مالبث أن وقع انفجار نترات الأمونيوم في العنبر 12 ضمن مرفأ بيروت في الثامن من آب الماضي حتى تهافت الدول الغربية لتعبر عن دعمها للبنان وبدأت أصوات الدعم تنبح من أبواقها ليكثر الحديث عن إعادة الإعمار في بيروت.
لكن المطلعين على الشأن السياسي في لبنان كان لهم وجهة نطر آخرى ليروا أن الإعمار لن يحصل، وهو مؤجل الى حين انقشاع الضباب السياسي وتأليف حكومة برضى أميركي وببرنامج عمل محدد مسبقاً. عندها يكون إصلاح المناطق المنكوبة من ضمن الرزمة الجاهزة.
وهو ما تبلغه رئيسا الجمهورية والحكومة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكرره عدد من السفراء على مسمع محافظ بيروت مروان عبود.
حتى إن المؤتمر الإنساني الذي عقده ماكرون في باريس لمساعدة لبنان، لم تصل أمواله قط.
صحيفة الأخبار اللبنانية وفي عددها اليوم كشفت أنه وعند زيارة الرئيس الفرنسي الأولى لبيروت عقب انفجار المرفأ، رافقته باخرتان محملتان بمواد أولية، دون أن يظهر لها أي أثر على أرض الواقع.
في مقابل ذلك، أرسلت مصر 9 آلاف متر مربع من الزجاج، ما يعدّ كمية قليلة جداً بالنسبة الى الأضرار، وقدمت إسبانيا مدرسة رسمية كلفتها نحو مليون يورو وتتسع لنحو 500 تلميذ يجري تجهيزها في منطقة الكرنتينا قرب فوج الإطفاء حيث هناك عقارات لبلدية بيروت، علماً بأن ثمة جمعيات قامت بعمل جدي وساهمت بعملية الترميم.
يقول رئيس غرفة الطوارئ المتقدمة في بيروت العميد سامي الحويك إنه تم ترميم ما يفوق 13 ألفاً و500 وحدة سكنية؛ من ضمنها 1365 وحدة من المستوى الثاني (class B) أي ترميم كل المنزل وليس الواجهة فقط، والعمل جار لإنهائها. يجري العمل حالياً على حوالى 14000 وحدة سكنية أخرى». وقد دفع الجيش أموالاً لنحو 11500 متضرر ويجري التحضير للدفع لحوالى 6000 متضرر آخر، ما سيزيد من أعداد الوحدات المنجزة.
ويضيف الحويك، بعد إجراء مسح كامل للأضرار في المرفأ إنما لم يتم تحديد الكلفة المادية لهذا المسح بالكامل. إذ كان هذا الأمر يتم للوحدات السكنية الأكثر فقراً وتضرراً ليجري الدفع لها من مبلغ الـ 100 مليار ليرة لبنانية المقدّمة من الدولة اللبنانية ومبلغ 50 مليار ليرة لبنانية التي سيتم توزيعها لاحقاً. في هذا السياق، يشير الحويك الى 87 مبنى أضرارها هيكلية وتمثّل خطر انهيار كلي أو جزئي (25 كلّي و62 جزئي)، كلفة إعادة إعمارها كبيرة، وتحتاج إلى لجان من مهندسين متخصصين ليصار إلى تقييمها، وتدعيمها، ومن ثم ترميمها.
أما المساهمات المالية التي قدمتها الحكومة فكانت مجرد حبر على ورق بذريعة أن الخزينة العامة لا تحوي مالاً.
كذلك مبلغ الـ 300 مليار ليرة الذي قررت بلدية بيروت رصده لمساعدة المتضررين عبر تسليمه للجيش، فلم تتمكن من إقراره نتيجة منع قانون الموازنة للمساهمات المالية عبر البلديات ورفض وزير الداخلية محمد فهمي إعطاء البلدية استثناءً لاتخاذ قرار مماثل، رغم إعطائه موافقة استثنائية للبلدية لمنح مساعدات للأهالي نتيجة الظروف الصعبة التي فرضها وباء كورونا.
ويبقى بعض المسؤولين في لبنان متفائلا بعودة بيروت كما كانت قبل التفجير لكن العملية ستطول دون تحديد زمن أو وقت الانتهاء.
دمار بيروت هو ما جعلته بعض الدول ملعب للصراع فكان لافتاً اتصال بعض الموظفين في السفارة التركية ببعض الشباب الذين يديرون جمعية تنشط في الأشرفية لسؤالهم عما يمكن فعله للمساعدة. تطور الاتصال الى زيارة في المكتب، ثم مسعى لترميم أدراج منطقتي الجميزة ومار مخايل والمنازل المحيطة بها، من دون أن يتم الاتفاق النهائي. في إطار آخر، عرضت السفارة الإيرانية على التيار الوطني الحر في بيروت المساعدة بتأمين مواد غذائية للمحتاجين، الا أن التيار رفض هذه المساعدات، رغم أن آلاف المساعدات التي تم توزيعها حملت أعلام دول الكويت والسعودية والإمارات وغيرها لم تشكل أي حرج لأي جهة سياسية كانت!
منذ انفجار المرفأ، يتداول السياسيون وبعض المسؤولين مبلغ 10 مليارات دولار غير مبنية على أي إحصاءات أو أسس واقعية. ومن المثير للتعجب عدم وجود رقم رسمي لدى أي مسؤول في الدولة اللبنانية حول هذه المسألة.
المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية