أشارت صحيفة الأخبار اللبنانية إلى أن حلم الـ10 ساعات كهرباء بات قريباً، إلا أن الأمر يتطلب تعاون مصرف لبنان في تأمين التمويل بالعملة الأجنبية وتغطية استيراد الشحنات على فترات زمنية أقلّ مما اتفق عليه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
ولفتت إلى أن ميقاتي طلب أن يُدرج في دفتر الشروط شرط تسديد الشحنات بعد ستة أشهر، فيما يراهن وزير الطاقة وليد فياض على أن العروض ستأتي ضمن خيارين: التسديد بعد 30 يوماً أو بعد 180 يوماً، الخيار الثاني يعني كلفة إضافية على الشحنات، فيما خيار ميقاتي أن التمويل ليس متاحاً. كالعادة رياض سلامة يتحكّم بالتمويل ويأخذ الكهرباء رهينة.
وتساءلت الصحيفة إن كان لبنان سيصل إلى 10 ساعات كهرباء في غضون شهر، أي بحلول كانون الأول؟ مبينة بأن الجواب رهن سير المناقصات التي أطلقتها وزارة الطاقة منذ 4 أيام والتي يفترض أن تؤمّن لمؤسّسة كهرباء لبنان 66 ألف طن من الغاز أويل، 46 ألف طن من الفيول أويل Grade A و28 ألف طن من الفيول أويل Grade B. هذه الكمية ستسهم في زيادة ساعات التغذية لتصبح 10 ساعات، لكن هذا «الإنجاز» مشروط بإيجاد حلّ للخلاف حول آلية الدفع. فقد برزت إشكالية تتعلّق بتسديد ثمن الشحنة وتضمين الأمر في دفتر الشروط. إذ تعمل وزارة الطاقة على إدراج خيارين للتسديد في دفتر الشروط، أحدهما بعد 30 يوماً، وثانيهما بعد 180 يوماً. لكن في المقابل، يصرّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على أن يكون التسديد حصراً بعد 180 يوماً. حجّة ميقاتي أنه حصل على تعهد من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بإصدار اعتمادات معزّزة (كتاب ضمان يرسله مصرف لبنان للمصرف الذي يتعامل معه المورّد ويتعهد فيه بتسديد ثمن الشحنة وفق شروط العقد) مدّتها ستة أشهر، بينما تقول وزارة الطاقة إنه يجب أن يترك خيار التسديد بشكل مبكر.
ووفق الصحيفة فإن أوساط ميقاتي اعتبرت وجود أكثر من خيار لفترة التسديد بمثابة «عرقلة»، لأن الدولة اللبنانية ليست قادرة على الدفع بعد شهر واحد. أما المديرة العامة للنفط، أورور فغالي، فقد نفت في اتصال مع «الأخبار» أن يكون هناك تعمّد بإجهاض العملية. بل قالت إن وزارة الطاقة لطالما طالبت مصرف لبنان بوقف الدعم عن المحروقات لمصلحة دعم مؤسسة الكهرباء، إلا أن سلامة كان يرفض ذلك. وأكدت فغالي التزامها بخطة الوزارة والحكومة: «أنا مدير عام أنفّذ الخطّة فقط». لكن ما حصل «أن إدراج مسألة الـ30 يوماً، والـ180 يوماً ضمن دفتر الشروط جرى فهمه بطريقة خاطئة، لذا تعمل الوزارة على إضفاء بعض التعديلات على دفتر الشروط لتوضيح الآلية». وتقول فغالي إن «الدفع بعد 6 أشهر سيزيد الكلفة على الدولة اللبنانية لأن لبنان سيكون مضطراً أن يدفع فوائد على المبلغ الأصلي طوال هذه الفترة»، لذا، ارتأت الوزارة أن «تطرح خياراً يوفّر على المؤسّسة أكلافاً إضافية. من هذا المنطلق، كنا نتفاوض مع مصرف لبنان حول القدرة على تأمين دفعة أولى بعد 30 يوماً لتفادي الفائدة».
وبينت الصحيفة بأن المشكلة القائمة اليوم، هي التالية: السير باقتراح ميقاتي بالدفع بعد ستة أشهر، على أن يسدّد لبنان الفوائد المترتبة على هذه الفترة، وهي ستكون فوائد مرتفعة وسترفع مخاطر تقديم العروض والمنافسة، أي أنه يكبح وجود عارضين يوافقون على تسديد الشحنات بعد ستة أشهر، أو السير باقتراح وزارة الطاقة والمخاطرة بأن لا يقوم مصرف لبنان بفتح الاعتمادات لأن الدولة قد لا تتمكن من تسديدها في الوقت المطلوب، بالتالي ليس لدى العارضين أي ضمانة بأن التسديد سيكون فعلاً بعد 30 يوماً.
