الدراسة تستكشف العلاقة بين نرجسية الرئيس الأمريكي ومدة حروبه

علوم

دراسة تجد رابطاً مثيراً بين الرؤساء الأمريكيين والحروب التي يشنونها

16 أيلول 2022 11:25

تندلع الحروب وتستمر وتنتهي اعتماداً على مجموعة كبيرة من الأسباب المتنوعة، لكن شخصيات المسؤولين تؤدي دوراً هاماً. إذ وجدت دراسة جديدة رابطاً مثيراً للفضول بين شخصيات الرؤساء الأمريكيين السابقين ومدة الحرب التي يشنونها.

واستناداً إلى تحليل للرؤساء التسعة عشر الذين عملوا في الفترة الممتدة من 1897 إلى 2009 (أي من ويليام ماكينلي إلى جورج دبليو بوش)، تَبين أن الدرجة التي أظهر بها الرئيس الأمريكي سمات شخصية شديدة النرجسية ترتبط بمدة أي حرب شنها خلال فترة رئاسته.

الرؤساء الأمريكيون النرجسيون تعميهم فكرة النصر

ومع استمرار اندلاع الصراعات في جميع أصقاع العالم اليوم، قد تفيد النتائج السياسيين والمحللين والقادة العسكريين في فهم كيفية اندلاع الحروب، إذ لم يستكشف قبل الآن كيفية تأثير شخصيات القادة في الحرب بالكامل.

يقول عالم السياسة جون هاردن العامل في جامعة ولاية أوهايو: "لا ينزع الرؤساء النرجسيون إلى إنهاء الحروب إلا إذا تأكدوا من انتصارهم، وسوف يمددون مدة الحروب لإيجاد طريقة لإعلان نوع من النصر".

وأضاف: "يريدون أن يبدوا أبطالاً وأقوياء وأكفاء - حتى لو عنى ذلك خوض الحرب بما يتجاوز المعقول".

الرؤساء الأمريكيون النرجسيون يقدمون مصالحهم على مصالح الدولة

واستخدم هاردن البيانات من قاعدة بيانات مشروع "Correlates of War"، والتي تتعقب الصراعات التي تضمنت ما لا يقل عن 1000 حالة وفاة خلال المعارك خلال مدة عام واحد - أي 11 عملية للولايات المتحدة خلال فترة الدراسة.

وقارن هذه البيانات مع بحث سابق حلل شخصيات رؤساء الولايات المتحدة، جزئياً من خلال سيرهم الذاتية. وقاس الميول النرجسية لدى الرؤساء الأمريكيين بالنظر إلى المستويات العالية من الإصرار وابتغاء الإثارة، وإلى المستويات المنخفضة من التواضع والليونة والصراحة.

وكان الرؤساء الأمريكيون الذين سجلوا درجات أقل من النرجسية، بينهم ماكينلي وأيزنهاور، يميلون إلى تقديم مصالح الدولة عن غيرها. ولم يشنوا الحروبَ إلا كملاذ أخير، وانتهت بأسرع ما يمكن - انظر على سبيل المثال خروج أيزنهاور السريع من الحرب الكورية.

أما الرؤساء الأمريكيون الذين احتلوا مرتبة أعلى في النرجسية، مثل روزفلت ونيكسون، لم يفصلوا بين المصالح الشخصية ومصالح الدولة، ما أدى إلى استمرار النزاعات لمدة أطول. على سبيل المثال، استلم نيكسون حرب فيتنام من سلفه، واستمر فيها لمدة أربع سنوات أخرى.

الرؤساء الأمريكيون النرجسيون لا يتخذون القرارات بعقلانية

بصورة عامة، أمضى الرؤساء الثمانية الذين سجلوا درجات نرجسية أعلى من المتوسط (يتقدمهم جونسون وروزفلت) في المتوسط 613 يوماً في الحرب، مقابل 136 يوماً أمضاهم الرؤساء الأحد عشر الذين سجلوا درجة نرجسية أقل من المتوسط (سجل ماكينلي وهوارد تافت أدنى نتيجة في الاختبار).

وأظهرت الدراسة أن العلاقة لا تزال قائمة، حتى عندما تؤخذ عوامل أخرى في الاعتبار - بما في ذلك المناخ السياسي في الولايات المتحدة، والتضاريس التي تدور فيها الحرب، وتوازن القوى بين المقاتلين، ومسألة إذا كان الرئيس نفسه يمتلك خبرة عسكرية سابقة أم لا.

وقال هاردن: "وجدت أن الطريقة التقليدية التي نظر بها علماء السياسة إلى ديناميكيات الحرب لا تعكس الصورة كاملة... إذ لا ينظر الرؤساء دائماً بعقلانية إلى الأدلة ليتخذوا قراراتهم في زمن الحرب. أخذ العديد من الرؤساء الأدلة بعين الاعتبار، لكن الآخرين قدموا مصالحهم الشخصية على مصلحة الدولة".

الرؤساء الأمريكيون النرجسيون يهتمون بصورتهم الشخصية

طرح هاردن عدة اقتراحات حول السبب الذي يفسر كيف تؤدي النرجسية إلى بقاء الرؤساء في صراعات لمدة أطول. ورجح أن يكون لديهم أهداف أكبر، ولديهم توقعات أعلى من حيث النتائج النهائية للنزاعات، على سبيل المثال.

وقد يكون لديهم أيضاً ثقة مفرطة في استراتيجياتهم، ما يؤدي إلى نقص الفعالية في المعركة وفترات القتال التي تستمر لمدة أطول مما يحتاجون إليه. ومن المعروف أيضاً أن النرجسيين يرتكبون أخطاء عند الشعور بالإجهاد، ولا يميلون إلى التكيف مع الفشل أيضاً.

بالطبع، لا نهاية لعدد العوامل المؤثرة في الحرب - من الطقس إلى عدد الدول المشاركة في تحفيز القوات - لكن ميول الشخص المسؤول قد تكون عاملاً أكثر أهمية مما كان يُظن سابقاً.

وأكد هاردن أن "الرؤساء النرجسيين يقضون وقتاً أطول في الاهتمام بصورتهم أكثر من الرؤساء الآخرين". ولفت إلى أن "هذه الدوافع، خاصة رغبتهم في حماية صورتهم الشخصية التي تغرهم بشدة، تدفعهم إلى إطالة أمد الحروب لفترة أطول من اللازم".

ترجمة: علاء العطار (بتصرف)

Journal of Conflict Resolution