أخبار لبنان

قبيل وصول عاموس هوكشتين: إسرائيل أمنت غطاء سياسياً والسلطة اللبنانية تماطل

10 حزيران 2022 08:30

يتهيّأ لبنان لخوض المحادثات مع الوسيط الأمريكي في ملف ترسيم الحدود، عاموس هوكشتين، إذ وردت أنباء عن اجتماع غداً بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لدراسة المباحثات مع هوكشتين، لكن يبدو أن العدو الصهيوني لم يتخذ خطوة التنقيب إلا بعد أن أمن الغطاء السياسي الكامل، كما يبدو أن هناك مماطلة مريبة من جانب السلطة اللبنانية.

وقالت صحيفة "الجمهورية" في هذا الصدد: في الأقنية الديبلوماسية معلومات مفادها أنّ إسرائيل لم تقم باستقدام منصة الحفر والاستخراج من سنغافورة إلى حقل "كاريش"، إلّا بعدما وفّرت التغطية السياسية الكاملة لهذه العملية، أي إنّها أبلغت الولايات المتحدة بها، ونالت موافقتها، بعدما قام الأمريكيون بإبلاغ كل المعنيين بالأمر، بما في ذلك الجانب اللبناني، قبل نحو 4 أشهر.

المعلومات تفيد بأنّ الرسالة التي حملها الأمريكيون إلى لبنان ترافقت مع تشجيعهم لاستجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر، إذ تعهّدوا بعدم فرض أي عقوبات على لبنان لاضطراره إلى استخدام الأراضي السورية في هذه العملية. بل إنّهم وافقوا على إعطاء دمشق حصة من الطاقة، مقابل ذلك.

ورأت الصحيفة أن هذا العرض الأمريكي المتساهل بدا مثيراً للاستغراب، إذ لم يسبق لواشنطن أن أعفت أي طرفٍ ينسّق الخطى مع النظام السوري من عقوبات "ماغنيتسكي". لكن المطلعين كانوا يدركون أنّ في الطرح الأمريكي جزءاً ثانياً يتعلق بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل ودخول لبنان في منظومة الطاقة الشرق أوسطية التي تضمّ إسرائيل والأردن ومصر.

ولذلك، هناك اليوم جمود غير مفهوم وغير مبرّر في ملف الاستجرار من الأردن ومصر. وأياً تكن الأعذار والتبريرات التي يتذاكى المسؤولون اللبنانيون في إطلاقها، فالخلفية الحقيقية للأزمة هي أنّ لبنان لم يبدِ حتى اليوم، وبشكل واضح، موافقته على مجمل الطرح الأمريكي، بوجوهه كافة.

وأضافت الصحيفة أن اللبنانيين تعاطوا منذ شباط الفائت مع الملف بالتأجيل. وفضّلوا إضاعة المزيد من الوقت بالانتخابات النيابية، مع وعدٍ بالحسم بعد الانتخابات. ولذلك، أرجأ الإسرائيليون خطوة استقدام المنصَّة من آذار إلى النصف الثاني من أيار. وهم يعتبرون أنّهم قاموا بتأمين التغطية السياسية للخطوة، وما على الجانب اللبناني إلّا أن يفاوض على الجزء الآخر من الصفقة.

ورأت أن لا مشكلة لدى أركان السلطة في الطرح الأمريكي، "كاريش" مقابل "قانا"، خصوصاً في ظلّ الكلام الكثير المتداول عن خطوط ممدودة "تحت الطاولة" بين واشنطن وهؤلاء جميعاً، بالمفرَّق، من أجل عقد مقايضات مصلحية، وقد بات بعضها معروفاً.

وأكدت أن الأمريكيين يدركون أنّ لبنان محشور اليوم في هذا الملف أكثر من أي يوم مضى. ولذلك هم ينتظرون منه الموافقة على طرح موفدهم عاموس هوكشتين في النهاية. وهم يدركون أنّ "النهاية" باتت وشيكة، وأنّ لبنان مضطر إلى الموافقة والحفاظ على علاقاته مع الأمريكيين والفرنسيين والعرب، وهو الذي يطلب وساطاتهم ودعمهم المالي والسياسي للخروج من حال الانهيار.

وأما الإسرائيليون فموقفهم خبيث. فقد أعلنوا بـ "براءة" أنّ منصّة الحفر والاستخراج تمركزت على مسافة كيلومترات جنوب "كاريش"، وأنّ أعمالها ستنحصر بما وراء الخط 29 الذي يفاوض عليه لبنان، أي أنّهم يلتزمون تماماً ضوابط التفاوض، كما ضوابط القانون الدولي التي تعتبر الخط 23، في أحسن الأحوال، هو الحدود القصوى لحقوق لبنان، استناداً إلى وثيقة لبنانية رسمية في الأمم المتحدة.