الكهرباء رهينة رياض سلامة
ورأت الصحيفة بأنه عملياً، صارت الكهرباء اليوم رهينة بيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فما الذي يمنع سلامة من تأمين الدولارات لشراء الفيول أويل اللازم لمعامل الإنتاج؟ بالطبع يمكنه أن يفتح اعتمادات معزّزة لمدة 30 يوماً وأن يسدّدها، إذ لن يضيره أن يخصص تمويلاً بقيمة 100 مليون دولار لتأمين 10 ساعات كهرباء على كل الأراضي اللبنانية. فهو بدّد أكثر من 12 مليار دولار على الدعم في السنوات الأخيرة، لكنه كان يرفض أن يموّل الكهرباء. المسألة لم تعد متعلقة بأي خيار يفترض أن يسلكه لبنان للحصول على الكهرباء، بل إن هناك رجلاً واحداً يتحكم بكل الخيارات. ألم ينفق مصرف لبنان ملايين الدولارات لتسديد الودائع الائتمانية التي تعود للبنانيين ارتضوا إيداعها في مصارف لبنانية بوساطة مصارف أجنبية؟ هذه الودائع سدّدها مصرف لبنان بسيولته من العملات الأجنبية حتى لا يفلس المصارف. ألم يبادر مصرف لبنان لدعم سلع مختارة اعتباراً من أيلول 2019؟ أصلاً أي تمويل للكهرباء سيكون أوفر على عجز ميزان المدفوعات. فما يحصل هو أن لبنان يستورد كميات كبيرة من المازوت يدفع ثمنها بالدولار النقدي، لتأمين الكهرباء بواسطة مولّدات الأحياء، لكن مصرف لبنان يرفض أن يدفع أقلّ مقابل فيول أويل لزوم معامل كهرباء لبنان لإنتاج ساعات تغذية أكثر.
وبحسب الصحيفة فهناك حجّة يتبعها مصرف لبنان من اليوم الأول لهذا الملف، وهي أنه يجب أن تدفع مؤسسة كهرباء لبنان ثمن الفيول أويل بالليرة اللبنانية على سعر «صيرفة». هو يدرك أن المؤسسة لا تملك المبالغ اللازمة لذلك إلا إذا جرى رفع التعرفة. وهذا الأمر أصبح واقعاً اليوم بعدما اتخذت كل القرارات بهذا الشأن، سواء من مؤسسة كهرباء لبنان، أو وزارتي الطاقة والمالية، وكلّها مبنية على خطّة الطوارئ التي أعدّها وزير الطاقة ووافق عليها مجلس الوزراء. رفع التعرفة، بحسب تصريحات فياض، سيبدأ من اليوم، أي أن كل استهلاك للكهرباء اليوم سيتم فوترته بالتعرفة الجديدة: 10 سنت لأول 100 كيلواط، و27 سنتاً لباقي الشطور، على أن تكون هناك كلفة ثابتة. وسيكون سعر الصرف المستخدم في الفاتورة الجديدة متحرّكاً وفق تحرّك سعر «صيرفة». وبهذا الخصوص تشير فغالي إلى أن «تأمين الكهرباء يأتي أولاً، ثم يترافق مع رفع التعرفة، ويفترض أن يجري الأمر في كانون الأول». هكذا، ستتمكن المؤسّسة من جباية الفواتير على أساس السعر الأقرب إلى الواقع لتتمكن من تسديد ثمن المحروقات.
وبالفعل باشر مقدمو الخدمات في قراءة العدّادات على أساس التعرفة الجديدة، على أن تبدأ جباية الفواتير بعد شهرين، أما ما قبل تشرين الثاني فسيتم فوترته على السعر القديم. وهذا يعني أن تعاون مصرف لبنان سيكون ضرورياً لإطلاق مناقصة تلزيم استيراد الفيول أويل والغاز أويل لزوم معامل الإنتاج. إذا تعاون مصرف لبنان، فسيكون بالإمكان تحويل الأموال المجباة بعد شهرين إلى دولارات يسدّد فيها ثمن الشحنات المستوردة. إذاً، السؤال الأساسي: هل رياض سلامة مستعدّ للتعاون أم أنه سيقحم الكهرباء في المعارك السياسية الدائرة الآن، فيسدّ أبوابه في وجه مؤسّسة كهرباء لبنان ويستعمل المواطنين رهينة؟
المصدر: الأخبار اللبنانية