أكد الجنرال اللبناني المتقاعد محمد فوعاني بأن حرية أهل غزة وفلسطين وإزالة الاحتلال والاستعباد تستوجب دفع الأثمان والتضحية، وهذا الأمر ثابت في التاريخ، مبينا أن الإجرام والقتل والتدمير ليس غريبا على العدو الإسرائيلي.
محمد فوعاني: حرية فلسطين هدف منشود يستوجب التضحية
حيث أوضح فوعاني خلال حديثه ضمن مساحة أدارتها مديرة موقع النهضة نيوز ندى درغام، عبر حسابها على موقع X، بأن الوضع الإنساني في غزة واقع كارثي، وأن الخسائر كبيرة في الأرواح، والدمار كبير، وهذا ليس غريبا عن العدو الصهيوني، فهذه عادته يدمر ويقتل وليس له حدود ولا احترام للحياة الإنسانية ولا حتى للتقاليد العسكرية، فهذا ديدنه وطبيعته، فلا نستغرب أفعاله، إنما الهدف المنشود الذي سيتحقق بحرية أهل غزة الكاملة وأهل فلسطين يستوجب دفع الأثمان.
ولفت إلى أن ما حصل في غزة ليس غريبا، والكل يعلم بأن لا وجود لشيء اسمه انتصار أو حرية من احتلال أو إزالة استعباد إلا ويستوجب دفع ثمنه دما، داعيا إلى النظر إلى التاريخ فجميع المقاومات دفعت دماء وكل الشعوب دفعت دما، وإذا نظرنا إلى الجزائر كمثال، فقد قدمت مليون ونصف شهيد حتى تخلصوا من الاحتلال، فالتحرر وإزالة الاحتلال والاستعباد يستوجب التضحية.
خسائر العدو الإسرائيلي في الحرب على غزة
وفي السياق تساءل أحد الناشطين في مداخلة بالمساحة ذاتها، عن سبب عدم التطرق إلى خسائر العدو الإسرائيلي ودائما يتم الحديث عن الخسارة في الجانب الفلسطيني، مشيرا إلى أن الكيان الإسرائيلي خسر المليارات، ومنذ شهرين تم نشر تقرير بأن أكثر من 800 ألف صهيوني غادر الكيان الإسرائيلي، وهو ما يعتبر ضربة قوية، لأن هذا الكيان يحاول بكل إمكانياته أن يأتي بالناس من الخارج إلى فلسطين، لافتا إلى وجود الكثير من النقط التي تثبت حجم خسارة الكيان.
وأشار الناشط إلى أمر آخر حول وجوب التفريق بين اليهودي والصهيوني، وقال: "على صعيد أوروبا مثلا هناك الكثير من اليهود المتشددين تبين أنهم ضد نتنياهو والنظام الصهيوني وكل هذه الأفكار، وهم نوعا ما مع أصحاب الأرض، ولا يمكن أن ننسى هذه النقطة لأن هؤلاء هم أكثر الناس تأثيرا في الحرب مع العدو الصهيوني."
ومن جهته علق الجنرال فوعاني على هذا الطرح مبينا بأن خسارة إسرائيل كبيرة، بحسب الإعلام العبري، وأشار إلى العملية التي نفذها أحد المقاومين أمس في مغتصبة بنيامين، والتي أدت لإصابة سبعة إسرائيليين، والتي تبعها اشتباك لأكثر من ثلاث ساعات ونصف بين هذا المقاوم مع جيش الاحتلال، الذي أشرك في العملية مروحية وطائرة مسيرة، وتم إطلاق صاروخ من إحدى الطائرات، ليستدل من هذا المشهد أهمية الإعصار الذي حدث في السابع من أكتوبر وتأثيره، إضافة إلى التأثير الاقتصادي والانعكاس السلبي على الاقتصاد الإسرائيلي الذي فاقمه الحصار الذي فرضه اليمن على حركة السفن والذي أدى لزيادة كبيرة في الأسعار، والانعكاس السلبي على معنويات الجيش الإسرائيلي، وموقف الحريديم الخطير جدا بالنسبة لهذا الجيش.