وإذا ما باشر الإسرائيليون استخراج الغاز من الجزء الجنوبي من "كاريش"، في الأسابيع أو الأشهر القليلة المقبلة، فسيحظون بالتغطية العربية والإقليمية والدولية، وبقبول الأمم المتحدة، وسيبدون وكأنّهم لا يعتدون على حقّ لبنان، فيما هم في الواقع يستخرجون الغاز من حقلٍ واحد تتواصل أقنيته في باطن الأرض، حيث لا وجود لجدار فاصل يحمل الرقم 29!

وفي هذه الحال، قد لا يجد الإسرائيليون أنفسهم مستعجلين لإبرام اتفاق مع لبنان، ما داموا قد بدأوا الاستخراج من "كاريش" كاملاً، وبأمان، وقبل أن يتاح للبنان المباشرة باستثمار أي شيء من طاقاته الغازية في المتوسط.

وستتحمّل منظومة السلطة في لبنان كامل المسؤولية عن التهرُّب وإهدار جزء من حقوق لبنان، وإضاعة الوقت وفرصة استخراج الغاز بعشرات مليارات الدولارات، خلال أعوام قليلة، فيما هي تتسوَّل بضعة مليارات، تتوزَّع على أعوام عدّة، من صندوق النقد الدولي وسائر الجهات الدولية المانحة.

من جانبها نقلت صحيفة "نداء الوطن" عن مصادر مواكبة للزخم الرئاسي، الذي عبّر عنه عون في كلامه أمس، قولها إن هذا الزخم بدا بمثابة "رد صريح على سيل الاتهامات التي وجهت خلال الأيام الماضية لرئاسة الجمهورية وحمّلتها مسؤولية التفريط بحقوق لبنان النفطية من خلال عدم توقيع مرسوم اعتماد الخط 29 لترسيم الحدود الجنوبية البحرية للبنان".

وأوضحت مصادر "نداء الوطن" أنّ تذكير رئيس الجمهورية بأنّ عملية التفاوض تخضع حصراً لصلاحياته كان "رسالة للحلفاء والخصوم على حد سواء"، وكشفت في هذا الإطار أنّ عون سيلتقي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي غداً السبت لبحث "الموقف الرئاسي الموحّد الواجب اعتماده وإبلاغه للوسيط الأمريكي لدى زيارته بيروت الأسبوع المقبل"، والذي سيقضي بتمسك لبنان بحقوقه وثروته النفطية وفق إحداثيات "الخط 23 + كامل حقل قانا" في سبيل التوصل إلى اتفاق بحري حدودي يمنح إسرائيل حق استخراج النفط والغاز من حقل "كاريش". وكان هوكشتين قد استبق زيارته اللبنانية المرتقبة بالإعراب مساءً عن أمله "باستئناف المفاوضات بين إسرائيل ولبنان لمنع أي تصعيد"، وفق ما نقلت عنه قناة "الجزيرة" القطرية، منبهاً إلى أنّ "انهيار لبنان لن يكون في مصلحتنا ولا في مصلحة المنطقة".

وتساءلت جريدة "الأخبار": ماذا ستفعل الدولة اللبنانية الآن؟ هناك محاولات لعقد اجتماع لمجلس الوزراء السبت المقبل للوصول إلى جواب، وخصوصاً أن نقاشاً كبيراً يدور في هذا الصدد، انطلاقاً من التالي: إذا كانَ لبنان يعتبر الخط 23 حدوده، فلماذا كل هذا الاستنفار؟ وإذا كانَ سيعتمد الخط 29 فهذا يعني أنه غطاء شرعي للمقاومة للرد على أي اعتداء إسرائيلي. في موازاة ذلك، بدأت السفيرة الأمريكية في بيروت دوروثي شيا جولة استباقية لزيارة هوكشتين لاستبيان حقيقة الموقف الذي سيتم اعتماده، فيما تؤكد مصادر مقربة من الأمريكيين أن "موعد الزيارة لم يحسم نهائياً ومصيرها رهن بوحدة الموقف الرسمي اللبناني". ولا تخفي المصادر أن شيا نصّبت نفسها ناظرة على الموقف اللبناني، وتعمل على ترتيبه لكي يتلاءم ووجهة النظر الأمريكية التي من المحتمل أن يحملها هوكشتين إلى بيروت، وهي حصر التفاوض ضمن الرقعة الواقعة بين الخطين 1 و23 حصراً. بينما يجري الحديث عن اتجاه نحو الطلب من الوسيط الأمريكي العودة إلى اتفاق الإطار وإطلاق مسار المفاوضات غير المباشرة في الناقورة من جديد، مع تعديل في طبيعة الوفد العسكري التقني، ويطرح اسم العقيد عفيف غيث كبديل محتمل للعميد بسام ياسين، والأمر نفسه ينسحب على الأعضاء المدنيين، إذ قد يجري تغييرهم، بينما ترجّح المصادر أن يطلب لبنان من هوكشتين استئناف جولاته المكوكية بين لبنان وكيان العدو.

