يجد الكثيرون الراحة من خلال تناول بعض الأدوية والعقاقير الطبية، ولكن بالنسبة لثلث مرضى الصرع تقريباً، لا توقف الأدوية الاضطرابات والنوبات التي يمكن أن تتراوح من كونها بالكاد ملحوظة إلى نوبات مؤلمة ومهلكة للغاية.
فإذا لم تساعد العقاقير الطبية في تخفيف نوبات الصرع، هل يمكن أن تكون الموسيقى هي الحل؟
وجد باحثون من جامعة بيزا الإيطالية أن الاستماع إلى موسيقى موزارت قد يوفر علاجاً علمياً وغير جراحي لأولئك الذين يعانون من اضطرابات النوبات (الصرع).
وأوضحوا أن مفهوم كون الموسيقى ذات آثار جانبية مفيدة على الصحة العقلية قد بدأ بملاحظة العديد من نتائج دراسة "تأثير موزارت" في فترة التسعينيات.
نوبات الصرع
ومع ذلك، كانت العديد من الدراسات منذ ذلك الحين صغيرة للغاية أو غير علمية، مما جعلها لا تعطي الفكرة الكثير من المصداقية بين الأطباء والخبراء الصحيين والنفسيين.
ووفقاً للمؤلف المشارك في الدراسة وباحث الأمراض العصبية في جامعة بيزا، الدكتور جيانلوكا سيسو: "هذه ليست الدراسة الأولى من نوعها لتأثير موسيقى موزارت على نوبات الصرع، ولكن كان هناك تدفقا للأبحاث الجديدة خلال السنوات القليلة الماضية، لذلك حان الوقت للتراجع والنظر إلى الصورة العامة للفكرة من جديد".
وقام الباحثون خلال الدراسة بتحليل 147 نتيجة بحثية لاستخراج التقارير الأكثر صلة والأعلى جودة المرتبطة بالموضوع. واستخدموا طرقاً معتمدة علمياً لتحليل العلاجات السريرية في العديد من الأعمال المنشورة، مشيرين إلى أنهم حاولوا تقليص عدد تلك الأبحاث لتقتصر على أفضلها على الإطلاق.
بعد ذلك، قام الفريق بتقسيم عشرات الأوراق البحثية إلى تسع مجموعات تمثل أعلى مستوى من الدراسات العلمية المتاحة حول استخدام موسيقى موزارت كعلاج للصرع ونوباته.
• التغيير الذي تسببه موسيقى موزارت على موجات الدماغ
أثبت التحليل التلوي الذي قام به الباحثين أن التراكيب الكلاسيكية الغنية لمؤلف الموسيقى النمساوي الشهير، فولفغانغ أماديوس موزارت، يمكنها تغيير موجات الدماغ البشري بالفعل، واكتشف الباحثون أن الاستماع إلى موسيقاه، خاصة على أساس يومي، أدى إلى التقليل من نوبات الصرع بمعدل يتراوح بين 31 و66 %.
بالإضافة إلى ذلك، أدى الاستماع إلى موسيقى موزارت إلى تقليل تواتر الإفرازات الصرعية بين النشبات، وهي تلك النتوءات والموجات التي تحدث بين النوبات والاضطرابات لدى الأشخاص المصابين بالصرع، والتي يمكن أن تسبب ضعفاً إدراكياً أو عصبياً قصير المدى.
ويقول الدكتور سيسو: "نحن بحاجة إلى أن نكون منفتحين على العلاجات الأخرى، لكن الشيء المهم هو أن هذه العلاجات يمكن اختبارها وإثبات فعاليتها، وهذا ما أظهرته دراستنا بشكل واضح".
وتجدر الإشارة إلى أن دراسات تأثير موسيقى موزارت الأولية اعتمدت على مقطوعة موزارت "Sonata for Two Pianos in D major K.488"، كما ويبدو أن مقطوعة " Piano Sonata Number 16 in C major، K.545" فعال أيضاً.
يضيف الدكتور سيسو: "تتمتع جميع الثقافات بالموسيقى، لذا من الواضح أنها تلبي بعض الاحتياجات النفسية، وعلى الرغم من أن آليات تأثير موسيقى موزارت غير مفهومة جيدا بعد، إلا أنه من الواضح أن الموسيقى الأخرى قد يكون لها تأثيرات مماثلة، ولكن ربما يكون لسمفونيات ومقطوعات موزارت هياكل إيقاعية مميزة مناسبة بشكل خاص للتأثير على اضطرابات ونوبات الصرع".
بالإضافة إلى ذلك، أشار المؤلفين إلى أنه في حين أن تأثير الموسيقى قد يشمل مناطق متعددة من الدماغ، فإنهم سيحتاجون إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد الآليات الكامنة وراء هذه التأثيرات.