محمد فوعاني: الصراع مع الصهيوني إنساني وليس دينيا
وأكد فوعاني على كلام الناشط حول وجوب التمييز بين الصهيوني واليهودي لأن الصهاينة يحاولوا تحويل المشكلة القائمة إلى مشكلة دينية وهي في الحقيقة مشكلة إنسانية، فأي إنسان يهودي موجود في فلسطين له حق في هذه الأرض مثل أي عربي مسلم أو مسيحي أو أي فلسطيني، إنما الذي أتى من الخارج بصفته يهودي واستقر في فلسطين بصفته يهودي فهو في هذه الحالة مع الصهاينة وينفذ أهداف الحركة الصهيونية بشكل ما، فنحن ضد المغتصبين وضد المستوطنين وضد من أخذ الحق من أهل فلسطين بمختلف أديانهم.
وتمنى على الجميع الابتعاد عن موضوع الأديان لأن الدين لله، والصراع بيننا وبين الصهيوني هو صراع إنساني وليس صراعا دينيا على الإطلاق وهذا ما يعتبره بشكل شخصي.
محمد فوعاني: عندما يرتفع صوت التهديد الإسرائيلي أطمئن
وردا على سؤال من الناشط محمد زهري أحد المشاركين في إدارة المساحة، عن تطور الأمور في حال قرر الجيش الإسرائيلي الدخول على رفح، وإن كان من الممكن أن تتجه الأمور إلى التصعيد على الجبهة اللبنانية، أجاب فوعاني بالقول: "من خلال مراقبتي لتاريخ الكيان الصهيوني لدي قناعة بأن العقيدة العسكرية الصهيونية تقوم على مبدأين، مبدأ الحرب الخاطفة ومبدأ نقل المعركة إلى أرض العدو، وعبر التاريخ ومنذ إنشاء الكيان حتى الآن، لم يتردد الإسرائيلي عندما يكون قادرا على القيام بعملية عسكرية ولا مرة واحدة، بل قام بها ونفذها، فما أراه في جبهة جنوب لبنان وشمال فلسطين هو تهديدات وصراخ، وعندما يرتفع صوت التهديد الإسرائيلي أطمئن أكثر، لأن الإسرائيلي ينفذ وليس معتادا على التهديد، فلو كان قادرا كان نفذ، وأنا متأكد من ذلك من نظرة عسكرية وليس عاطفية، لأن هذا الكيان دولة استعمارية استيطانية لم تحدد حدودها، والخريطة التي قاموا بطرحها على الأمم المتحدة تتضمن نصف لبنان وجزء كبير من سورية وقسم من العراق والأردن، وقسم كبير من مصر، وتصل حدود هذا الكيان إلى المدينة المنورة في السعودية، وهذا ما يجعلنا على حذر دائم في التعاطي معهم، وهذا ما يدفعنا للأسف أيضا بسبب بأن بعض الدول لا يشعرون بالخطر الذي يأتي إليهم.
وتابع قائلا: "رغم أن العدو الإسرائيلي لم يتمكن من تحقيق أي هدف عسكري في غزة، وصحيح أنهم أجرموا من قتل وتهجير، فهذا تاريخه وصفته لأنه بعيد كل البعد عن الإنسانية، لكنه سحب لوائي النخبة من غزة تحت ضغط القتال وليس لإراحتهم، لأن الراحة لا تكون لقوات النخبة خلال الحرب بل لقوات الاحتياط، والانعكاسات السلبية في الجيش الإسرائيلي واضحة بتصريحات قياداته، والاستقالات التي حدثت لقادة في الأمن العسكري أثناء الحرب هو هزيمة كاملة، إضافة لموقف حركة الحريديم التي هزت كيان الاحتلال بموقفهم من عدم قبولهم بالالتحاق بالجيش الصهيوني، فهذا انكسار كبير.