وقالت صحيفة "النهار": السلطة تتهيأ قبل فتح الاستحقاق الحكومي لمواجهة احدى جولات المحادثات الحاسمة هذه المرة مع الوسيط الأمريكي في ملف التفاوض لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل عاموس هوكشتين الذي سيصل الأحد إلى بيروت. واذا كانت الكلمة التي ألقاها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء أمس اتسمت بالتصعيد وشكلت عامل حشر إضافياً للدولة بعدما استبق موقفها باعتبار أن إسرائيل قامت في الأيام الأخيرة باعتداء استفزازي على لبنان، داعياً إلى منعها من استخراج الغاز من حقل "كاريش"، ومشدداً على قدرة المقاومة على منع إسرائيل من ذلك، فان ذلك يعد عنصراً دافعاً للسلطة وتحديداً للرؤساء الثلاثة لاستعجال تحديد موقف موحد للدولة من طرح سابق للوسيط الأمريكي في ملف الترسيم البحري، كما من الموقف الحاسم النهائي للدولة من اعتماد خط الترسيم بعدما تحول هذا الانقسام والمزايدات المتصاعدة حول اعتماد الخط 23 أو الخط 29 بمثابة فضيحة ديبلوماسية وسياسية وإعلامية لم تقتصر تداعياتها على الداخل بل ترددت أصداؤها خارجياً، وهي فضيحة لا سابق لها في أي تجارب تفاوضية للبنان.

وقالت "الديار": رسم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "خطوطاً حمراء" في ملف "النزاع الغازي" مع إسرائيل، سيصعّب على الإسرائيليين ومعهم "الوسيط" الأمريكي تجاوزه، متحدثاً عن تداعيات وجودية رداً على "التهويل الإسرائيلي" بالحرب، ومع تأكيده أن كل خيارات المقاومة على "الطاولة" لم يكن كلامه مجرد تهويل، فتأكيده أن المقاومة تملك القدرة على منع إسرائيل من استخراج الغاز من حقل "كاريش" على الرغم من كل الاحتياطات العسكرية، يستند إلى قوة صاروخية فتاكة بحسب وصف موقع أمريكي متخصص بالشؤون العسكرية.

ووفقاً لمصادر بعبدا لن يتلقى هوكشتين أي رد مكتوب، بل رد شفهي على مقترحه. ووفقاً للمعلومات، سيسمع الموفد الأمريكي رداً موحداً برفض اقتراحه الذي قدمه في زيارته الأخيرة في شباط الماضي والذي يقضي بمنح لبنان الخط 23 معدلاً، مع قضم جزء من حقل قانا، قبل أن ينحني أمامه بشكل مائل باتجاه خط هوف، ويقضم قسماً من البلوك الرقم 8 لمصلحة العدو. وسيتقدم الجانب اللبناني بملاحظات تقنية توضح أسباب الرفض دون أن يؤدي ذلك إلى عرقلة التفاوض، بل سيفتح "ثغرة" يمكن من خلالها أن يحصل لبنان على كامل حقل قانا مقابل التسليم بإسرائيلية حقل "كاريش"، وهذه الخطوة ستمنح لبنان كامل الخط 23، مع مساحة 80 كيلومتراً مربعاً إضافية مع جزء من حقل قانا. وهذا سيعني عملياً التنازل عن الخط 29 وإغلاق ملف تعديل المرسوم 6433 لتوسيع الحدود البحرية.

من جانبها قالت "البناء": من المتوقع أن يتبلور الموقف الرسمي السبت المقبل، ويتركز موقف الدولة الذي سيتم إبلاغه للوسيط الأمريكي على منع "إسرائيل" من بدء عملية التنقيب في كامل المنطقة المتنازع عليها مقابل تجميد توقيع المرسوم 6433 الذي يثبت الخط 29 كخط حدود رسمية، والعودة إلى استئناف المفاوضات في الناقورة للبحث في حل لترسيم الحدود، إضافة إلى رفض مقترح هوكشتين القاضي بمنح لبنان الخط 23 مع قضم مساحة من حقل قانا، والتمسك بالخط 23 وتحديد الحق اللبناني بالمنطقة المتنازع عليها وفق ما تملكه الدولة اللبنانية من وثائق تاريخية وخرائط جغرافية ومعطيات واتفاقيات تستند إلى قانون البحار.