هيكل عظمي عمره 31000 عام دليل على أقدم عملية بتر في التاريخ

منوعات

هيكل عظمي عمره واحد وثلاثون ألف عام يكشف عن أقدم عملية جراحية في التاريخ

8 أيلول 2022 11:26

عُثر على هيكل عظمي عمره 31000 عام فاقد لجزء ساقه اليسرى السفلي في كهف إندونيسي بعيد، وهو أقدم دليل معروف على الجراحة، وذلك وفقاً لدراسة قال خبراء إنها تعيد صياغة فهمنا لتاريخ البشرية.

عثر فريق بعثة بقيادة علماء آثار أستراليين وإندونيسيين على بقايا هيكل عظمي أثناء التنقيب في كهف من الحجر الجيري في شرق كاليمانتان في جزيرة بورنيو بحثاً عن الفن الصخري القديم في عام 2020.

وتبين أن هذا الاكتشاف هو دليل على أقدم عملية بتر جراحي معروفة، ويسبق الاكتشافات الأخرى للعمليات الطبية المعقدة في أوراسيا بعشرات آلاف السنين.

قدّر العلماء عمر البقايا بنحو 31000 عام من خلال قياس عمر الأسنان وعمر رواسب الدفن باستخدام التأريخ بالنظائر المشعة.

وكشف تحليل البقايا باستخدام علم الأمراض القديمة عن نتوءات عظمية نامية في أسفل الساق اليسرى تُشير إلى عملية التعافي، وتوحي بأن الساق قد بُترت جراحياً قبل عدة سنوات من دفنها.

وقال د. تيم مالوني، الباحث في جامعة غريفيث الأسترالية الذي أشرف على أعمال التنقيب: إن الاكتشاف كان بمثابة "حلم تحقق في نظر أي عالم آثار".

وأضاف: إن فريق البحث، الذي يضم علماء من المعهد الإندونيسي لعلم الآثار والحفاظ عليها، كان يفحص رواسب المواد الدالة على حضارات قديمة عندما صادفوا علامات حجرية في الأرض كشفت عن موقع دفن.

وبعد التنقيب لمدة أحد عشر يوماً، عثروا على هيكل عظمي لصياد شاب قُطع الجزء الأسفل لساقه اليسرى والتأم موضعه.

وقال د. مالوني تظهر طبيعة الالتئام إلى أنه ناجم عن بتر وليس حادث أو هجوم حيوان، مضيفاً: "نجا [الصياد] ليس عندما كان طفلاً وحسب، بل عندما كان بالغاً مبتور الساق في بيئة الغابات المطيرة هذه. والأهم من ذلك أن [موضع البتر] لم يصب بالعدوى الجرثومية، ولم يتعرض للتهشيم".

وقبل هذا الاكتشاف، قال مالوني إنه كان من معهوداً أن البتر كان بمثابة عقوبة إعدام مضمونة حتى قبل نحو 10000 عام، عندما تقدمت العمليات الجراحية مع تطور المجتمعات الزراعية الكبيرة المستقرة.

وكان أقدم دليل سابق على عملية بتر ناجحة هو هيكل عظمي عمره 7000 عام لمزارع مسن من العصر الحجري في فرنسا، بترت ذراعه اليسرى من فوق المرفق.


وأكد مالوني أن "هذا الاكتشاف يغير كثيراً التاريخ المعروف للتدخل الطبي والمعرفة الإنسانية... وهذا يعني أن البشر الأوائل ... أتقنوا العمليات الجراحية المعقدة التي سمحت لهذا الشخص بالبقاء على قيد الحياة بعد قطع قدمه وساقه".

وشدد على أن جراح العصر الحجري لديه معرفة مفصلة بالتشريح، بما في ذلك الأوردة والأوعية والأعصاب، لتجنب التسبب في فقدان الدم والعدوى القاتلة، لافتاً إلى أن هذه العملية الناجحة اقترحت شكلاً من أشكال العناية المركزة، بما في ذلك التطهير المنتظم بعد إجراء العملية الجراحية.

وقال البروفيسور الفخري ماثيو سبريغز من كلية الآثار والأنثروبولوجيا بالجامعة الوطنية الأسترالية، والذي لم يشارك في الدراسة: إن الاكتشاف بمثابة "إعادة كتابة مهمة لتاريخ جنسنا البشري" التي "تؤكد مرة أخرى أن أسلافنا كانوا أذكياء مثلنا، مع أو من دون التقنيات التي نعدّها اليوم أمراً مسلماً به".

وأضاف إنه لا ينبغي أن نُفاجأ من أن البشر في العصر الحجري طوروا فهماً للعمل الداخلي للثدييات من خلال الصيد، وكان لديهم علاجات للعدوى والجروح، وأردف قائلاً: "نميل إلى نسيان أن من الممكن أن يكون بين البشر المعاصرين مثلنا قبل 30 ألف عام مفكرون وأطباء ومخترعون".

وأشار إلى أنهم اضطروا إلى تجربة الأدوية النباتية والعلاجات الأخرى للبقاء على قيد الحياة، مؤكداً أن "أي بشر يقطنون في الغابات الاستوائية المطيرة اليوم لديهم مجموعة كبيرة من الأدوية التي لا بد أنهم طوروها على مدى آلاف السنين".

صحيفة الغارديان