أخبار

الرئيس السوري: الدولار ليس ابتزازاً وإنما وسيلة لحصار الدول وإخضاعها

9 حزيران 2022 20:47

أكد الرئيس السوري بشار الأسد خلال مقابلة مع قناة "روسيا اليوم" أن روسيا تتعرض لحرب لا يمكن ربطها بموضوع توسع حلف شمال الأطلسي بل هي حرب مستمرة ولم تتوقف حتى قبل الشيوعية وقبل الحرب العالمية الأولى مشدداً على أن قوة روسيا اليوم تشكل استعادة للتوازن الدولي المفقود.

وأوضح الأسد دوافع تأييد دمشق للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وما تشكله روسيا اليوم من قوة عالمية باستعادة للتوازن الدولي المفقود، إذ قال: روسيا حليف لسوريا، وروسيا تتعرض لحرب لا أربطها بموضوع توسع حلف شمال الأطلسي كما يعتقد البعض. هذه الحرب لم تتوقف حتى قبل الشيوعية وقبل الحرب العالمية الأولى. هي حرب مستمرة ودور روسيا هنا أساسي كجزء من التوازن الدولي. فنستطيع أن ننظر إلى روسيا من زاويتين: زاوية الحليف الذي إذا انتصر في معركة، أو إذا أصبح موقعه السياسي على الساحة العالمية أقوى فهذا مربح لنا. ومن زاوية أخرى أن قوة روسيا اليوم تشكل استعادة للتوازن الدولي المفقود ولو كانت استعادة جزئية، وهذا التوازن الذي ننشده ينعكس بالدرجة الأولى على الدول الصغرى، وسوريا واحدة منها. هذا بالحد الأدنى السبب من دون الدخول في التفاصيل القانونية الأخرى، ولكن أتحدث بشكل استراتيجي الآن".

ولفت الأسد إلى أن "البعض يتحدث عن هذه الحرب ويضعها في إطار نهاية نظام القطب الواحد الذي يفترض البعض بأنه ابتدأ بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. هذا كلام غير دقيق، فيه جزء من الصحة إذا تحدثنا عن موضوع حلفي وارسو وشمال الأطلسي وغياب أحد الأحلاف، إذا تحدثنا بالمعنى السياسي، إذا تحدثنا بأن مجلس الأمن مسيطر عليه من قبل القوى الغربية وبقيادة الولايات المتحدة تحديداً، ولكن الحقيقة أن نظام القطب الواحد ابتدأ بعد الحرب العالمية الثانية، والتي تجسدت بمؤتمر بريتون وودز الذي جعل الدولار هو قائد العالم من الناحية النقدية. أهم من الجانب العسكري الآن، أو ربما يوازيه بالأهمية لكيلا نبالغ ونقول أهم، هو موضوع النتائج الاقتصادية لهذه الحرب وفي مقدمتها وضع الدولار، فإذا استمر الدولار حاكما للاقتصاد العالمي بغض النظر عن نتائج الحرب فلن يتغير شيء".

الدولار وسيلة للحصار

وانتقد الرئيس السوري استخدام الولايات المتحدة للدولار كأداة للضغط على الدول الأخرى، وقال: "موضوع الدولار هو ليس ابتزازاً، وإنما سرقة، لأن التعهد الأمريكي كان بعد الحرب العالمية أن يكون هذا الدولار يعبر عن رصيد من الذهب، وفي بداية السبعينيات أيام نيكسون، قررت الولايات المتحدة أن تفصل الدولار عن الذهب، وبالتالي أصبح عبارة عن ورقة ليس لها قيمة، ولكن تتمكن الولايات المتحدة من شراء كل ما تريد من كل العالم بورقة من دون قيمة، هذا سرقة، وهذه السرقة تنطبق على كل العالم".

