الخفافيش تتحمل مستويات سكر في الدم تفوق جميع الثدييات فماهو السبب ؟

تكيف الخفافيش مع مستويات سكر الدم القاتلة

نشرت دراسة مميزة في مجلة "Nature Ecology and Evolution" يوم أمس 28 آب 2024، بقيادة الباحثين جاسمين كاماتشو، الحاصلة على درجة الدكتوراه وباحثة ما بعد الدكتوراه، وأندريا بيرنال-ريفيرا الباحثة السابقة في مختبر نيكولاس روهنر بمعهد ستاورز، ووجدت الدراسة أن هناك مستويات عالية جداً من السكر في دم  الخفافيش مقارنة بجميع أنواع الثدييات الأخرى، ما يشير إلى أن الخفافيش قد تطورت لتتحمل، بل وتزدهر، مع هذا السلوك الفريد.

نسبة السكر في دم الخفافيش

وقالت كاماتشو: "تُظهر دراستنا مستويات سكر في الدم هي الأعلى التي رأيناها في الطبيعة على الإطلاق، وهي مستويات قد تكون قاتلة أو تسبب غيبوبة بين الثدييات، ولكن ليس بالنسبة للخفافيش"، وأضافت: "نرى سمة جديدة لم نكن نعلم أنها ممكنة".

تطور الأنظمة الغذائية عند الخفافيش

قبل ثلاثين مليون سنة، كانت خفافيش "الأنف الورقي" النيومداري تعيش فقط على الحشرات، ومنذ ذلك الحين، تفرعت هذه الخفافيش إلى العديد من الأنواع المختلفة من خلال تغيير نظامها الغذائي، فبينما كانت تتغذى على الحشرات فقط، بدأت سلالات مختلفة منها تتخصص في تناول الفواكه، والرحيق، واللحوم، وكل شيء بينهما، وحتى الدم.

وأوضحت كاماتشو: "من خلال دراسة الحيوانات التي وُجدت منذ ملايين السنين، يمكننا البدء في توثيق التغييرات التي حدثت عبر التطور، إن ما يجعل دراسة خفافيش الأنف الورقي النيومداري فريدة هو أنها تضم مجموعة متنوعة من الأنواع ذات الأنظمة الغذائية المختلفة، مما يجعل من الممكن العثور على إجابات حول كيفية تطور النظم الغذائية، ونحن نأمل أن نتمكن من تطبيق هذا الفهم على الثدييات الأخرى، بما في ذلك البشر، حيث يمكن أن نتعلم كيفية حماية صحتنا بشكل أفضل".

دراسة اختبارات تحمل الجلوكوز عند الخفافيش

سافر فريق البحث إلى غابات أمريكا الوسطى والجنوبية ومنطقة الكاريبي لإجراء دراسات ميدانية على مدار عدة سنوات، وتركزت هذه الأبحاث على إجراء اختبارات تحمل الجلوكوز، التي تقيس تركيز السكر في الدم، على ما يقرب من 200 خفاش تم صيدهم وإطلاق سراحهم من 29 نوعًا مختلفًا بعد إطعامهم أحد الأنواع الثلاثة من السكريات المرتبطة بنظام غذائي من الحشرات أو الفواكه أو الرحيق.

وقالت بيرنال ريفيرا: "رأينا طرقا متنوعة لاستيعاب السكر - امتصاصه، وتخزينه، واستخدامه في الجسم - وكيف أصبحت هذه العملية متخصصة بسبب الأنظمة الغذائية المختلفة".

كيف تتحمل الخفافيش نسبة السكر المرتفعة في دمها ؟

يُطلق على الآلية التي تحافظ على مستويات السكر في الدم ضمن نطاق ضيق وصحي اسم "استتباب الجلوكوز"، والتي يتم تنظيمها عادة بواسطة هرمون الأنسولين، وهو ما يختل في مرض السكري، وقد أظهرت الأنواع المختلفة من خفافيش الأنف الورقي مجموعة من التكيفات لاستتباب الجلوكوز، تتراوح بين تغييرات في تشريح الأمعاء إلى تغييرات جينية في البروتينات التي تنقل السكر من الدم إلى الخلايا.

وأوضحت كاماتشو: "لقد حسّنت خفافيش الفاكهة مسار إشارات الأنسولين لديها لخفض نسبة السكر في الدم، ولذلك تستطيع خفافيش الرحيق تحمل مستويات عالية من الجلوكوز في الدم، مشابهة لما يُلاحظ لدى الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري غير المنظم، لقد تطورت لديهم آلية مختلفة، ويبدو أنها لا تعتمد على الأنسولين".

تكيف الخفافيش مع النظام الغذائي الغني بالسكر

رغم أن كيفية تنظيم خفافيش الرحيق للجلوكوز لا تزال قيد التحقيق، إلا أن الباحثين وجدوا أدلة محتملة على استراتيجيات أيضية بديلة لتنظيم الجلوكوز، حيث لوحظ أن الخفافيش التي تعتمد على النظام الغذائي الغني بالسكر لديها أجزاء أطول من أمعائها وخلايا معوية ذات مساحات سطحية أكبر لامتصاص المغذيات من الطعام، مقارنةً بالخفافيش ذات الأنظمة الغذائية الأخرى، وبالإضافة إلى ذلك، تُظهر خفافيش الرحيق، بخلاف خفافيش الفاكهة، تعبيرا مستمرا عن جين مسؤول عن نقل السكر، وهي سمة لوحظت أيضًا في نوع من الطيور الطنانة.