مسؤوليات جديدة تنتظر حكومة حسان دياب في ملف ترسيم الحدود البحرية مع "إسرائيل"

أخبار لبنان

مسؤوليات جديدة تنتظر حكومة حسان دياب في ملف ترسيم الحدود البحرية مع "إسرائيل"

3 شباط 2021 08:08

تشير مصادر مطلعة على ملف ترسيم الحدود بين لبنان و"إسرائيل" أنه يتعين على الدولة اللبنانية، قبل حزيران المقبل، أن تبت أمر تعديل المرسوم 6433 (الصادر عام 2011) لناحية حدود المنطقة البحرية، وتضمينه 1430 كيلومتراً مربعاً إضافياً جنوبي النقطة 23 القريبة من الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، وإبلاغ الأمم المتحدة بذلك.

وكشفت المصادر مدى الإهمال الذي تلقاه هذا الملف على مدار 10 سنوات سابقة دون أي اعتبار لقوة هذه الورقة بيد لبنان بما يتعلق بمصيرية الملف بالنسبة للطرفين. 

وبعد الأحداث الجديدة التي طرأت على الملف بكف يد الجانب الأمريكي وساطته فضلا عن إنسحاب الطرف "الإسرائيلي" من جوللت التفاوض غير المباشرة بعدما طرح لبنان خطاً جديداً للتفاوض (خط 29)، مبنياً على أسس قانونية تؤكّد حقه بمساحة 1430 كيلومتراً مربعاً، تُضاف إلى مساحة الـ 860 كيلومتراً المتنازع عليها (المساحة بين الخط 1 ــــ وهو الخط الإسرائيلي، والخط 23، أي الخط اللبناني المُعلن).


 خريطة الحدود اللبنانية البحرية مع إسرائيل

صحيفة الأخبار وفي عددها اليوم وضعت ثقل هذا الملف الأكبر على عاتق حكومة الرئيس حسان دياب التي لها وحدها صلاحية تدعيم الموقف، وفق ما تقول مصادر رفيعة المستوى، مُختصِرة الأمر بإصدار مرسوم جديد يعدّل المرسوم 6433 الذي يحدد المنطقة البحرية، وتضمينه 1430 كيلومتراً إضافياً جنوبي النقطة 23، وإبلاغ الأمم المتحدة بذلك عملاً بالمادة 74 من قانون البحار. هذا الاقتراح لا يزال محط خلاف، إذ لا يؤيده رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما الرئيس دياب يشترط إجماعاً داخلياً عليه لعقد جلسة لمجلس الوزراء.

تساؤلات كثيرة تحيط بالملف كان أهمها هل يصحّ وضع سقف حدودي يُعطي لبنان في البحر نصف حقل «كاريش» الذي بدأ العدو التنقيب فيه عن الغاز؟ وكيف سيكون موقف لبنان فيما لو اضطر لاحقاً الى القبول بأقل من 2290 كيلومتراً مربعاً على طاولة المفاوضات؟ وهل يُعدّ ذلك تنازلاً عن حقوقه في البحر؟ لماذا لم يُعلَن عن هذا الخط سابقاً خلال التفاوض على اتفاق الإطار؟ لماذا لم يؤخذ بالدراسات التي أعدّها الجيش منذ سنوات، ولا بالتقارير والمراسلات التي وصلت الى وزارة الأشغال والحكومة؟ وما الذي منع لبنان من تعديل المرسوم قبل الذهاب الى مفاوضات الناقورة؟

كل هذه الأسئلة وأكثر، تبدأ إجابتها من معلومات تؤكد أن الجيش اللبناني، وقبل الانطلاق الى المفاوضات، كان يرفض من الأساس التفاوض على المساحة المتنازع عليها حصراً، لأن ذلك سيُعطي لبنان أقل من 860 كيلومتراً مربعاً. وعليه، أصدرت مديرية التوجيه بياناً في 10 تشرين الأول الماضي، أعلنت فيه أن «قائد الجيش أعطى التوجيهات الأساسية لانطلاق عملية التفاوض بهدف ترسيم الحدود البحرية على أساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً والممتد بحراً تبعاً لتقنية خط الوسط دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة، استناداً إلى دراسة أعدّتها قيادة الجيش وفقاً للقوانين الدولية».

وفي دراسة قدمها الخبير جون براون، من مكتب الهيدروغرافيا البريطاني (UKHO) قبل صدور القانون 163 (قانون تحديد وإعلان المناطق البحرية للجمهورية اللبنانية الصادر عام 2011)، وأوضح فيها أن بإمكان لبنان اعتماد خيارين جنوبي النقطة (23) من خلال إعطاء صخرة «تخيليت» نصف تأثير أو عدم احتسابها كلياً، وهذه الدراسة تُمكّن لبنان من كسب حوالى 1400 كيلومتر مربع إضافي. ولا بد من الإشارة إلى أن ما يسمّيه العدو جزيرة «تخيليت»، ليس سوى نتوء صخريّ.

