حقق العلماء في جامعة كونيتيكت اكتشافا مذهلاً في السعي نحو حياة أطول وأكثر صحة، وفي دراسة كبيرة، نجح الباحثون في زيادة عمر الفئران وتحسين حالتها الصحية من خلال استهداف خلايا معينة في أجسامهم، ويمثل هذا التطور المثير خطوة كبيرة نحو تحقيق الحلم بزيادة سنوات العمر مع تحسين جودة الحياة خلال هذه السنوات.
اكتشاف بروتين يسهم في التدهور المرتبط بالتقدم في السن
نشرت الدراسة في مجلة "Cell Metabolism"، حيث تم التركيز على الخلايا التي تعبر بكثرة عن بروتين يسمى p21، وتتراكم هذه الخلايا "المرتفعة p21" في أنسجة مختلفة مع تقدمنا في العمر، ويبدو أنها تسهم في التدهور المرتبط بالتقدم في السن، ومن خلال التخلص الدوري من هذه الخلايا في الفئران، تمكن العلماء من تمديد أعمار الفئران بمعدل 9%، وهو ما يعادل حوالي سبع سنوات عند البشر، والأهم من ذلك، أن الفئران ظلت أكثر صحة وأقوى بدنياً طوال فترة حياتها الطويلة.
معالجة التحدي الأكبر في علم الشيخوخة
يعالج هذا الاكتشاف تحديا حاسما في علم الشيخوخة، وهو كيفية زيادة العمر مع تحسين جودة الحياة في نفس الوقت، وحاليا، هناك فجوة بين طول العمر والحياة الصحية، حيث أن بعض الدول تشهد زيادة في متوسط العمر المتوقع بسرعة أكبر من الصحة الجيدة، مما يعني أن الناس يعيشون لفترات أطول لكن يقضون وقتًا أطول في حالة صحية سيئة.
استهداف الخلايا المرتفعة p21 في الفئران
ما يجعل هذه الدراسة مميزة هو الطريقة الشاملة التي قام بها الباحثون بتقييم صحة الفئران، فبدلاً من قياس العمر الافتراضي فقط أو النظر إلى الصحة في نقطة واحدة من الزمن، قاموا بتتبع الوظيفة البدنية للفئران شهريا حتى الموت الطبيعي، وسمح لهم هذا بإظهار أن العلاج حسّن الصحة طوال الفترة المتبقية من الحياة، وليس فقط بشكل مؤقت.
لتحقيق هذه النتائج المذهلة، استخدم الباحثون نهجا جديداً ومميزاً، حيث استخدموا فئران معدلة وراثيا مكنتهم من استهداف الخلايا المرتفعة p21 وتدميرها بشكل محدد، وقد تم تصميم هذه الفئران بجهاز وراثي يمكن تفعيله، مما يؤدي إلى تدمير الخلايا المرتفعة p21 ذاتيًا، وبدأ العلماء تدخلهم عندما كانت الفئران تبلغ من العمر 20 شهرًا، وهو ما يعادل حوالي 60-65 عامًا عند البشر.
ولمرة واحدة في الشهر، قام الباحثون بإعطاء دواء يسمى تاموكسيفين للفئران، حيث قام هذا الدواء بتفعيل الجهاز الوراثي، مما تسبب في موت الخلايا المرتفعة p21، وبينما تلقت الفئران الضابطة نفس الدواء لكنها كانت تفتقر إلى الجهاز الوراثي، لذا بقيت خلاياها المرتفعة p21 سليمة.
تأثير ينبوع الشباب
أظهرت الفئران المعالجة تحسنا في قوة القبضة، وزيادة في سرعة المشي، وانخفاضا في درجات الضعف مقارنة بالفئران غير المعالجة، كما أظهرت تحسنًدا في وظيفة القلب، وتحملا أفضل للجلوكوز وحساسية للأنسولين، وكبدا أكثر صحة، واستمرت كل هذه الفوائد حتى الأشهر الأخيرة من الحياة، مما يشير إلى تمديد حقيقي للمدة الصحية.
من المثير للاهتمام أن العلاج لم يمنع أي أمراض معينة، وبدلاً من ذلك، يبدو أنه أبطأ عملية الشيخوخة بشكل عام، مما أدى إلى تحسين الصحة عبر أنظمة الجسم المختلفة، ويتماشى هذا مع الفكرة القائلة بأن استهداف العمليات الأساسية للشيخوخة قد يكون أكثر فعالية من محاولة علاج الأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر واحدًا تلو الآخر.
فوائد صحية متعددة
لكن الفوائد لم تتوقف عند هذا الحد، فقد أظهرت الفئران المعالجة أيضا تحسنا في عدة مجالات رئيسية للصحة:
تحسن وظيفة القلب: كشفت الفحوصات عن أن الفئران المعالجة كان لديها قلوب أقوى وأكثر كفاءة.
تحسن الأيض: أظهرت الفئران تحملًا أفضل للجلوكوز وحساسية للأنسولين، مما يشير إلى أيض أكثر صحة واحتمالية انخفاض خطر الإصابة بالسكري.
كبد أكثر صحة: أظهرت اختبارات الدم مستويات أقل من الإنزيمات المرتبطة بتلف الكبد في الفئران المعالجة.
مجلة Cell Metabolism