قبل أن يكتشف العلماء أن حالة الصرع ناتجة عن حالة عصبية، كان الناس يعتقدون أن سببها القمر، أو وجود البلغم في الدماغ، كما أنهم حكموا على مرضى الصرع بممارسة السحر أو الإصابة بمس شيطاني، وتم قتل المصابين لمنعهم من نقل دماء ملوثة إلى جيل جديد.
السلوك البشري يدحض فكرة وجود الإرادة الحرة
أما اليوم فنحن نعلم أن الصرع مرض، وعلى العموم، من لا يوجه الإتهام بالقتل ضد الشخص الذي يتسبب في حادث مروري مميت أثناء تعرضه لنوبة صرع، وهذا أمر جيد، كما يقول روبرت سابولسكي، عالم الأحياء العصبية بجامعة ستانفورد، فهذا هو التقدم، ولكن لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه.
فبعد أكثر من 40 عاماً من دراسة البشر والرئيسيات الأخرى، توصل سابولسكي إلى استنتاج مفاده أن كل السلوك البشري تقريباً هو خارج نطاق سيطرتنا الواعية مثل التشنجات الناتجة عن نوبة الصرع، أو انقسام الخلايا، أو نبضات القلب.
السلوك البشري يدحض فكرة وجود الإرادة الحرة
وهذا يعني قبول حقيقة مفادها أن الرجل الذي يطلق النار على حشد من الناس ليس لديه سيطرة على مصيره أكثر من الضحايا الذين يصادف وجودهم في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، ويعني ذلك معاملة السائقين المخمورين الذين يدهسون المشاة تماماً مثل السائقين الذين يعانون من نوبة قلبية مفاجئة وينحرفون عن مسارهم.
وقال سابولسكي: "إن العالم في حالة فوضى حقيقية، وأصبح أكثر ظلماً بكثير من حقيقة أننا نكافئ الناس ونعاقبهم على أشياء ليس لديهم سيطرة عليها، ليس لدينا إرادة حرة، لذلك يجب أن نتوقف عن نسب أشياء ليست موجودة إلينا".
الإرادة الحرة تعزز الرضا الذاتي عن النفس لدى البشر
ويؤكد سابولسكي، الحائز على منحة "العبقرية" تماماً أن هذا موقف جديد وفريد من نوعه، حيث يعتقد معظم علماء الأعصاب أن البشر لديهم على الأقل درجة معينة من الإرادة الحرة، وكذلك يفعل معظم الفلاسفة والغالبية العظمى من عامة الناس، إن الإرادة الحرة ضرورية لكيفية رؤيتنا لأنفسنا، مما يغذي الرضا عن النفس أو الخجل من الفشل في القيام بالشيء الصحيح.
إن القول بأن البشر ليس لديهم إرادة حرة هو طريقة رائعة لبدء الجدال، وهذا جزئياً هو السبب الذي دفع سابولسكي، الذي يصف نفسه بأنه "كاره إلى حد كبير للصراع بين الأشخاص"، إلى تأجيل كتابة مؤلفه الجديد "الإرادة: الحياة بدون إرادة حرة".
الإرادة الحرة تعزز الرضا الذاتي عن النفس لدى البشر
يتمتع سابولسكي، البالغ من العمر 66 عاماً، بسلوك معتدل، حيث كان، ولأكثر من ثلاثة عقود، يهرب من سياسات الأوساط الأكاديمية إلى دراسة قردة البابون في ريف كينيا لبضعة أشهر في كل عام.
وقال: "أنا أتعامل مع التعقيدات البشرية من خلال الذهاب والعيش في خيمة، لذلك، أنا لست مستعداً للكثير من المشاجرات حول هذا الموضوع."
المصدر: موقع Phys.Org