وأضاف: إن الدولار "وسيلة للحصار، طالما أن الدولار هو عملة عالمية، وطالما أن هذا الدولار يمر عبر البنوك الأمريكية أو ما يسمى الاحتياطي الفدرالي الأمريكي فأنت تحت سلطة هذا الدولار، وبالتالي كل مستقبلك كدولة، كبلد، كشعب، كمجتمع، كاقتصاد، هو تحت رحمة أمريكا، طبعا هو جزء من الحصار بكل تأكيد، ومن دون هذا الدولار أمريكا لن تكون دولة عظمى بأي حال من الأحوال".

كما أشار الأسد إلى تداعيات رفع سعر الفائدة الرئيسي في الولايات المتحدة على الدول الأضعف اقتصادياً، مشدداً على أن عملات دول العالم تتراجع مع اتجاه الولايات المتحدة نحو رفع سعر الفائدة الأمر الذي يؤثر في الدول الأضعف اقتصادياً.

العقوبات الغربية

وتحدث عن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا وسوريا، حيث أكد أن القيود تفرض كمحاولة لفرض الهيمنة، وقال: "طبعاً العقلية واحدة لأن العقلية هي عقلية هيمنة، وعقلية استعمار، وعقلية غرور. هم يعتقدون كما كان الوضع ربما منذ عدة عقود بأن الغرب يمتلك كل ما يحتاجه العالم، اليوم الوضع تغير بالنسبة لروسيا، بالنسبة للصين، وبالنسبة لكثير من الدول الأخرى الصاعدة، نحن محاصرون ولكن كثيراً من الحاجيات الأساسية لا نأتي بها من الدول الغربية، قطعنا علاقتنا بها، العقلية نفسها، والفشل سيكون نفسه، لأن أي دولة تستطيع أن تؤمن المتطلبات الأساسية للعيش وللنمو بغض النظر عن السماح الأمريكي".

الأزمة الاقتصادية السورية

وتناول الأسد أسباب الأزمة الاقتصادية في سوريا وإذا كان الحصار هو السبب الوحيد في هذه الأزمة، فقال: "أنا دائماً أركز على هذه النقطة بشكل علني، أقول الحصار هو جزء من المشكلة، لأن الحصار يرفع التكاليف ويبطئ العملية الاقتصادية، صحيح، ولكن هناك أسباب عالمية أخرى، هناك أسباب لها علاقة بأزمة كورونا. على سبيل المثال الغرب الآن يريد أن يضع كل المشاكل كنتيجة لحرب أوكرانيا، وتحديداً كنتيجة للسياسة الروسية، الحقيقة ليست كذلك، جزء من المشاكل الداخلية لها علاقة بالخطط الاقتصادية الداخلية أيضاً، ليس فقط بالوضع الخارجي، فإذا يجب أن نميز بين أسباب لها علاقة بالحرب، بين أسباب لها علاقة بالحصار، بين أسباب لها علاقة بالخطط الحكومية، وبين أسباب لها علاقة بالوضع الاقتصادي العام الذي قد تكون الشركات مسؤولة عنه، ربما عادات المواطنين بمجتمعات مختلفة تساهم أحيانا سلباً وإيجاباً في الوضع الاقتصادي".

كما أشار إلى علاقة الفساد بالأزمة الاقتصادية بالقول: "تماماً، فموضوع الاقتصاد فيه عوامل كثيرة متعددة بما فيها الإدارة"، لافتاً إلى أن لدى الحكومة السورية خططاً لمكافحة الفساد: "أغلب الدول في حالة الحرب تؤجل كثيراً من الأساسيات ومكافحة الفساد واحدة منها، الحقيقة في سوريا كانت وجهة نظرنا مختلفة تماماً، لأننا في حالة الحرب نحن بحاجة لمكافحة الفساد بشكل أكبر، لسبب بسيط، لأن الحرب تضعف مؤسسات الدولة، وعندما تضعف مؤسسات الدولة ينتشر الفساد، هذا شيء طبيعي، هذه واحدة من بدائه الحرب، وليست خاصة بسوريا، فأنت بحاجة أكثر لمكافحة الفساد، فنحن ركزنا أكثر على مكافحة الفساد ونسير فيه، ولكن طبعا هناك عقبات، الحرب نفسها عقبة، ضعف مؤسسات الدولة بسبب الحرب عقبة أخرى، النظام الإداري الذي يحتاج للكثير من التطوير هو أهم عامل في مكافحة الفساد، فنحن نقوم بهذه العملية كمنهجية.. نقوم بها كتوجه سياسي، اقتصادي، إداري، لا يهم أين نضعه.. في أي قطاع، ولكن لا يعني بأننا نستطيع أن نحقق طموحاتنا في مكافحة الفساد بسبب الظروف التي نعيشها".

