موقع "آنتي وار" يحذر من تكرار حادثة خليج تونكين في خليج عمان

موقع

نشر الكاتب باتريك بوكانان على موقع "آنتي وار" مقالاً بحث فيه أبعاد حادثة ضرب ناقلة "ميرسر ستريت"، واستبعد أن تكون إيران منفذة الهجوم لأسباب عديدة ومهمة، وتوصل إلى نتيجة ترجح وجود جهة ثالثة افتعلت الهجوم لغايات دنيئة.

بدأ بوكانان المقال بذكر بعض النقاط عن الحادثة وما تلاها من ردود أفعال استغرب سرعتها:

قبل أسبوع، ضربت طائرة مسيرة الناقلة "ميرسر ستريت"، وهي ناقلة نفط يابانية تديرها شركة مقرها المملكة المتحدة يملكها الملياردير الإسرائيلي إيال عوفر، أثناء إبحارها في بحر العرب قبالة سواحل عمان، وقُتل حارس أمن بريطاني وأحد أفراد الطاقم الروماني.

ألقت بريطانيا والولايات المتحدة أصابع الاتهام على إيران على الفور، وبدأ الإسرائيليون يقرعون طبول الحرب.

ودعا وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، يوم الإثنين، إلى اتخاذ إجراء ضد إيران "حالاً".

وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت يوم الثلاثاء من أن إسرائيل قد "تتحرك بمفردها". قال بينيت: "لا يمكنهم الجلوس بهدوء في طهران بينما يشعلون الشرق الأوسط بأكمله - لقد انتهى ذلك". "نحن نعمل على تجنيد العالم كله ، ولكن عندما يحين الوقت ، نعرف كيف نتصرف بمفردنا."

وصعد غانتس الأمر يوم الأربعاء بالقول "الآن وقت الأعمال، فالكلمات لا تكفي.. حان وقت الأعمال الدبلوماسية والاقتصادية وحتى العسكرية، وإلا فإن الهجمات ستستمر."

ويوم الخميس، تمادى غانتس أكثر من ذلك بأن قال: "إسرائيل مستعدة لمهاجمة إيران، أجل.. وصلنا إلى مرحلة نحتاج فيها إلى القيام بعمل عسكري بحق إيران، وينبغي على العالم اتخاذ إجراءات ضد إيران حالاً".

وذكر بوكانان الموقف الأمريكي، وتناقضاته، فأشار إلى أن وزير الخارجية أنطوني بلينكين قال "إننا واثقون من أن إيران وراء هذا الهجوم، ونعمل مع شركائنا للنظر في خطواتنا التالية، ونتشاور مع الحكومات داخل المنطقة وخارجها لبحث استجابة مناسبة، والتي ستأتي قريباً".

لكن إيران نفت مراراً أنها أمرت بالهجوم.

المحير في الهجوم هو توقيته، إذ حدث قبل أيام فقط من تنصيب الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي، المنتخب حديثاً.

وتساءل الكاتب: هل أمر رئيسي بشن هجوم استفزازي على سفينة تديرها إسرائيل، قبل أيام فقط من توليه منصبه، مع أن أولويته القصوى هي رفع عقوبات "الضغط الأقصى" التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب على بلاده؟ ولماذا؟!

هل سيخاطر رئيسي بهدفه الدبلوماسي الرئيسي، لمجرد تصفية الحسابات مع إسرائيل رداً على بعض الضربات الخفيفة السابقة في الحرب المتبادلة التي انخرطت فيها إيران وإسرائيل منذ سنوات؟ السؤال مرة أخرى، لماذا؟

وإن لم يكن رئيسي، فهل كان الرئيس المنتهية ولايته، المعتدل حسن روحاني، قد أمر بهذا الهجوم في آخر ساعاته في منصبه، ويخاطر بإشعال حرب مع إسرائيل والولايات المتحدة، حرب لن تستطع بلاده الفوز بها؟

وهل من الممكن أن يكون الهجوم من عمل عناصر متمردة في الحرس الجمهوري الإيراني؟ إذ زعم غانتس ووزير الخارجية يائير لابيد أن سعيد آرا جاني، رئيس إدارة الطائرات المسيرة في الحرس الثوري الإيراني، "هو المسؤول شخصياً عن الهجمات الإرهابية في خليج عمان".

أم كان هذا مجرد رد فعل إيراني انتقامي على الهجمات الإسرائيلية؟

وحاول بوكانان إيجاد إجابات عن هذه التساؤلات، فقال: لطالما دارت بين إسرائيل وإيران حرب ظل، فإيران تدعم حماس في غزة، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والميليشيات الشيعية في سوريا والعراق.

وإسرائيل هي التي بادرت بالهجمات، وردت أحياناً، من خلال شن ضربات على الميليشيات المدعومة من إيران في لبنان وسوريا والعراق، ومن خلال تخريب برنامج إيران النووي واغتيال علمائها النوويين.

لكن بمعزل عمن يقف وراء الهجوم في خليج عمان، وأيّاً كان الدافع السياسي، لم تكن الولايات المتحدة هي الهدف، ولا ينبغي للولايات المتحدة أن تلجأ إلى الرد العسكري على ضربة بطائرة مسيرة لم تكن موجهة إليها.

لم يكلفها أحد بمهمة حفظ الأمن في الشرق الأوسط، ولم تزدهر في هذين العقدين الأخيرين بسبب تفويضها نفسها للقيام بتلك المهمة.

ومع مغادرة أمريكا لأفغانستان وتحول القوات الأمريكية في العراق عن أي دور "قتالي"، الآن ليس الوقت المناسب لتتورط في حرب جديدة مع إيران.

وللتذكرة، وقع في آب/أغسطس قبل 57 عاماً حادث مشابه في خليج تونكين، ما دفع أمريكا إلى الانزلاق في حرب استمرت ثماني سنوات في فيتنام.

كان هدف الرئيس جو بايدن الدبلوماسي بشأن إيران، منذ توليه منصبه، هو إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب، وعرضت الولايات المتحدة رفع عقوبات ترامب مقابل إعادة قبول إيران لشروط صارمة على برنامجها النووي.

وأياً كان من شن الضربة بالطائرة المسيرة، فقد سعى إلى ضمان عدم إتمام صفقة جديدة بين الولايات المتحدة وإيران، وبقاء العقوبات الأمريكية سارية، وأن يبقى احتمال نشوب حرب بي الولايات المتحدة وإيران وارداً.

ولكن، مجدداً، لماذا تشن طهران مثل هذا الهجوم بطائرة مسيرة وتقتل طاقم سفينة تديرها إسرائيل، ثم تنكر ذلك بملء الفاه؟

منذ توليه منصبه، كشف بايدن عن نيته إخراج الولايات المتحدة من "الحروب الأبدية" في الشرق الأوسط، والتحول إلى الشرق الأقصى والصين. وبحلول نهاية هذا الشهر، ستخرج جميع القوات الأمريكية من أفغانستان، وستتغير وظيفة 2500 جندي أمريكي ما زالوا في العراق، ولن يصنفون كقوات قتالية.

وتوصل بوكانان في الختام إلى أن من يقف خلف هذا الهجوم على السفينة التي تديرها إسرائيل لا يريد تقليص احتمال نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران، بل يريد جعلها حقيقة واقعة، لذا على الولايات المتحدة ألا تدير لهم أذناً.

موقع آنتي وار