وتقول معلومات «الأخبار»، أنه في الأصل كان الأميركيون في جو التحضير لإصدار مرسوم جديد بدأ قبل ستة أشهر من إعلان اتفاق الإطار، إذ كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يريد عرضه من خارج جدول الأعمال، على جلسة لمجلس الوزراء في 21 تموز 2020، وهو ما لم يحصل لغياب التوافق حوله. وبما أن المرسوم الجديد لم يصدُر، كان الظنّ بأن لبنان ذاهب الى التفاوض وفق المرسوم الرقم 6433 بالخط (23).

وبحسب المعلومات، طرح الوفد اللبناني المفاوض الخط 29 في جولة التفاوض الثانية. وقد ردّ الوسيط الأميركي خلال الجلسة بالقول: «نعلم بأن لديكم خطاً واحداً (الخط 23) وهو المودع في الأمم المتحدة، كما لدى «إسرائيل» الخط 1، ونحنُ هنا للتفاوض على المساحة الواقعة بينهما (860 كيلومتراً)». في الجولتين الثالثة والرابعة، قدّم الوفد اللبناني خرائط تؤكد أن الخط 29 هو الخط الصحيح، وذلك استناداً إلى دراسة المكتب البريطاني واتفاقية جنيف واتفاقية قانون البحار وأحكام محاكم القانون الدولي، بما يضرب أسس الخطين 1و23. وأكد الوفد اللبناني أنه جاهز للتفاوض انطلاقاً من الطرح الجديد.

في الجولة الأخيرة، قدّم الوفد اللبناني عرضاً لطرحه مجدداً، مشدداً على أن الاتفاقيات المذكورة لا تعطي صخرة «تيخيليت» أي تأثير، متوجهاً الى الوسيط الأميركي بالقول: «إذا كان لديكم ما يؤكد احتساب تأثير الجزر فتقدموا به»، لكن حجة الجانب الإسرائيلي ركنت الى الحدود شمالاً مع سوريا وبأن الجزر الموجودة هناك جرى احتسابها «علماً بأن الوضع مختلف تماماً، لأن الجزر اللبنانية الشمالية مستثمرة سياحياً، ومساحتها تفوق مساحة «تيخيليت» بأضعاف، فيما جزيرة أرواد السورية جزيرة مأهولة. اما «تيخيليت»، فليست سوى صخرة تغمرها الأمواج عند هبوب الرياح».

وتحدثت (صحيفة «إسرائيل هايوم»)، عن أن الردّ الإسرائيلي على الطرح اللبناني سيكون بتقديم خط جديد للترسيم (الخط 310)، ما يعني تجاوز كل الخطوط السابقة التي حددها لبنان أو حدّدها العدو الى الداخل اللبناني، وذلك بعدما كان النقاش محصوراً بين خطّي النقطتين 1 و23 (حيث مساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً). والخط الجديد الذي لوّح به العدو يصل إلى ما بعد المنطقة المواجهة لمدينة صيدا شمالاً. وعليه جرى تجميد التفاوض، وتبعه ضغط أميركي على لبنان تولّته السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا للعودة الى الخط 23، وهو ما رفضه لبنان.

هذه الوقائع تكشف بأن الحديث عن تعديل المرسوم بدأ خلال جلسة للجنة الطاقة والمياه في حزيران عام 2011، وكان يرأسها حينذاك النائب السابق محمد قباني. في تلك الجلسة، عرض الوزير طارق المجذوب (كان قاضياً في مجلس شورى الدولة) تقرير المكتب البريطاني الذي يؤكد ضرورة التعديل، لكن كلامه لم يؤخذ به، وصدر المرسوم الرقم 6433 (الخط 23).

تؤكد مصادر أن لبنان بحاجة الى ورقة قوية في يده للضغط على الطرف الآخر. فتعديل المرسوم «يعني إلزام لبنان نفسه رسمياً بالخط 29، وإلزام الآخرين به بعد إيداعه في الأمم المتحدة». كما أن التعديل يؤكد وجود موقفٍ لبناني موحد، إذ «حاول الأميركيون في المرحلة السابقة اللعب على الانقسام وإشاعة معلومات تارة تقول بأن اقتراح التعديل هو طرح أميركي حتى ترفضه أطراف محددة، وتارة أخرى بأنه طرح إيراني يهدف الى نسف المفاوضات»! أما الهدف الأهم من هذا التعديل وفق المصادر، فهو «الضغط على الإسرائيليين للعودة الى المفاوضات». 

وفي حال حصل التعديل للمرسوم فعلا يتسائل مراقبون عن موقف لبنان تقول المصادر إن هذه النظرية، أي وضع خط والتراجع عنه، ينسحب على البرّ، لأن الخطوط متفق عليها والحدود معترف فيها. لكن الخطوط في البحر يُعلنها كل طرف من جانبه، وفي النزاعات البحرية. ووفقاً للمادة 74 من قانون البحار، تطالب كل دولة بالحد الأقصى، للوصول الى اتفاق مشترك في ما بعد، ولا يُعدّ ذلِك تنازلاً.

المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية