أكد الباحث في شؤون الحدود والصراع واللاجئين السوريين في الشرق الأوسط، أرميناك توكماجيان، في مقال نشره مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط إن الأردن بدأ يتّخذ دوراً قيادياً في إنهاء عزلة سوريا بعد سنوات من اتباعه سياسة معاكسة.
واستدلل الباحث، بحسب وكالة "عمون" الأردنية، بتزايد التواصل بين الأردن وسوريا، وخصوصاً الاتصال الهاتفي غير المسبوق بين جلالة الملك عبد الله الثاني والرئيس السوري بشار الأسد، والذي يمثل تغيراً مهماً في سياسة الأردن تجاه سوريا، و"هذه السياسة جاءت على خلفية رغبة الولايات المتحدة الأمريكية الخروج من الشرق الأوسط".
ولفت إلى أن سياسة الأردن تجاه سوريا تعكس اقتناعاً متزايداً بين دول عربية معينة، إذ إن إعادة الانخراط مع بشار الأسد هو الأمر المفضل لحماية مصالحهم أكثر من الضغط السياسي أو انتظار تغير في السلوك السوري الذي لا يعلمون متى يحصل.
وأضاف: "بدأ التغير في سياسة الأردن تجاه سوريا في صيف 2018 عندما استعاد نظام بشار الأسد جنوب سوريا بمساعدة روسيا، حيث تم القضاء على المتمردين في جنوب سوريا وكان هذا الأمر محط دعم من قبل الأردن. بناء على هذا الأمر، حاول الأردن إعادة إحياء العلاقات الاقتصادية في ذلك الوقت مع سوريا، ولكن هذا الأمر واجه العديد من العقبات. أهم هذه العقبات كانت قرار الولايات المتحدة الأمريكية بعزل سوريا سياسياً واقتصادياً، حيث توقعت واشنطن أن حلفاءها سيحذون حذوها بما فيها الأردن. في الجهة الأخرى، لم يكن الأسد مهتماً بفتح العلاقات الاقتصادية إن لم يكن هذا الأمر مقروناً بتقارب سياسي".
وأوضح توكماجيان أن هذا الأمر تغير عندما دخلت سوريا بأزمة اقتصادية جراء انهيار الاقتصاد اللبناني، الذي يمثل الرئة الاقتصادية لسوريا. لكن الأسد بقي صامداً ولم يتصدع ولم يفعل شيئاً من أجل تسهيلات سياسية في سوريا.
وأكد "في ظل إصرار الأسد وأزمة سوريا الاقتصادية، أصبحت احتمالية سقوط النظام محتملاً ولكن هذا السيناريو والفوضى الذي سيخلقها في سوريا حفزت العديد من الدول العربية وعلى رأسهم الأردن لتغيير سياستهم تجاه سوريا".
ولكن تغير سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط- من حيث الارتباط من الشرق الأوسط والتركيز على مناطق أخرى- كان الأمر الأهم وراء سبب التغيير وهو الأمر الذي جعل الأردن يغير اتجاهه حيث كان الرئيس الأمريكي جو بايدن متعاوناً ومتساهلاً جداً تجاه أولويات الأردن.
وأكد الباحث توكماجيان أن السياسة القديمة لم تقدم الحلول لأولويات الأردن عندما يتعلق الأمر بسوريا وخصوصاً الاستقرار الأمني والاقتصادي في جنوب سوريا وإعادة العلاقات الاقتصادية ومنع تهريب المخدرات ومعالجة وجود القوات الإيرانية على الحدود السورية الأردنية.
وبيّن أن الخطوات التي يتخذها الأردن تعكس قراراً عربياً أكبر لإعادة الانخراط مع سوريا وأن هناك قناعة أن هذا القرار يمكن أن يحقق فوائد ملموسة. وهذا الأمر يحظى باليد العليا في اجتماعات الأمانة العامة لمجلس الأمن في نيويورك حيث للمرة الأولى اجتمع 10 وزراء خارجية عرب مع وزير الخارجية السوري من ضمن هذه الدول الأردن ومصر والإمارات والعراق.
ورأى أن التقارب الأردني مع سوريا سيكون سابقة للدول العربية الأخرى وحتى لدول أخرى خارج المنطقة، وقال "هذا التقارب الأردني مع سوريا على عكس قرار الولايات المتحدة الأمريكية نجح في فتح صدع في حائط العزلة السياسية".
وكالة عمون