أخبار لبنان

أصداء استقالة جورج قرداحي: تجاهل سعودي خليجي ولا مؤشرات على انعقاد قريب للحكومة

4 كانون الأول 2021 07:38

استقال جورج قرداحي من منصبه وزيراً للإعلام تغليباً لـ "مصلحة لبنان على مصلحته الشخصية"، وبعد ضغوطات طالت حتى عائلته، لكن لم يحمل نبأ استقالته حتى اللحظة أي بوادر أو مؤشرات على قبول أو رضى سعودي ولا على إمكانية حل أزمة توقف انعقاد جلسات مجلس الوزراء، ليعود إلى الأـذهان تأكيد قرداحي قبلاً بأن استقالته "لن تغير شيئاً".

وفي هذا السياق، لم تسجل صحيفة "الجمهورية" أي تأثير مباشر لاستقالة قرداحي من الحكومة على انعقاد مجلس الوزراء، ورأت أن السبب هو اعتراض "الثنائي الشيعي على طريقة عمل المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار. على الرغم من ذلك، ترى أوساط سياسية معنيّة أنّ خطوة قرداحي قد تشكّل مدخلاً إلى حلول أخرى قبل نهاية السنة... ويبقى التعويل على التجاوب مع مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، التي ما زالت نفسها التي اتفق مع البطريرك بشارة الراعي عليها، والتي وافق عليها كلّ من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مثلما صرّح الراعي بعد زيارته القصر الجمهوري إثر لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في 26 من تشرين الأول الفائت، حيث قال إنّها ستشهد التنفيذ في اليوم التالي، إلّا أنّ الديك ذُبح قبل صياحه".

وأضافت الصحيفة: "انطلاقاً من تدخّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مباشرةً في قضية استقالة قرداحي، وإجرائه اتصالات تصب في هذه الخانة، إضافةً إلى أنّ تعطيل مجلس الوزراء بات يؤثر على جميع الأفرقاء، ومن بينهم، من يريد إجراء تعيينات وإمرار قرارات خلال الأشهر المقبلة قبل الانتخابات، من المُفترض أن تشكّل استقالة قرداحي مع ما يرافقها من اهتمام ومتابعة دوليين، مدخلاً إلى حلول أخرى، يُمكن أن تنضج في غضون أيّام إذا "العقول القاسية بَردت"، بحسب مصادر معنية، إذ إنّ الأساس متفق عليه ويبقى إيجاد المخرج المناسب له أو المدخل لاستئناف انعقاد جلسات مجلس الوزراء".

ولفتت صحيفة "اللواء" إلى أن "لا مجال للاستهانة بعقدة بقاء القاضي طارق بيطار في منصبه كمحقق عدلي في انفجار مرفأ بيروت"، مشيرة إلى أن "الثنائي الشيعي ليس بوارد التراجع عن هذا المطلب، لاستقامة الانتظام في جلسات مجلس الوزراء والمشاركة فيها".

وسألت "الديار" أوساطاً مطلعة عن مدى انعكاس استقالة قرداحي على معاودة اجتماع الحكومة لجلساتها، لتبين لها أن لا ارتباط بين الأمرين. فتوقف جلسات مجلس الوزراء بعد امتناع "الثنائي الشيعي" و"تيار المردة" عن حضورها مرتبط بالمطالبة بتصحيح وضع المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.

وتؤكد أوساط "الديار" أنه حتى الساعة لم يستجد أي أمر يتعلق بتصحيح مسار التحقيقات، مجلس النواب لم يقر بعد المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ولا يزال "التيار الوطني الحر" يعطل أي نصاب لهذه الجلسة، ولذلك لم يدع الرئيس نبيه بري إلى جلسة تشريعية متعلقة بالمجلس الأعلى حتى الساعة.

ورأت صحيفة "الشرق الأوسط" أن نبأ استقالة قرداحي لا يستحق هذه الضجة وليس بالأمر الجلل خاصة في دولة "بحجم لبنان"، ولم تجد في الاستقالة "حدثاً محلياً في لبنان". فالحكومة "تستقيل بسبب الصراع الأميركي - الإيراني، وتتألف بسبب التوافق الإيراني - الفرنسي. وجورج قرداحي يستقيل بالتماس من فرنسا. ورئيس الجمهورية يلين برجاء من روسيا. والحكومة لا تجتمع إلا بانفراج في المحادثات النووية في فيينا. والتواضع يرفع مشنقته لأنه لم يعد قادراً على التحمل".

وأضافت: "كل لبناني يريد منصباً. ومرجعاً وسنداً. وجورج قرداحي سنده بشار الأسد وماكرون. ولا يستقيل إلا من أجلهما. و"تظن أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر". وفي أيام جُعل وزيراً، ثم بطلاً، ثم رمزاً لشرق أوسط جديد، لا أحد يعرف توقيت قيامته. لبنان أزمة لا دولة. ومجموعة دول لا مجموعة بشر. لا توحّده شعوب، ولا أديان، ولا لغات، ولا أرض. وبعد ثمانين عاماً من الاستقلال يجد أن أهم حدث يمكن أن يعرفه هو ما إذا كان جورج قرداحي، صاحب الحزازير المسليّة، سوف يستقيل أو لا يستقيل. إنها الحزّورة الكبرى، لكنها خالية في الوقت نفسه من رتابة الدعابات المتكررة والاستعانات بالأصدقاء في دمشق وبيروت وسائر البلدان التي توزّع الجوائز، المعنوية وغيرها".

