الكابسيسين هو ما يجعل طعم الفلفل حارّاً

منوعات

الفلفل.. لماذا يحبه بعض الناس حارّاً

7 تشرين الثاني 2022 06:13

توجد البهارات في معظم المطابخ. والفلفل الحار هو أحد أكثر التوابل استخداماً في العالم، ونراه في آلاف الوصفات. كما يأكل واحد من كل أربعة أشخاص الفلفل يومياً.

وتمثل دراسة الفلفل الحار والتوابل مثالاً بارزاً للعلوم متعددة التخصصات. إذ قدم باحثون كثر في العقود الماضية معلومات حول هذا الإحساس الفموي المميز والمحبوب.

تاريخ الفلفل الحار

لم يكن الفلفل الحار معروفاً في كثير من البلدان حتى شق كريستوفر كولومبوس طريقه إلى "العالم الجديد" في عام 1492. وأشارت العديد من النظريات إلى أجزاء مختلفة من أمريكا الجنوبية بأنها "المكان" الذي جاء منه الفلفل الحار.

ووجد تحليل عرقي أنهم موطنه هو منطقة على طول جبال الأنديز، تمتد من غرب إلى شمال غرب أمريكا الجنوبية. وكانت هذه الفليفلة البرية "فواكه حمراء صغيرة مستديرة شبيهة بالتوت".

ويعود أقدم دليل على استئناسها إلى ما قبل 6000 عام في المكسيك أو شمال أمريكا الوسطى. ودخل الفلفل الحار إلى أوروبا في القرن السادس عشر. واليوم هناك خمسة أنواع مستأنسة من الفلفل الحار.

وينتج من الفلفل الحار في الوقت الحاضر أكثر من ثلاثة ملايين طن سنوياً لسوق عالمية تزيد قيمتها عن 4 مليارات دولار أمريكي.

لماذا نحس بلذعة عند تناول الفلفل الحار؟

اللذعة هي إحساس حارق يسببه الكابسيسين الموجود في الطعام. وعندما نأكل طعاماً حاراً، يحفز الكابسيسين مستقبلات في أفواهنا تسمى مستقبلات TRPV1 ويؤدي إلى استجابتها. والغرض من مستقبلات TRPV1 هو الكشف عن الحرارة. هذا يعني أنه من المفترض أن تمنعنا من تناول الطعام اللاذع.

وعندما ينشط الكابسيسين مستقبلاتِ TRPV1، نحس بشيء ساخن حرارته قريبة من درجة غليان الماء. لكن هذا الألم ما هو إلا تأثير جانبي وهمي لمستقبلاتنا العصبية المشوشة.

أكثر أنواع الفلفل حدة في العالم

تختلف درجات اللذعة أو الحدة باختلاف الفلفل الحار الذي تتناوله. وفي عام 1912، ابتكر الصيدلاني ويلبر سكوفيل مقياساً لقياس لذعة الفلفل الحار. ويعتمد هذا المقياس على حساسية الكابسيسينويد التي يختبرها من يتناول الفلفل الحار.

ويقيس هذا المقياس بوحدة حرارة سكوفيل (SHU اختصاراً)، وبناء عليه، تكون درجة حدة الفلفل الحلو (SHU = 0) أدنى درجة. ويمكن أن تتراوح درجة حدة أنواع فلفل جالابينو من 2500 إلى 10000 وحدة. وبالمقارنة، تتراوح درجة لذعة فلفل تاباسكو بين 25000 إلى 50000 وحدة، وفلفل هابانيرو بين 100000 إلى 350000 وحدة. وأكثر أنواع الفلفل لذعةً في العالم - كارولينا ريبر - تصل إلى 2.2 مليون وحدة.

لم يستمتع بعض الناس بتناول الفلفل الحار

كتب عالم النفس بول بلوم: "بحث الفلاسفة في أحيان كثيرة عن السمة المميزة للإنسان - اللغة والعقلانية والثقافة ونحو ذلك. وأنا سألتزم بقول: إن الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يحب صلصة تاباسكو".

وكان بلوم مصيباً، فلا يوجد حيوان على الأرض يستمتع بالفلفل الحار غيرنا. لكننا لسنا الوحيدين الذين نأكل الفلفل، إذ لدى الثدييات، مثل الفئران والسناجب، مستقبلات الطعام الحار نفسها التي يمتلكها الإنسان، وتميل إلى تجنب أكل الفلفل الحار.

وتأكل الطيور الفلفل الحار - لكنها لا تشعر بلذعة. فلدى الطيور مستقبلات مختلفة عن مستقبلات البشر وغير قادرة بيولوجيا على الإحساس بآثار الكابسيسين.

ويصعب شرح سبب تطور مادة الكابسيسين. لكن بعضهم يظن أنه تكيف بهذا الشكل لكي تأكل الطيور فواكه الفلفل الحار. فهي لا تمضغ البذور أو تهضمها مثل القوارض، بل تطرحها.

واقترحت دراسات أخرى أن الكابسيسين هو رادع فعال لهجمات الفطريات الطفيلية، وأن الإحساس بالحرارة لدى الثدييات هو أحد الآثار الجانبية.

كما يجادل بعض الخبراء بأن البشر يحبون الفلفل لأنها مفيدة لصحتهم. فهي تقلل من ضغط الدم وقد يكون لها بعض التأثيرات المضادة للميكروبات. كما إن الألم المحسوس من الفلفل الحار قد يطغى على الآلام الأخرى فيساهم في التعامل معها.

وأشارت فرضيات أخرى إلى أنها مازوخية حميدة. وفي هذا قال عالم النفس بول روزين إن الإثارة المتأتية من تناول الفلفل الحار تشابه إثارة ركوب الأفعوانية. وأوضح في مقابلة أن "العقل يطغى على الجسد. فجسدي يظن أنني واقع في مشكلة، لكنني أعلم أنني بمأمن".

تقليل الإحساس بالحرق

ماذا يحدث عندما يكون الطعام حاراً جداً؟ اختبر باحثون قدرة العديد من المشروبات الشائعة على تخفيف الإحساس بالحرق الذي يثيره الكابسيسين. ووجدوا أن شرب كوب من الماء غير فعال لأن الكابسيسين كاره للماء – أي لا يرتبط الجزيء بالماء. والإيثانول الموجود في البيرة الباردة قد يزيد الشعور بالحرق، لكن هذا يحتاج إلى إثبات دقيق.

وقد تساهم المشروبات التي تحتوي على كمية كبيرة من السكر في تخفيف هذا الإحساس لأن تنشيط طعم الحلاوة يربك عقولنا. وتناول الكثير من المحفزات سيقلل من حدة الفلفل الحار.

وسيخفف شرب كوب من الحليب وتناول بضع ملاعق من اللبن أو الآيس كريم الإحساس بالحرق. إذ تحتوي هذه المنتجات إلى جانب حلاوتها على الكازين - البروتين الأساسي في حليب البقر – الذي يرتبط بجزيئات الكابسيسين.

لذلك في المرة القادمة التي تريد فيها تجربة صلصة حارة جديدة أو طبق حار، لا تنس أن تطلب كوباً من الحليب.

The Conversation