ليخلص الجنرال إلى أنه ورغم الألم الحاصل، فالصهيوني محشور ولو كان قادرا على الاقتراب من جنوب لبنان لم يكن ليتردد ولا لحظة واحدة، ولو كان يستطيع الاقتراب حتى من الأردن لم يكن ليتردد في ذلك.
محمد فوعاني: ما يحدث في جبهة جنوب لبنان حرب استباقية
ووجه محمد زهري أيضا سؤالا إلى الجنرال فوعاني قال فيه: "عندما بدأت المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان مساندتها لغزة بعمليات في شمال فلسطين، فهل ترى هذا العمل من الناحية العسكرية هو الدفاع في سياق الهجوم، وهل هناك شيء آخر غير سلاح المقاومة قادر على حماية لبنان في هذه اللحظات وفي الأيام المقبلة؟"
وقبل إجابته على هذا السؤال كشف الجنرال فوعاني بأن هناك من يقوم بتخوينه عندما يتكلم بطريقة منطقية عن جبهة جنوب لبنان، وأن البعض حاول المزايدة عليه في الانتماء إلى المؤسسة العسكرية، وهو الذي أمضى حياته فيها ويحبها ويجلها أكثر من أي شيء آخر.
واعتبر بأن ما حدث على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة "نوع مما يسمى الحرب الاستباقية، لأننا نعلم أطماع الصهيوني في أرضنا وهذا الأمر ليس تخيلا بل سبق للعدو أن احتل 70 بالمئة من لبنان وسيكررها عندما يملك القدرة على ذلك، فهذه الأطماع التي نعلمها ومتأكدين منها كأشخاص عاديين، فبالتالي قادة المقاومة تعلمها بالتأكيد، ويتابعونها وهناك مراكز دراسات كبيرة وأشخاص محترمين ومفكرين بينوا الأخطار التي يشكلها العدو الصهيوني على المناطق العربية وخاصة المجاورة."
وأوضح بأن "الحرب الاستباقية كانت لهدفين، الأول مرتبط بقرار وحدة الساحات الذي اتخذه محور المقاومة وهو ليس سهلا أبدا، لكنه ملزم إنما هناك استقلالية قرار بين فصائل المحور لأن كل فصيل منهم له أوضاعه الداخلية في بلده، وردَّ على المتسائلين عن سبب عدم فتح المقاومة في لبنان للحرب الشاملة وقيامها بالقصف والتدمير، بأن هذه المقاومة لبنانية يعيشون ويعلموا أوضاع بلدهم لبنان، ولا يغامرون هذه المغامرة إلا إذا كانوا متأكدين من نصر كبير، وغير ذلك فسيكون هناك انعكاس سيء على لبنان وفي النهاية هم لبنانيون، بغض النظر عن التنازعات السياسية، فبالنهاية هذا لبناني يستشهد لأجل لبنان."
أما بالنسبة للهدف الثاني من الحرب الاستباقية فبين فوعاني بأن "المقاومة تمكنت من إشغال ثلث الجيش الإسرائيلي، لأنها أشغلت ثلاث فرق على الجبهة الجنوبية ولا أحد يتصور بأنها ثلاث فرق فقط بل مع قيادات مناطق وطيران ومدفعية ودبابات، فقد أشغلت المقاومة بفتحها لهذا الجبهة قسم كبير من الجيش الصهيوني، وخففت الضغط عن غزة بشكل كبير والمقاومة هناك تعرف ذلك، وأشغلت العدو بمعارك آنية وليست مصيرية، وكلنا نشاهد الانكسار الإسرائيلي في غزة أمام ضربات المقاومة ومنذ يومين كانت أعنف المواجهات بين المقاومين والإسرائيلي شمال غزة، بعد شهر من إعلان الإسرائيلي السيطرة على شمال غزة والقضاء على كل المقاومين، وكل هذا مرتبط ببعضه البعض."