وختمت بالقول: "كان جورج قرداحي يعتقد أن العمل السياسي شغلة بسيطة وخلافات صغيرة يمكن حلها سريعاُ بمجرد الاستعانة بصديق، أو مجموعة أصدقاء. لكنه وجد نفسه في بلد الأزمات الولاّدة. وهو الآن في مأزق غير مريح على الإطلاق. فالبقاء حيث هو مشكلة، والخروج خسارة. وكلما خُيّل إليه أن مهارته تمكّنه من ضبط الساعة، تبين له أن لبنان يعيش بجميع المواقيت والساعات، وينام وفقاً لغرينتش، ويفيق على التوقيت الصيفي السريع الزوال".

واعتبرت "الأخبار" أن "المبادرة الخاصة جدّاً التي قام بها وزير الإعلام جورج قرداحي، بالاستقالة من الحكومة لفتح الباب أمام معالجة للأزمة مع السعودية ودول خليجية، تنتظر أن يلاقيها الطرف الآخر، وسط تباين في التقديرات حول ما يمكن أن تقوم به الرياض ردّاً على هذه الخطوة، ووسط مخاوف من استمرار موقفها من دون أيّ تصعيد في الخطوات الإجرائية، مقابل أن تتراجع دول خليجية أخرى عن إجراءات اتخذتها بتجميد العلاقات مع لبنان".

وأضافت: "لكن الأمر ظلّ يلقي بظلاله على غياب الاستراتيجية اللبنانية الموحّدة حيال ملفات حساسة أبسط من الاستراتيجية الدفاعية التي يطالب بها خصوم المقاومة. إذ إن الانهيار أصاب مواقع رئيسية في البلاد حيال المطالب السعودية والاستجابة الضمنية للضغوط التي جاءت من الأوروبيين أيضاً، علماً بأن الجميع يعرفون أن القدرة على إدخال تحوّلات كبيرة في الموقف السعودي من لبنان ليست في متناول اليد الآن، بل إن الرياض تبدو مستمرة في التصعيد ريثما تتمكّن من تحقيق توازن على أكثر من صعيد".

وأشارت "الأخبار" إلى أن ما أسمته "الخروج الطوْعي" لوزير الإعلام من الحكومة "خلط الأوراق من جديد. تكاتف فرنسا مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ترافق مع "قبّة باط" سياسية داخلية جاءت من معظم القوى والمرجعيات. وبينما حاول البعض رمي الكرة في ملعب حزب الله، فإن الجميع يعرفون حقيقة موقف الحزب الذي بقي مصرّاً على احترام قرار قرداحي، مع الاستعداد للوقوف إلى جانبه لو قرّر المضيّ في المعركة. لكنّ الآخرين، جميعاً وبلا أيّ استثناء، كانوا في مكان آخر، وعملوا، كل من جانبه، على ممارسة أشكال مختلفة من الضغط على قرداحي لأجل تنفيذ الاستقالة. ومع ذلك، يتصرّف الجميع على أن الاستقالة أمّنت انطلاق مسار جديد في البلد. استعان ميقاتي بـ "الصديق" الفرنسي على الداخِل، ونجح الرئيس إيمانويل ماكرون في انتزاع "هدية" يدخُل بها على مُضيفه في الرياض".

وقالت الصحيفة: إن "السؤال عن السبب الذي دفَع القوى السياسية إلى ترك قرداحي "على هواه" يتراجع أمام الاستفسار عن "الثمرة" التي سيجنيها لبنان"، وتساءلت: "هل حصل لبنان على ضمانات بأن تدفع هذه الخطوة السعودية إلى أن تُعيد النظر بتصعيدها؟"

وأوردت أن الإجابة قد تكون في "ما قاله قرداحي في مؤتمره الصحافي، ولعلّه المختصر الأهم: نحن اليوم أمام تطوّرات جديدة، والرئيس الفرنسي ذاهب إلى السعودية بزيارة رسميّة، وفهمت من رئيس الحكومة أنّ الفرنسيّين يرغبون في أن تكون هناك استقالة لي تسبق زيارة ماكرون، وتساعد ربّما على فتح حوار مع المسؤولين السعوديّين حول لبنان"، أي أنها "يُمكن أن تصيب أو تخيب"، معتبر أن ما علّقت به قناة "العربية" السعودية كانَ علامة أولى، إذ قالت القناة: "في خبر عاجل، غير مهمّ للغاية، وزير الإعلام اللبناني يُقدّم استقالته من الحكومة".

ونقلت "الأخبار" عن متابعين للاتصالات قولهم: إن "الاستقالة، لا شك، ستشكّل إرباكاً للسعودية لجهة التعامل معها؛ إذا قبلت الرياض الهدية وتراجعت عن إجراءات التصعيد، فسيظهر بأن حجم ردة فعلها على تصريح وزير لا يتناسب وحجمها كدولة. أمّا في حال رفضت المبادرة اللبنانية تجاهها، فيتأكد حينها بأن للمملكة أجندة للانتقام من لبنان، وسيحرِج ذلك أصحاب حملة التهويل على وزير الإعلام والذين سعوا طوال الفترة الماضية إلى تحميله المسؤولية".

النهضة نيوز - صحف