أخبار

كارلوس غصن يروي قصة هروبه المثيرة للجدل من اليابان لأول مرة

14 تموز 2021 19:10

لطالما التزم رئيس شركة نيسان السابق كارلوس غصن الصمت حول تفاصيل عملية هروبه المثير للجدل وغير القانوني من اليابان إلى لبنان عبر تركيا، بعد تعرضه للاتهام بارتكاب مخالفات مالية، اعتبرها مؤامرة منظمة ضده، واتهام مواطنين أمريكيين في مساعدته على تنفيذ عملية الهروب.

إلا أن غصن قد كسر حاجز الصمت في مقابلة حصرية لبي بي سي، ويعترف بالقول "يا لها من إثارة، أخيرا سأتمكن من سرد القصة".

وذكر موقع بي بي سي، بأن القبض على غصن جرى في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018 بعد اتهام شركة نيسان له بتقليل راتبه السنوي وسوء استخدام أموال الشركة، وهو اتهام ينفيه، وكان حينها رئيس مجلس إدارة شركة صناعة السيارات اليابانية، وكان يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة شركة رينو الفرنسية ورئيس تحالف ثلاثي بين شركات صناعة السيارات و"ميتسوبيشي".

حيث كان قراره بتخفيض التكاليف في شركة نيسان، الذي كان مثار جدل في البداية، بمثابة خطوة يبدو أنها أنقذت شركة صناعة السيارات، وأصبح شخصية محترمة ومعروفة للغاية، بيد أنه يصر على أنه تعرض لـ "أضرار جانبية" في معركة ضد النفوذ المتزايد لشركة "رينو" التي لا تزال تستحوذ على 43 في المئة من الشركة اليابانية.

يصف غصن لحظة اعتقاله في مطار طوكيو قبل ثلاث سنوات قائلا: "بدا الأمر كما لو أن حافلة صدمتك أو حدث لك شيء مؤلم للغاية"، مؤكداً أن الذكرى الوحيدة التي يحملها عن هذه اللحظة هي الصدمة والصدمة الشديدة.

تم نقل غصن إلى مركز احتجاز في طوكيو، وهناك استلم ملابس السجن وحُبس في زنزانة، ويقول: "فجأة أصبح يتعين عليّ أن أتعلم كيف أعيش بدون ساعة، بدون جهاز كمبيوتر، بدون هاتف، بدون أخبار، بدون قلم، بدون أي شيء".

ويضيف الموقع، بأن غصن قضى على مدار أكثر من عام، فترات طويلة في الحبس أو رهن الإقامة الجبرية في طوكيو بعد الإفراج عنه بكفالة.

لم يكن واضحا متى سيمثُل للمحاكمة، كان الخوف هو أن يستغرق الأمر سنوات، ويواجه غصن عقوبة السجن لمدة 15 عاما أخرى في حالة إدانته، في بلد يصل فيه معدل أحكام الإدانة إلى 99.4 في المئة، فتم وضع خطة الهروب، خلال فترة الإقامة الجبرية بعد إخبار غصن بأنه لم يعد بإمكانه الاتصال بزوجته كارول.

وأوضح غصن بأن الخطة تقضي منه إخفاء وجهه، والاختباء في مكان ما إما في صندوق أو داخل حقيبة أمتعة، فكانت فكرة استخدام صندوق كبير يحتوي عادة على آلات موسيقية أكثر منطقية، خصوصا أنه في ذلك الوقت كانت تُنظم في اليابان الكثير من الحفلات الموسيقية.

وكانت الخطة أن يتصرف غصن بشكل طبيعي، فيجب أن يكون يوما عاديا، يمشي بشكل طبيعي بملابس عادية، وسلوك طبيعي، على أن يتغير كل شيء فجأة، كي يتسنى لشخص مشهور جدا، أصبح الآن سيء السمعة في اليابان الانتقال من منزله في العاصمة والذهاب إلى المطار ثم الهرب.

وأوضح غصن بأنه يجب أن يغير ما اعتاد أن يرتديه من البدلات لسنوات بشيء آخر غير رسمي إلى حد ما، ففكر في ارتداء الجينز والأحذية الرياضية، لضمان أقصى احتمال لتحقيق النجاح، مع عدم لفت الانتباه لشخصك على الإطلاق.

ويذكر الموقع أن غصن سافر من طوكيو إلى أوساكا بالقطار السريع، حيث كانت طائرة خاصة تنتظره في مطار محلي للمغادرة. لكن أولا، الصندوق في انتظار غصن في فندق قريب، ويقول غصن عن هذه اللحظات "عندما تدخل الصندوق، لا تفكر في الماضي، ولا تفكر في المستقبل، بل فكر فقط في اللحظة التي تعيشها"، ويضيف "لست خائفا، لا توجد عاطفة باستثناء التركيز الكبير على أن هذه هي فرصتك، لا يمكن إضاعتها، فإن ضاعت، ستدفع مقابلها حياتك، حياة العيش رهينة في اليابان".

وتم نقل غصن من الفندق إلى المطار بواسطة رجلين، الأب والابن مايكل وبيتر تايلور، كانا ينتحلان صفة موسيقيين، ويعتقد غصن عموما أنه ظل داخل الصندوق لمدة ساعة ونصف تقريبا، على الرغم من أن الأمر بدا وكأنه استمر لمدة "عام ونصف".

ففي ليلة باردة من ليالي شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2019، وفي الساعة 10:30 مساء، كان كارلوس غصن، أحد العمالقة السابقين في قطاع صناعة السيارات العالمية، ممددا داخل صندوق على متن طائرة في انتظار الفرار من اليابان.

يتذكر غصن: "كان من المقرر إقلاع الطائرة في الساعة 11 مساء"، ويضيف: "30 دقيقة من الانتظار داخل صندوق على متن الطائرة، استعدادا لإقلاعها، ربما كانت أطول مدة انتظار حدثت في حياتي".

حيث أقلعت الطائرة الخاصة في الوقت المحدد، وحلّق غصن، الذي أصبح الآن حرا، في الليل، وقام بتبديل الطائرة في تركيا قبل أن يهبط في بيروت صباح اليوم التالي، التي سمحت لغصن في البقاء حتى الآن بسبب عدم وجود اتفاقية تسليم المجرمين بين لبنان واليابان.

المصدر: بي بي سي