الجنرال محمد فوعاني يوجه رسالة إلى اللبنانيين في زمن الحرب
ووجه الجنرال رسالة كلبناني إلى اللبنانيين قال فيها "يُفترض في هذه المرحلة أن يكون الجميع صفا واحدا ويدا واحدة وإن كان هناك اختلاف بالسياسة، أتفَّهم في حالة السلم أن يخرج البعض ويشتموا ويختلفوا على الأصوات ويستقطبوا الشارع وأتفَّهم المزايدات السياسية، إنما في الحرب، والعدو يضع مسدسا في رأسي وأنا أضع سكينا في بطنه، وأخي أو ابن عمي الذي أتوقع منه أن يساندني فيأتي ليضع سكينا على رقبتي ويقول لي ألقِ سلاحك!! فهناك منطق فدعونا ننتهي من عدونا جميعا ثم نذهب لتصفية الترَّهات بيننا وبين بعض، لأننا سنصل في النهاية إلى حل مع بعضنا كلبنانيين."
محمد فوعاني: الوضع في لبنان صورة عن غزة لولا سلاح المقاومة
وتوجهت مديرة المساحة ندى درغام إلى الجنرال بالسؤال التالي: "كيف سيكون الوضع في لبنان حاليا خلال هذا العدوان الإسرائيلي على غزة لولا وجود سلاح حزب الله الآن في لبنان، وهل تشك أنه وضع لبنان يمكن أن يكون صورة عن غزة."
وشدد الجنرال فوعاني على أنه ليس لديه أي شك بأن وضع لبنان لولا سلاح المقاومة سيكون صورة عن غزة بل وأكثر، لأن الصهيوني حاقد جدا على لبنان وعلى الهزائم التي لحقت به في مواجهة المقاومة في لبنان، ومن جانب آخر فإذا انتهى الإسرائيلي من غزة وهجر أهلها إلى سيناء وفق المخطط الصهيوني الذي يتضمن تهجير كل الفلسطينيين من فلسطين، فإذا هجر أهل غزة سينتقل إلى الضفة ويهجر أهلها إلى الأردن، أما أراضي 48 والنقب وشمال فلسطين فسيتم تهجيرهم إلى لبنان، والجميع يعلم وضع لبنان، وحاليا الوضع سيء جدا بوجود النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين سابقا، ولم يعد يحتمل، فكيف إن تم تهجير مليون فلسطيني جديد إلى لبنان، فهنا البعض لا يرى ولا ينتبه إلى الأخطار المحيطة بلبنان.
محمد فوعاني: المشكلة في لبنان هي التعصب والزعامات
وعن الانقسام اللبناني حول اعتبار الإسرائيلي عدوا ومشاركة حزب الله في مساندة غزة، أشار فوعاني إلى أن المشكلة في لبنان في فترة الحرب هي أن الصوت الأعلى هو الصوت الأشد تعصبا، وأعتبر أن "التعصب هو جدار يحتمي خلفه الجاهل لأن المتعلم والمثقف يحاور ولا يتعصب سواء تعصب ديني أو مذهبي أو اجتماعي أو إنساني أو أدبي أو فكري، فالمنفتح لا يتعصب، ونسمع في هذه الفترة أصواتا مُنكَرة، وهذه الأصوات سببها التحريض."
ورأى بأن "الزعامات السياسية التي سبق ودمرت البلد مستعدة لتكرار هذا الأمر من أجل أن تحافظ على الكرسي، فهؤلاء باسم الطوائف وزعامتهم عليها مستعدون أن يوصلوا طائفتهم إلى الفناء من أجل بقائهم على الكرسي، فهذا التحريض الذي يتعرض له البلد يجب أن نواجهه ولا نسمح به، فإذا ابتعدت هذه الزعامات المحرضة ستصبح نسبة المتعصبين قليلة جدا، وستصبح نسبة الإدراك بأن الإسرائيلي عدونا المشترك هو عدو كل اللبنانيين وهو عدو الإنسانية وليس عدو فئة منهم."
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المساحة تخللت استضافة الفلسطيني خالد أبو سلطان وهو مواطن من غزة وناشط إنساني، خاض تجربة النزوح، ونجا من الموت مرات عديدة، كشف خلالها عن حقيقة الوضع الإنساني في غزة وعن حال سكانها في هذه الأوضاع المأساوية.