يمكن القول إن الوعي هو أهم موضوع علمي موجود، فبدون وعي، لن يكون هناك علم في النهاية، لكن بينما نعلم جميعاً كيف يكون الشعور بالوعي، بمعنى أن لدينا وعي شخصي ونستجيب للعالم من حولنا، فقد تبين أنه من شبه المستحيل شرح كيفية ظهوره بالضبط من أجهزة الدماغ، ويُطلق على هذه المشكلة اسم مشكلة الوعي "الصعبة."
كيفية حل المشكلات؟
حل المشكلة الصعبة هو مسألة فضول علمي كبير، لكن حتى الآن، لم نحل حتى المشكلات "السهلة" لشرح أنظمة الدماغ التي تؤدي إلى ظهور تجارب واعية بشكل عام، في البشر أو الحيوانات الأخرى، وهذا له أهمية سريرية كبيرة، حيث تعتبر اضطرابات الوعي نتيجة شائعة لإصابات الدماغ الشديدة وتشمل الغيبوبة مثلاً، كما نعاني جميعاً من فقدان مؤقت للوعي عند التخدير أثناء العملية.
وفي دراسة جديدة تبين أن نشاط الدماغ الواعي مرتبط بـ "مادة كيميائية متعلقة بالسعادة" في الدماغ، وهي الدوبامين.
دراسة جديدة تبين أن نشاط الدماغ الواعي مرتبط بـ "مادة كيميائية متعلقة بالسعادة"
الآليات العصبية التي تدعم اضطرابات الدماغ
وفي الحقيقة أن الآليات العصبية التي تدعم اضطرابات الوعي يصعب توصيفها مما يجعل من الصعب تشخيص هذه الحالات وعلاجها، وأثبت تصوير الدماغ أن شبكة من مناطق الدماغ المترابطة، والمعروفة باسم شبكة الوضع الافتراضي، تشارك في الوعي الذاتي، كما تبين أن هذه الشبكة تكون معطلة في التخدير وبعد تلف الدماغ الذي يسبب اضطرابات في الوعي، والأهم من ذلك، يبدو أنه مهم للتجربة الواعية.
ومع ذلك، قد يبدو أن بعض المرضى فاقدون للوعي في حين أنهم في الواقع ليسوا كذلك، ففي دراسة تاريخية في عام 2006 ، أظهر فريق من الباحثين أن امرأة تبلغ من العمر 23 عاماً، والتي عانت من صدمة شديدة في الدماغ وكان يُعتقد أنها في حالة غيبوبة بعد حادث مروري، كانت لديها علامات على الوعي، حيث طُلب من المريض تخيل لعب التنس أثناء فحص الدماغ ورأى العلماء أن مناطق الدماغ المشاركة في العمليات الحركية يتم تنشيطها استجابةً لذلك.
وبالمثل، عندما طُلب منها تخيل المشي في غرف منزلها، أصبحت مناطق الدماغ المشاركة في التنقل المكاني، مثل القشرة الجدارية الخلفية، نشطة، وكان نمط النشاط الذي أظهرته مشابهاً لنمط الأشخاص الأصحاء، واعتُبر أنها تتمتع بالوعي على الرغم من أن ذلك لم يكن ملحوظاً في التقييم السريري الكلاسيكي الذي لا يتضمن فحوصات الدماغ.
مادة كيميائية في الدماغ تشارك في الوعي: كيف نساعد هؤلاء الناس؟
ويعد الدماغ هو أكثر من مجرد تجمع مناطق مختلفة، حيث تعتمد خلايا الدماغ أيضاً على عدد من المواد الكيميائية للتواصل مع الخلايا الأخرى، مما يتيح عدداً من وظائف الدماغ، وقبل هذه الدراسة، كان هناك بالفعل بعض الأدلة على أن الدوبامين، المعروف جيداً بدوره في السعادة، يلعب أيضاً دوراً في اضطرابات الوعي.
وعلى سبيل المثال، أظهرت إحدى الدراسات أن إفراز الدوبامين في الدماغ ضعيف لدى المرضى الذين يعانون من الحد الأدنى من الوعي، وعلاوة على ذلك، أظهر عدد من الدراسات صغيرة النطاق أن وعي المرضى يمكن أن يتحسن من خلال إعطائهم أدوية تحتوي على الدوبامين.
مصدر الدوبامين في الدماغ
ويُطلق على مصدر الدوبامين في الدماغ اسم المنطقة السقيفية البطنية، ومن هذه المنطقة يتم إطلاق الدوبامين في معظم مناطق القشرة، كما ظهر أن وظيفة هذا المصدر للدوبامين في الدماغ تتعطل لدى المرضى الذين يعانون من اضطرابات في الوعي وكذلك لدى الأشخاص الأصحاء بعد إعطاء المخدر.
المصدر: الإندبندنت