تمارس الولايات المتحدة وأقرب شركائها مزيداً من الضغط على إيران للعودة إلى المفاوضات النووية المتوقفة، محذرة من أنها ستواجه عزلة دولية أكبر، وعقوبات اقتصادية جديدة، وربما عملاً عسكرياً إذا مضت في برنامجها النووي.
وذكرت وكالة "أسوشييتد برس" أن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وإسرائيليين وعرب اتفقوا، في سلسلة من الاجتماعات الدبلوماسية رفيعة المستوى هذا الأسبوع في واشنطن، على ضرورة التوضيح لإيران أن مقاومتها المستمرة للانضمام إلى محادثات فيينا لن يجري تجاهلها أو تركها بلا عقاب.
يأتي هذا الإجماع، بحسب الوكالة، وسط مخاوف متزايدة من أن طهران ليست جادة في العودة إلى المفاوضات الهادفة إلى إعادتها والولايات المتحدة للامتثال لبنود الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 وانسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بعد ثلاث سنوات.
ويأتي أيضاً في الوقت الذي زاد فيه تشاؤم إدارة بايدن، التي جعلت من العودة إلى الاتفاق أولوية في الأشهر الأولى لها، إزاء آفاق هذه المفاوضات حتى لو استؤنفت بالفعل.
وترأست إيران جدول الأعمال في جميع الاجتماعات التي جمعت كبار الدبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي وإسرائيل والسعودية والإمارات، وفقاً لمسؤولين شاركوا فيها، بينهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ومنسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، ووزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد.
وأشارت الوكالة إلى أن المبعوث الأمريكي الخاص لدى إيران، روبرت مالي، يواصل محادثات إيران مع دول الخليج العربية في نهاية هذا الأسبوع، في حين يعتزم رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، زيارة واشنطن الأسبوع المقبل لإجراء مزيد من المناقشات.
وألمحت إيران إلى أنها مستعدة للعودة إلى المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة لكنها لم تحدد موعداً بعد. وذكر الاتحاد الأوروبي، المكلف بتنظيم المحادثات، أن إيران قد لا تكون راغبة بالقيام بذلك في وقت قريب، وتريد مقابلة بوريل وآخرين في بروكسل قبل العودة إلى فيينا.
وبينما تؤجل الحكومة الإيرانية العودة إلى المفاوضات، تواصل انتهاك القيود المفروضة على أنشطتها النووية التي وضعها الاتفاق، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى، ما أثار قلق الأمريكيين الذين يخشون أنه إذا استمر مثل هذا النشاط، فإن العودة إلى اتفاق 2015 قد لا تكون مجدية.
وأعلن بوريل في مؤتمر صحافي أمس الجمعة أنه مستعد للقاء الإيرانيين قبل استئناف محادثات فيينا، إذ قال: "أنا مستعد للقيام بذلك إن كانوا يريدون المجيء إلى بروكسل... لكن الوقت يمضي. أفهم أن الحكومة الجديدة تحتاج إلى وقت لدراسة الملف، وتوجيه فريق التفاوض، لكن الوقت انقضى، وآن أوان العودة إلى المفاوضات".
وعند سؤاله عن احتمال فشل المفاوضات وما قد يحدث بعد ذلك – وهو ما يشار إليه في كثير من الأحيان باسم "الخطة البديلة" - أجاب بوريل: "لا أريد التفكير في خطط بديلة، فليس بإمكاني تخيل أي خطة بديلة ستكون صالحة".
وقال وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحفي منفصل أمس الجمعة "دخلنا مرحلة خطيرة للغاية" مشيراً إلى تسارع إيران في العمل النووي، مضيفاً "أظن أننا بحاجة إلى التركيز على استئناف سريع للمحادثات (و) إيقاف الأنشطة الإيرانية".
وبعد لقائه لابيد الأربعاء الماضي، قدم بلينكن تقييماً قاتماً للوضع، وأكد أن الولايات المتحدة تدرس ما يجب فعله في حالة فشل الدبلوماسية مع إيران، إذ قال إن نافذة عودة إيران إلى المحادثات على وشك أن تغلق، لكنه امتنع عن تحديد موعد لفوات الأوان.
وقال "الوقت ينفد.. نحن مستعدون للجوء إلى خيارات أخرى إذا لم تغير إيران مسارها، وهذه المشاورات مع حلفائنا وشركائنا هي جزء منها. سننظر في كل خيار للتعامل مع التحدي الذي تمثله إيران".
وكان لابيد أكثر صراحة، حيث جدد تحذيرات إسرائيل بأنها ستتصرف بالقوة عسكرية إذا لزم الأمر لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وقال: "يتعين على الدول في أوقات محددة استخدام القوة لحماية العالم من الشر... وإذا تحصل نظام إرهابي على سلاح نووي فعلينا أن نتحرك. يجب أن نوضح أن العالم المتحضر لن يسمح بذلك. وإذا لم يصدق الإيرانيون أن العالم جاد في إيقافهم، فسيسارعون لصناعة القنبلة".
وكالة أسوشييتد برس