خصية الفيلة تطور جينات مضادة للسرطان

عالم الحيوان

دراسة جديدة: الخصية الحارة لدى الفيلة تطور جينات قوية مضادة للسرطان

28 حزيران 2023 22:25

كشفت دراسة نُشرت يوم أمس الثلاثاء، في مجلة علم البيئة والتطور Trends in Ecology & Evolution، عن علاقة مثيرة للاهتمام بين الخصيتين الحارتين وتطور الجينات القوية المضادة للسرطان عند الفيلة.

خصية الفيلة تطور جينات مضادة للسرطان

أكد البحث، بقيادة البروفيسور "فريتز فولراث" رئيس منظمة "أنقذوا الفيلة" Save the Elephants، بأن عدم نزول الخصية في الفيلة ربما يكون قد أدى إلى تطوير جينات متعددة مضادة للسرطان، مما يحمي إنتاج الحيوانات المنوية الحساسة لدرجة الحرارة.

تقدم هذه الفرضية الجديدة وسيلة مثيرة للباحثين في مجال السرطان، ومن المحتمل أن تقدم رؤى قيمة لفهم الاستجابة الخلوية لتلف الحمض النووي في البشر.

وعلى الرغم من حجمها الكبير والعدد الأكبر من انقسامات الخلايا الجسدية، والتي تزيد من خطر الإصابة بالسرطان تقليدياً، فإن الفيلة تتحدى التوقعات التقليدية، ولوحظت هذه الظاهرة لأول مرة من قبل عالم الأوبئة الشهير في أكسفورد "ريتشارد بيتو"، الذي لاحظ أن الفيلة والحيتان تبدو مقاومة بشكل مفاجئ لتطور السرطانات.

جينات الفيلة تطور آلية دفاع ضد السرطان

ألقت التطورات العلمية الحديثة الضوء على أهمية الفيلة في فك رموز هذا اللغز المثير للاهتمام للتصدي السرطان، والمفتاح هو الرابط بين الواسم الجيني TP53، ومنتج البروتين p53، حيث يحدد P53 ويعادل الحمض النووي التالف أثناء انقسامات الخلايا وبالتالي يعيق انتشار الطفرات.

من اللافت للنظر، أن الفيل يبرز باستضافة 20 نسخة من جين TP53، في حين أن جميع الحيوانات المعروفة الأخرى، بما في ذلك البشر ، تمتلك نسخة واحدة فقط، وهذا يطرح السؤال التالي: لماذا طورت الفيلة آلية الدفاع السحرية هذه ضد السرطان في حين أن الأنواع الأخرى لم تفعل ذلك؟

الخصيتين الحارتين لدى الفيلة

تسلط الدراسة الضوء، على أن الانتقاء على الخلايا الجسدية، التي تتكون منها الأجسام والأعضاء والأنسجة، يكون ضعيفاً وبطيئاً نسبياً بسبب المزيج المعقد من الخلايا السليمة والتي قد تكون ضارة، وبالإضافة إلى ذلك، يميل التطور إلى التقدم بشكل تدريجي عندما يقتصر على التطورات التي تحدث في الشيخوخة، بعد أن يتم إنتاج معظم الخلايا، وفي المقابل، فإن الانتقاء على الخلايا الجرثومية، مثل الحيوانات المنوية والبويضات، أقوى وأسرع إلى حد كبير، لأنه يؤثر بشكل مباشر على بقاء كل خلية على حدة.

هذا يقودنا إلى موضوع مثير للاهتمام وهو درجة حرارة الخصية، ففي الثدييات، يعتمد إنتاج الحيوانات المنوية السليمة على أن تكون الخصيتين أبرد بعدة درجات من درجة حرارة الجسم، وبالتالي، فإن نزول الخصيتين إلى كيس الصفن يلعب دوراً حيوياً في تبريدهما مع اقتراب النضج، ومع ذلك، تفتقر الفيلة إلى الجينات المسؤولة عن هذا الأمر، مما يؤدي إلى بقاء خصيتيها داخل أجسامها حتى عند الفيلة الناضجة، مما يعرضها لدرجات حرارة مرتفعة.

وبالنظر إلى ضعف الفيل في مواجهة التحديات المناخية بسبب حجمه الكبير، ونسبة السطح غير المواتية، والجلد السميك، وآليات التبادل الحراري التي تتمحور حول تدفق الدم في سديلة الأذن، يمكن أن ترتفع درجات حرارة أجسام الفيلة إلى مستويات ضارة بعملية التمثيل الغذائي للثدييات وتضر بالصحة وبإنتاج الحيوانات المنوية.

علاقة الحيوانات المنوية لدى الفيلة بتطوير جينات تكافح السرطان

ووفقاً للنموذج الذي قدمته هذه الدراسة، لم يكن تكاثر جينات TP53 قد تطور بشكل أساسي لمكافحة السرطان بل لدعم استقرار الحمض النووي في الحيوانات المنوية، مما يضمن إنتاج حيوانات منوية قوية وحمايتها ضد الجراثيم، ومع ذلك، فإن هذا التنوع لبروتينات p53 يوفر أيضاً فوائد وقائية ضد تلف الحمض النووي والطفرات في خطوط إنتاج الخلايا الجسدية، مما يوفر مزايا إضافية مرتبطة بالسرطان والشيخوخة، وهي منطقة يُعرف أن p53 يلعب فيها دوراً بارزاً.

ويقول البروفيسور فولراث، في تعليقه على البحث: "توفر لنا الفيلة نظاماً فريداً لدراسة تطور آلية دفاع قوية ضد تلف الحمض النووي واستكشاف التفاصيل المعقدة لمركب p53 في معركتنا الخاصة ضد السرطان وأمراض مثل الشيخوخة، وتعتبر الأفكار الجديدة في هذا المجال مهمة دائماً، خاصة الآن بعد أن أصبحت السخونة الزائدة مشكلة بالنسبة لنا نحن البشر أيضاً". 

المصدر: مجلة Trends in Ecology & Evolution