شعار الأمل

وأكد الرئيس الأسد على أن "الدولة السورية لما استمرت لو لم تمتلك الأدوات والمقومات اللازمة"، وقال: "أنا طرحت الأمل، لأن هناك إحباطاً... ولو لم يكن هناك حالات إحباط لما طرحنا هذا الموضوع... وهو ليس شعاراً، هو عنوان لحل، وليس حلاً، فلا نستطيع أن نأتي بالأمل من خلال الانتظار، إذ كنا نبحث عن أمل وهذا شيء طبيعي لأي إنسان أن يبحث عن أمل عندما يكون هناك معاناة، هو أن يكون هناك إنتاج، هل لدينا أدوات للإنتاج؟ طبعا لدينا أدوات، ولو لم يكن لدينا أدوات لما استمرت الدولة، الطبابة في سورية ما زالت مجانية بالرغم من تراجع الخدمات، التعليم مازال مجانيا بالرغم من تراجع مستوى التعليم بسبب الظروف، الدعم مازال موجوداً بالرغم من تراجع نسبة هذا الدعم، كل هذه الخدمات الأساسية مازالت موجودة، لم تغير بسياساتنا، هل هناك منشآت جديدة تنمو أو تُنشَأ أو تُؤسَس خلال الحرب؟ طبعا هناك، هناك أشخاص يحبون وطنهم، ويغامرون في ظل هذه الظروف التي لا تناسب الاستثمار".

تحسن في الكهرباء

وأشار الرئيس السوري إلى أن الحكومة السورية ركزت على حل مشكلة الكهرباء، لافتاً إلى أن العام الجاري سيشهد تحسناً في مجال الكهرباء، وقال: "علينا أن نحدد ما هو السبب الأساسي أو ما هو التحدي الأساسي اليوم للإنتاج؟ إذا اتفقنا على أن الإنتاج هو الحل لكل المشاكل المعاشية والخدمية فعلينا أن نرى ما هو العائق الأساسي؟ العائق الأساسي هو الكهرباء، لذلك خلال العام الماضي، وخلال هذا العام كان التركيز الأساسي على كيفية حل مشكلة الكهرباء في ظل الحصار، تمكنا من الوصول إلى الحلول، لنقل بأن العام 2022 سيشهد تحسناً في مجال الكهرباء، وهذا سينعكس على الإنتاج.. فالمشكلة واضحة والحل واضح.. فنحن نسير بهذا الإطار، ولكن علينا ألا نرفع السقف كثيراً، ونعتقد بأنّ المشاكل ستحل. لا، سيكون هناك تحسن، وهذا التحسن تدريجي، ويجب أن نعرف بأن هناك ظروف تأتي ضدنا، هناك محاولات لضرب كل خطوة نقوم بها للأمام في المجال التنموي، ولكن علينا أن نتعامل مع كل حالة بحالتها ونوجد الحلول المستمرة، هذا جزء من الحرب، ولكن عندما أقول بأن الأمل موجود فهذا يعني بأنه لدينا الأدوات، ولدينا القدرة على مواجهة كلّ هذه المحاولات التي تأتي من الخارج من أجل ضرب النمو في سوريا".

روسيا اليوم