بثت القناة الفرنسية M6 في السابع من الشهر الجاري تقرير مثير للاهتمام على برنامج "Exclusive Investigation"، وكان يتمحور حول عودة مقاتلي تنظيم داعش النشطين إلى أراضي الاتحاد الأوروبي وانتشارهم في أنحاء منطقة "شنغن".
وأشار التقرير أنه وبعد هزيمة تنظيم "داعش" على يد قوات التحالف الدولي، تمكن حوالي 500 من أعضاء داعش (اللوجستيين، المجندين والممولين) من الفرار من تركيا وسوريا والعراق، حيث عبروا الحدود واستقروا بشكل سري في فرنسا وألمانيا بشكل خاص.
واليوم، يعيش بعض أعضاء داعش هؤلاء حياة هادئة في ألمانيا بعد توقيف قصير في مركز الشرطة، وذلك حسب التقرير التي أكد أنهم يعيشون ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي قدر الإمكان، لكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن سجلاتهم الجنائية لا يبدو أنها تثير بعض الفضول من جانب الشرطة الألمانية، على الرغم من الأدلة الدامغة المدينة لهم، ولا يزال ينظر إليهم على أنهم أناس عاديون ومهاجرين مسالمين.
الحياة الجديدة للدواعش في ألمانيا بعيداً عن المتابعة
• الحياة الهادئة
وقدم التقرير بعض الحالات الموثقة جيداً، والتي لا تترك مجالا للشك في تاريخ أعضاء داعش المتعطشين للدماء، دعونا نتأمل هنا المثال المتطرف لسمير، وهو رجل لم يكن مغرماً باللعب برؤوس ضحاياه فحسب، بل وكان يمتدح مآثره الدموية التي قام بتصويرها بعناية أيضا وبصوت عالٍ.
ولكن ما الذي حدث له الآن؟ إنه يعيش في لاندر بالقرب من فرنسا، وفي وقت إعداد التقرير، كان على وشك الحصول على رخصة قيادة لشاحنته الثقيلة، الأمر الذي قد يجل المرء يتساءل، لماذا اختار هذا النوع من رخصة القيادة على وجه التحديد في حين أن الألمان لم ينسوا بعد تفجير سوق عيد الميلاد في برلين الذي حدث في شهر ديسمبر من عام 2016؟
تفجير سوق عيد الميلاد في برلين
وينوه التقرير، دعونا لا ننسى أن التونسي أنيس العمري كان يقود شاحنة ثقيلة وقتل اثني عشر شخصا من جنسيات مختلفة وخلف أكثر من خمسين شخصا بجروح خطيرة، ومع ذلك، كانت المخابرات الألمانية قد تلقت معلومات محددة من المغرب عن الرجل قبل أربعة أشهر، ولكن تم تجاهل هذه المعلومات للأسف.
كما وكشف التقرير عن قضية ماجد الذي خدم فيما يسميه تنظيم الدولة بوزارة المالية، والذي يعيش حالياً حياة خالية من الإجهاد في منطقة الرور الألمانية، حيث يعيش حياة مريحة بفضل أسطول كبير من سيارات الأجرة الفاخرة وصالون تدليك "حلال" يمتلكه، وتم تمويل كلا المشروعين الذين يملكهما من خلال المكاسب التي حققها من تدفقات التحويلات المالية إلى تركيا، والتي أدارها لصالح أمراء تنظيم داعش الإرهابي أثناء عمله معهم.
وبحسب التقرير، تماماً مثل سمير، لم يظهر ماجد القلق على الرغم من الأدلة الدامغة التي قُدمت للسلطات الألمانية حول علاقته المثبتة بقيادة تنظيم داعش، وبالإضافة إلى ذلك، يستفيد كلاهما من حماية نفس السلطات، السلطات الألمانية.
• اللعبة الألمانية
مع ذلك، لا يسع المرء إلا أن يطرح الأسئلة التالية: هل السلطات الألمانية عمياء؟، هل أبرموا صفقات مع الإرهابيين لضمان عدم قيامهم بأعمال إرهابية في بلادهم؟ هل جندوا هؤلاء الإرهابيين بعد أن غفروا لهم تاريخهم الإجرامي؟
إن كان الأمر كما هو الحال في الحالة الأخيرة، هل يعلم الألمان أن الإسلاميين لا يتخلون أبدا عن معتقداتهم وأن بإمكانهم إظهار الطاعة حتى يحققوا هدفهم النهائي المتمثل في إقامة الخلافة الإسلامية؟
ومع ذلك، تعلم المخابرات الألمانية أن خلية هامبورغ هي التي تصورت هجمات 11 سبتمبر في ألمانيا. وفي الحقيقة، يتناقض موقف ألمانيا مع الرغبة الأوروبية في مكافحة الإرهاب بشكل فعال.
وفي الواقع، بالنسبة لمجلس أوروبا، إن الإرهاب هو تهديد حقيقي للديمقراطية وسيادة القانون والتمتع بحقوق الإنسان.
وتم إنشاء لجنة لهذا الغرض، والتي تتمثل مهمتها في مراقبة وضمان التنفيذ السليم للصكوك القانونية لمجلس أوروبا، مع تزويد الخبراء الدوليين بأداة لتحليل التطورات في مجال مكافحة الإرهاب، وتمكين للاستجابة لهذه التطورات، بما في ذلك من خلال إدخال المعايير الدولية.
أما خارج أوروبا، فقد تضررت العديد من الدول مثل المغرب من هذا الرضا عن الإرهابيين، وبالمناسبة، قدمت ألمانيا الطعام والمأوى لشخص محكوم عليه في المغرب لأعمال مرتبطة بالإرهاب، ومن ملاذه الآمن، يواصل الأخير دعوات الجهاد والقيام بالأعمال الإرهابية الدموية عبر شبكات التواصل الاجتماعي دون قلق من السلطات الألمانية، فقد نفذ أنشطته مع الإفلات التام من العقاب.
المصدر: صحيفة جيروزاليم بوست