطيران في أبو ظبي وشركة طيران الإمارات في دبي، وهما شركتا الطيران التين نجيتا من أسوأ فوضى الوباء في قطاع الطيران، وذلك بفضل قدرة دولة الإمارات العربية المتحدة على طرح الاختبارات والتطعيمات بسرعة وفعالية.

كما ويأمل الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن يعيد جواز السفر الرقمي فتح الحدود دون الحاجة إلى حجر صحي حتى تكون الحكومات واثقة من أنها تخفف اجراءاتها بشكل فعال من مخاطر استيراد فيروس كورونا التاجي المستجد من خلال المسافرين القادمين.

أما بالنسبة لمعظم العالم، ربما لا تزال هذه الثقة بعيدة المنال، لكن المعايير العالمية للتعامل مع الجائحة الفيروسية هي الهدف الصحيح الذي يجب أن تهدف إليه جميع البلدان، والتي ستكون جزءاً لا يتجزأ من استعادة الثقة التي عرفها المسافرون منذ زمن الملك الفارسي أرتحششتا، وأنها الطريقة الوحيدة لضمان المرور الآمن من جديد.

المصدر: صحيفة ذا ناشيونال