استنبات بطين مصغر ينبض كالقلب الحقيقي

علوم

باحثون يستنبتون بطيناً مصغّراً ينبض كالقلب البشري

14 تموز 2022 12:03

قطع البحث في علاجات أمراض القلب والأوعية الدموية شوطاً طويلاً في العقود الأخيرة، لكن الأزمات القلبية لا تزال تودي بحياة نحو 18 مليون شخص حول العالم كل عام.

وبإمكان نموذج مصغر نابض لبطين بشري أن يفتح آفاقاً جديدة أمام تطوير عقاقير وعلاجات جديدة، ولدراسة تطور أمراض القلب والأوعية الدموية، ما يمنح الباحثين بديلاً أخلاقياً وأكثر دقة للنُهج الحالية.

نموذج نابض لبطين قلب بشري

صمم باحثون من جامعة تورنتو وجامعة مونتريال في كندا وعاء بطول ملليمتر واحد ينبض كالقلب الحقيقي، حتى إنه يضخ السوائل تماماً مثل حجرة الخروج العضلية في قلب جنين بشري.

وقال مهندس الطب الحيوي بجامعة تورنتو، سارغول أوكوفاتيان Sargol Okhovatian: "باستخدام نموذجنا، أمكننا قياس حجم الضخة الواحدة - مقدار السائل الذي يلفظ للخارج في كل مرة ينقبض فيها البطين - بالإضافة إلى ضغط هذا السائل... واستحال الحصول عليهما في النماذج السابقة".

يتاح أمامنا عادة عدد قليل من الخيارات لدراسة الطرق التي ينقل بها القلب المريض أو السليم الدم. وتوفر الأعضاء التي لم تعد تعمل بكامل طاقتها، مثل الأعضاء التي أزيلت أثناء تشريح الجثث، الموثوقية من دون أن تكون نشطة. وقد توفر مزارع الأنسجة نافذة على الوظائف الكيميائية الحيوية، لكنها لا تكشف بالكامل عن هيدروليكا الكتل النابضة الثلاثية الأبعاد.

طريقة استنبات البطين المصغّر

ويسمح النموذج الحيواني للباحثين باختبار طريقة عمل القلب الحي كمضخة تحت تأثير العلاجات المطورة حديثاً، ولكنه ليس دائماً خياراً أخلاقياً أفضل من الخيار البشري.

وعبر ضم موجة من النماذج الثلاثية الأبعاد لأعضاء الجسم التي تنمو وتتصرف بصورة طبيعية تماماً (من دون أن تتحول إلى أعضاء تعمل بكامل طاقتها)، تمت زراعة هذا العضو الجديد الشبيه بالقلب في مختبر باستخدام مزيج من المواد الاصطناعية والبيولوجية.

وأخذت الخلايا نفسها من أنسجة القلب والأوعية الدموية لجرذان صغيرة، ثم نميّت على منصة مصنوعة حاسوبياً من البوليمر مع أخاديد لتوجيه نمو الأنسجة.

وأجبرت هذه الشبكة المسطحة الهيكل الحيوي على محاكاة محاذاة ألياف عضلة القلب للبطين الأيسر للإنسان - الحجرة النهائية الضخمة التي تضخ الدم إلى الشريان الأورطي بضغطة واحدة قوية.

ولتحويل حزمة الخلايا القلبية الثلاثية الطبقات إلى شيء يشبه حجرة نابضة إلى حد كبير، استخدم الفريق مجسماً مخروطي الشكل أطلقوا عليه اسم المغزل (mandrel). وتشكل بطينٌ بسيط عن طريق لفة سريعة في عينة الأنسجة. وكل ما كان مطلوباً لجعل هذا الصمام الصغير ينبض كان عبارة عن سلسلة من الصدمات الكهربائية الصغيرة.

تطوير نموذج البطين المصغر قد يغني عن الجراحة

وقالت المؤلفة الرئيسية للورقة البحثية، ميليكا راديسيك Milica Radisic، وهي كيميائية من جامعة تورنتو: "حتى الآن، لم يجر إلا عدد قليل من المحاولات لإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد حقيقي لبطين، على عكس الصفائح المسطحة المصنوعة من أنسجة القلب".

وأضافت: "كل هذه العناصر تقريباً مكونة من طبقة واحدة من الخلايا. لكن للقلب الحقيقي طبقات عديدة، والخلايا في كل طبقة موجهة بزوايا مختلفة. وعندما ينبض القلب، لا تنقبض هذه الطبقات فحسب، بل تلتوي أيضاً، بصورة تشبه إلى حدٍ ما طريقة لف المنشفة لعصر الماء منها. وهذا يُمكِّن القلب من ضخ كمية من الدم أكبر مما سيضخ بخلاف ذلك".

وكون قطره الداخلي يبلغ نصف ملليمتر فقط، بالكاد يتمكن الوعاء من إخراج السائل عند ضغط يبلغ نحو 5% من ضغط قلب شخص بالغ، لكن يعد النموذج دليلاً رائعاً على مفهومٍ يمكن التوسع فيه بمرور الوقت ليشمل مزيداً من طبقات الأنسجة لتمثيل نظام أقوى.

ومن الممكن أيضاً مع مرور الوقت إزالة المنصة ودمج مزيج من الأنسجة المأخوذة من الإنسان، لتحسين الهيكل كنموذج ولتمهيد الطريق إلى استنبات عضو قابل للزرع يعمل بكامل طاقته.

قال راديسيك: "باستخدام هذه النماذج، لا يمكننا دراسة وظيفة الخلية فحسب، بل أيضاً وظيفة الأنسجة ووظيفة الأعضاء، وكل ذلك دون الحاجة إلى الجراحة أو إجراء التجارب على الحيوانات".

وأضاف: "يمكننا أيضاً استخدامها لفحص التأثيرات الإيجابية والسلبية لمجموعات كبيرة من جزيئات الأدوية المرشحة".

sciencealert