لأول مرة، أظهر الباحثون أن هناك مكون وراثي يكمن وراء الذكريات المكانية المذهلة لطيور القرقف، حيث تخفي هذه الطيور النشيطة التي يبلغ وزنها 15 غرام، الآلاف من المواد الغذائية كل خريف وتعتمد على هذه المتاجر المخفية لتجاوز فصول الشتاء القاسية في جبال الغرب، وللعثور على هذه المخابئ، تستخدم طيور القرقف قدرات ذاكرة مكانية عالية التخصص، وعلى الرغم من أن الأساس الجيني للذاكرة المكانية قد ظهر عند البشر والثدييات الأخرى، إلا أن الأدلة المباشرة على هذا الارتباط لم يتم تحديدها من قبل في الطيور.
قدرات الذاكرة لطيور القرقف
تم نشر هذه النتائج للتو في مجلة "علم الأحياء الحديث"، والبحث هو تعاون بين علماء من مختبر كورنيل لعلم الطيور، وجامعة كولورادو بولدر، وجامعة نيفادا، ورينو، وجامعة أوكلاهوما.
يقول المؤلف الرئيسي كاري برانش من مختبر كورنيل لعلم الطيور: "نستخدم جميعاً الذاكرة المكانية للتنقل في بيئتنا، فبدون ذاكرة لا يوجد تعلم ويجب على الكائن الحي أن يبدأ من الصفر في كل مهمة، لذا، فإن المسألة هي مسألة حياة أو موت لهذه الطيور لتتذكر أين خبأت طعامها".
ذاكرة القرقف
باحثون يكتشفون المكون الوراثي وراء الذاكرة المكانية لطيور القرقف
إذا كان الانتقاء الطبيعي هو ما يشكل ذاكرة القرقف، فيجب استيفاء معايير معينة، حيث يجب أن يكون هناك تباين في السمة: فبعض القرقف أفضل بالفعل من الآخرين في إعادة العثور على متاجرهم، ويجب أن تكون هناك ميزة في اللياقة البدنية: فالطيور التي تعمل بشكل أفضل في مهمة الذاكرة المكانية هي أكثر أهلية للبقاء على قيد الحياة وإنتاج الذرية، والأهم من ذلك، يجب أن يكون للاختلاف في السمة أساس وراثي.
الجينات التي تخلق هيكل الدماغ
وقال برانش: "لا تزال البيئة مهمة كثيراً فيما يتعلق بتشكيل السلوك، لكن عملنا هنا يشير إلى أن الجينات قد تخلق هياكل الدماغ، ومن ثم يمكن أن تبني الخبرة والتعلم فوق ذلك".
كيف تقيس ذاكرة القرقف؟
صمم المؤلف الكبير فلاديمير برافوسودوف وفريقه في جامعة نيفادا في رينو مصفوفات من المتغيرات "الذكية" لقياس الذاكرة في مجموعة من طيور القرقف الجبلية البرية في جبال سييرا نيفادا بكاليفورنيا، حيث تم تجهيز كل وحدة تغذية بأجهزة استشعار لتحديد التردد اللاسلكي، كما تم تجهيز 42 طائر تم تمييزها بعلامات أرجل بحجم حبة الأرز والتي تعطي إشارة تعريف، وتم تخصيص كل طائر لواحد من المغذيات الثمانية في كل مجموعة، حيث يقرأ مستشعر التغذية بطاقة هوية الطائر وإذا كانت وحدة التغذية المطابقة لذلك الفرد، تفتح آلية الباب، ويحصل الطائر على بذرة، ثم تتبع العلماء عدد المحاولات التي استغرقتها قبل أن تذهب الطيور باستمرار إلى وحدة التغذية الصحيحة.
وقال برافوسودوف أن هذا نظام فعال لاختبار التعلم المكاني والذاكرة في مئات من طيور القرقف البرية في بيئتها الطبيعية، وقال: "لقد أظهرنا سابقاً أنه حتى الاختلافات الصغيرة جداً في الأداء مرتبطة بالاختلافات في البقاء على قيد الحياة."
ولفهم العلاقة بين الذاكرة المكانية والخصائص الجينية، قام المؤلفان المشاركان جورجي سيمينوف وسكوت تايلور من جامعة كولورادو بولدر بتسلسل جينومات طيور القرقف الجبلية.
الذاكرة المكانية لطائر القرقف
وقال سيمينوف: "لقد استخدمنا طريقتين لربط التباين الجيني بالذاكرة المكانية عند القرقف، في النهج التقليدي على مستوى الجينوم، قمنا بمقارنة البيانات الجينية عبر الأفراد، من أولئك الذين كان أداؤهم جيداً في التعلم المكاني ومهمة الذاكرة إلى أولئك الذين كان أداؤهم ضعيفاً، لقد أجرينا نفس المقارنة مع خوارزمية جديدة للتعلم الآلي، وأظهرت كلتا الطريقتين المئات من الاختلافات المرتبطة بالذاكرة المكانية، حيث ظهرت العديد من الاختلافات في الجينوم في مناطق معروفة بأنها مرتبطة بالتعلم والذاكرة وتطور الخلايا العصبية في الدماغ.
هذا ويقول المؤلفون أن العديد من الأسئلة لا تزال قائمة حول تأثير الذاكرة المكانية نفسها، بما في ذلك الدور الذي قد تلعبه في اختيار الأنثى لشريكها.
المصدر: Eurek Alert