علوم

الآثار المترتبة على جسم الانسان بفعل البقاء في الفضاء

24 تشرين الأول 2019 11:43

مع اقتراب عودة البشر إلى القمر، ووضع قدمنا ​​على سطح المريخ، واستعمار كواكب أخرى في نهاية المطاف، فإن أحد أكبر الأسئلة التي لا نزال نواجهها هو استكشاف ما قد يحدثه التعرض الطويل للفضاء لجسم الإنسان.

مع اقتراب عودة البشر إلى القمر، ووضع قدمنا ​​على سطح المريخ، واستعمار كواكب أخرى في نهاية المطاف، فإن أحد أكبر الأسئلة التي لا نزال نواجهها هو استكشاف ما قد يحدثه التعرض الطويل للفضاء لجسم الإنسان.

إنه لمن المثير للدهشة أننا لا نعرف سوى القليل عن الآثار الطويلة الأجل للإشعاع الفضائي على أجسادنا، ولكن هناك سبب وجيه لذلك، فنحن لم نذهب إلى الفضاء السحيق سوى بضع مرات يمكن عدها على أصابع اليدين.

ففي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كان هناك العديد من بعثات ناسا المأهولة من وإلى القمر، وذلك بعد انتهاء مهمة أبولو في عام 1972، وفي السنوات التي تلت ذلك، كنا عالقين بالقرب من كوكب الأرض ولم نبتعد كثيراً.

ليس من السهل تكرار التجربة

كما من الصعب أن تعكس الفترات الطويلة من التعرض للإشعاع الفضائي المعلومات الضرورية لفهم كيفية تأثيرها علينا، فعلى سبيل المثال، لمهمة تستمر لمدة شهر إلى المريخ، تستغرق فترة الذهاب إلى المريخ ستة أشهر على الأقل؛ في حين استغرقت أطول مهمة قمرية 12.5 يوماً فقط.

وقال غيوم ويتز، رئيس فريق دعم طب الفضاء والإدارة في وكالة الفضاء الأوروبية، لمجلة Popular Mechanics: "لا يزال لدينا مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين سافروا في الفضاء لفترة طويلة بما فيه الكفاية حتى نتمكن من رؤية بعض الآثار الحقيقية على أجسامهم ودراستها".

وهذا لا يعني أنه لا توجد بيانات من مهام أبولو، واقترحت إحدى الدراسات أن رواد الفضاء الذين شاركوا في مهمة أبولو واجهوا مشاكل قلبية فريدة بناءً على مدى تعرضهم لإشعاع الفضاء السحيق.

ولكن بالنظر إلى التعرض القصير لإشعاع الفضاء السحيق على عكس التعرض لإشعاع الفضاء القريب من الأرض، مثل الإقامة المطولة في محطة الفضاء الدولية (ISS)، واضطر العلماء إلى اللجوء إلى وسائل أخرى لدراسة ما يحدث خارج الأرض.

لما يعتبر الفضاء السحيق شيئاً مهماً؟

قامت ناسا بنقل أكثر من 230 مهمة فضائية مأهولة حتى الآن، ويشمل هذا كلاً من الرحلات التجريبية لناسا ورحلات محطة الفضاء الدولية باستخدام مركبات سايوز الروسية، وكان إحدى عشرة من تلك البعثات خاصة بمهمة أبولو، وكما ذُكر، هبطت تسع بعثات فقط من مهمة أبولو على سطح القمر، وهكذا، فإن 4 % من المهمات الفضائية، التي تعطي أو تأخذ بعض المنازل العشرية، وذهبت بالفعل إلى الفضاء السحيق، والفارق بين الفضاء القريب من الأرض والفضاء العميق كبير للغاية في جميع المعايير.

فلا يتمتع رواد الفضاء في المحطة الفضائية الدولية بنفس القدر من الحماية من تأثيرات الإشعاع الفضائي مثلما يحدث على الأرض، لكنه لا يزال جيداً في وجود المجال المغناطيسي لكوكبنا، حيث يحجب الإشعاع الأكثر ضرراً، وهذا يترك مساحةً قريبة من الأرض كبيئة منخفضة المخاطر نسبياً.

ولكن بمجرد تجاوز التأثير الوقائي للأرض، والذي يدعمه المجال المغناطيسي للكوكب، فإن الإشعاع الفضائي يصبح متشبعاً بالأشعة العليا والكونية التي يتم تجريدها من جزيئات الشحن المتبقية من انفجارات المستعرات الأعظم في كل مكان من الفضاء.  

وأفاد بعض رواد فضاء من مهمة أبولو أنهم شاهدوا وميضاً قوياً من الضوء وأنهم أغلقوا عيونهم من شدته، وأنهم يرجحون بأنها كانت الأشعة الكونية بلا شك.

كما أن هناك إشعاعاتٍ مشحونة للغاية أيضاً، مثل أشعة جاما وأشعة دلتا التي تجوب الفضاء.

وقال ويتز: "ما يمكننا قياسه على متن محطة الفضاء الدولية ليس مشابهاً حتى بما قد نراه في الفضاء السحيق، فإذا استطعنا الذهاب إلى القمر، وإذا استطعنا الذهاب إلى ما بعد المدار القمري، فإن ذلك سيمنحنا بالفعل بيئةً أفضل بكثير لاختبار الإشعاع، ومعرفة تأثيراته على أجسادنا".

ما الذي نعرفه في الوقت الراهن؟

في حين أن محطة الفضاء الدولية قد لا تكون كافيةً لاختبار آثار التعرض للإشعاع، إلا أنها لا تزال بيئةً متوفرةً ومناسبة لقدرتها على معرفة كيفية استجابة الجسم لعامل الجاذبية المنخفضة، وهو عامل مهم عند التفكير في رحلة فضائية طويلة الأمد.

بينما يقضي العديد من رواد الفضاء أسبوعاً أو نحو ذلك في الفضاء، إلا أن القليل منهم قضوا وقتاً أطول بكثير.

واختتمت رائدة الفضاء بيغي وايتسون 289 يوماً في الفضاء في عام 2017، بينما قضى سكوت كيلي رقماً قياسياً في البقاء في الفضاء، والذي سجل 340 يوماً.

وكانت تجربة قضاء سنة في الفضاء التي قام بها كيلي شاذةً علمياً، وذلك نظراً لوجود العديد من العوامل الضابطة الأخرى التي لا تتناسب مع التجربة.

لدى سكوت كيلي توأم يدعى مارك كيلي وهو رائد فضاء أيضاً، وتلقى الكثير من التدريب الذي قام به شقيقه، وقبل التجربة، أمضيا كلاهما أسابيع عديدة في الفضاء، على الرغم من أن سكوت كان لديه مدةٌ إجمالية أطول بـ 54 يوماً مقارنة لماركن فإذا بقي مارك على الأرض بينما كان سكوت في الفضاء، وبإمكانهم أن يروا الآثار المترتبة على الفضاء على جسم الإنسان، حيث سكون التباين طبيعياً وواضحاً بشكل أكبر حينها.

واشتهرت هذه الدراسة باسم دراسة التوائم التي أجرتها ناسا، وبعد الفحص الشامل، أفادت ناسا أن هناك بعض الاختلافات الرئيسية بين التوأمين بعد الرحلة دون أن توضح تلك الاختلافات.