علوم

اكتشاف مياه قديمة جداً تحتوي على أعلى تركيز وجد من العناصر المشعة

6 تموز 2022 22:30

عُثر في عام 2016 على أقدم مياه في العالم على عمق 3 كيلومترات في قاع منجم كندي. وبما أن السجل السابق للعثور على مياه قديمة قد عُيّن قبل ثلاث سنوات في مستوى أعلى من المنجم نفسه، بدا أن هناك شيئاً مميزاً حيال هذا الموقع. واليوم، وجد الفريق نفسه ماءاً على عمق مماثل في منجم موآب خوتسونغ للذهب واليورانيوم في جنوب إفريقيا، ويبلغ عمره على الأقل 1.2 مليار عام. وتحتوي هذه المياه على عناصر تسمح للحياة بالبقاء من دون وجود أي منفذ إلى الطاقة من الشمس، مثل المياه الكندية.

تعيش أشكال حياة عديدة من دون الحاجة إلى ضوء الشمس المباشر، كما نجد في الكهوف وفي قاع المحيط على سبيل المثال لا الحصر. لكن لا تزال معظم الكائنات الحية تعتمد على الشمس كمصدر أساسي للطاقة، فعلى سبيل المثال، تعتمد الأنواع التي تعيش في قاع البحار على الأطعمة التي تأتي من سطح المحيط، مع وجود استثناءات تتمثل بأشكال الحياة التي تعيش حول الفوهات الحرارية المائية في قاع البحر، والميكروبات التي تعيش على الهيدروجين في أعماق الأرض.

ولم نحدد بعدُ حدود العمق لأشكال الحياة التي تتغذى على الهيدروجين، لكن ورقة جديدة من مجلة Nature Communications قدمت أدلة دامغة على توافر مواقع مساكن طبيعية قديمة وعميقة جداً. وتحتوي المياه الموجودة في أعماق منجم موآب خوتسونغ على تركيزات أعلى من العناصر الناتجة عن التحلل الإشعاعي لم تشهد قبلاً، وبعضها يوفر فرصاً للحياة.

ووجد الدكتور أوليفر وار، الباحث في جامعة تورنتو، والمؤلفون المشاركون الماء داخل صخور بلورية من حقبة ما قبل الكامبري على بعد 2.9 كيلومتر تحت السطح. وأشاروا إلى أن هذه الصخور تغطي ما يقدر بنحو 72% من القشرة القارية للأرض حسب المساحة السطحية، وقد تمثل ما يصل إلى 30% من المياه الجوفية للكوكب.

كما أن التفاعلات بين الماء وأنواع معينة من الصخور تنتج غاز الهيدروجين في هذا المكان. وعلى الرغم من أن الإنتاج بطيء في أي سطح بيني محدد، إلا أنه قد ينتج ضمن مساحة كبيرة كهذه حجماً هائلاً من الغاز بمرور الوقت، ما يوفر مصدراً رئيسياً للطاقة للميكروبات، أو ربما للبشر إذا استطعنا الاستفادة منه. ويتفاعل بعض الهيدروجين مع الكربون لإنتاج الميثان وهيدروكربوناتٍ أكثر تعقيداً، وهذا يوسع نطاق الكائنات الحية الدقيقة التي قد يدعمها.

وفي الوقت نفسه، ينتج عن التحلل الإشعاعي للنظائر غير المستقرة جسيمات ألفا، التي تصبح هيليوم من خلال التقاط إلكترون، وهذا يوفر مصدراً يمكن القول إنه أكثر الموارد المحدودة. ويتحلل اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم في الصخور المحيطة لإنتاج عناصر أخف، بما في ذلك الغازات النبيلة (الهيليوم والنيون والأرجون) التي يتراكم تركيزها بمرور الوقت وتوفر مقياساً لعمر الماء الذي تحتجز فيه.

وقال وار في بيان: "فكر في الأمر على أنه صندوق باندورا للطاقة المنتجة للهيليوم والهيدروجين، وهو صندوق يمكننا تعلم طريقة تسخيره لصالح المحيط الحيوي العميق على نطاق عالمي".

والجدير بالذكر أن الورقة لا تستكشف إلى أي مدى استفادت الحياة مما يقدمه منجم موآب خوتسونغ. ومع ذلك، قد لا تكشف الدراسات المستقبلية عن نظام بيئي غريب للغاية فحسب، بل قد توفر نظرة ثاقبة لإمكانية الحياة في أعماق عوالم أخرى، حيث تكون المياه وفيرة من دون توفر ضوء الشمس.

وهذا لا يمثل إلا مثالاً ثان فقط عن المياه الجوفية التي يزيد عمرها عن مليار سنة، ولكن هناك اختلاف واحد مهم عن المثال الذي سبقه، ففي منجم كيد كريك بكندا، كانت المياه الجوفية نعزولة كلياً، بينما في منجم موآب خوتسونغ لم تمتزج المياه بأي شيء، لكن الغازات النبيلة الأخف تسربت من خلال تصاعدها عبر الصخور، ما أدى إلى اختلافات في التركيز بين العناصر المختلفة.

iflscience