أثبتت الدراسات أن المقارنة بين قدرات الذكاء في القطط والكلاب هي موضوع شائع ومثير للاهتمام، وفي هذه المقالة، سنستعرض كيف يتم تقييم الذكاء لدى كل من الكلاب والقطط وفقا للعلم، بناءً على ثلاثة أنواع رئيسية من الذكاء.
الذكاء الاجتماعي
تُعد القدرة على فهم الحالات العقلية للآخرين أحد أسس تقييم الذكاء الاجتماعي للحيوانات، ويتم اختبار ذلك عبر ما يُعرف بـ "نموذج المهمة غير القابلة للحل"، وفي هذا الاختبار، يتعلم الكلب كيفية الحصول على الطعام من حاوية، ثم يتم تثبيت الحاوية بحيث يصبح الطعام غير قابل للوصول، وبعد ذلك، يُراقب العلماء ما إذا كان الكلب سيطلب المساعدة من شخص قريب، وهذه النظرة من الشخص إلى الحاوية والعكس تُعد شكلا من أشكال الإشارة المرجعية أو "سلوك العرض" عند الكلاب.
عندما يواجه الكلب لغزا غير قابل للحل، ينظر إلى الشخص القريب، وفي وجود مالكه وغريب، قد ينظر في بعض الدراسات فقط إلى المالك، وفي دراسات أخرى ينظر إلى كلا الشخصين، وإذا كان شخص واحد دائما يفتح الحاوية، بينما شخص آخر دائما يعيد ملء الحاوية، يلاحظ الكلاب ذلك وينظرون إلى الشخص المناسب لحل مشكلتهم.
مقارنة مع القطط
رغم وجود دراسات أقل على القطط، فقد أظهرت التجارب أن كلا من الكلاب والقطط يمكنهما العثور على قطعة طعام مخفية عندما يشير إليها شخص، ومع ذلك، وعلى عكس الكلاب، لم تطلب معظم القطط المساعدة، فبينما كانت بعض القطط تتطلع بين الطعام غير القابل للوصول والشخص، كانت الغالبية تواصل المحاولة للحصول على الطعام بنفسها.
تتمتع القطط ببعض المهارات في التواصل البصري أيضا، حيث أظهرت دراسة أخرى أن القطط تظهر تبديلا طفيفا في النظر بين الإنسان وحاوية الطعام إذا كانت الحاوية غير قابلة للفتح، مقارنةً بحاوية يمكن فتحها بحل اللغز، كما وجدت الدراسة أن القطط تفاعلوا أكثر مع الحاوية والإنسان إذا كان الشخص غير منتبه، ويمكنهم أيضا معرفة إذا كان الشخص يعطيهم انتباهًا أم لا.
القدرة على العد
إذا كنت تعطي حيوانك الأليف عادةً ثلاث مكافآت في كل مرة، ثم في يوم ما تعطيه مكافأة واحدة فقط، هل سيلاحظ قطك أو كلبك؟ هل يمكنهم العد؟ الإجابة هي نعم في كلا الحالتين، ولاختبار "تمييز الكمية"، يعرض العلماء خيارات غذائية مختلفة (مثل قطعة واحدة مقابل ثماني قطع من الطعام) ويرون أيها يختار الحيوان، وإذا كان الاختيار دائما الكمية الأكبر، فهذا يعني أنهم يستطيعون تمييز الفرق.
تُظهر هذه الدراسات أن القطط والكلاب البالغة يمكنهما تمييز الكميات، كما يمكن للقطط الصغيرة والكلاب البالغة شهرين تمييز الكميات، على الرغم من أن هذه القدرة ليست قوية كما في البالغين، تعتمد كل من القطط والكلاب على الرؤية لـ "عد" أكبر كمية من الطعام، حيث تكون الحواس الأخرى أقل فعالية، وعلى سبيل المثال، عندما كان بإمكان الكلاب شم الطعام فقط، لم تكن قادرة على اختيار الكمية الأكبر بشكل موثوق.
الوعي الذاتي
في اختبار المرآة، يُطبق علامة (مثل صبغة حمراء أو ملصق) على حيوان ثم يُوضع أمام مرآة، الفكرة هي أنه إذا نظر الحيوان إلى المرآة وحاول إزالة العلامة، فهذا يدل على أنه يتعرف على نفسه، حيث تنجح بعض الحيوانات مثل البونوبو والشمبانزي والأسماك النظيفة بهذا الاختبار، أما القطط والكلاب، فيفشلان في هذا الاختبار البصري.
وماذا عن اختبار الروائح؟ حاول عالم الأحياء الدكتور مارك بيكوف تجربة "الثلج الأصفر" مع كلبه جيثرو، وفي تجربة (مقززة قليلاً)، وجد بيكوف أن جيثرو كان أكثر اهتماما بالثلج المميز ببول كلب آخر مقارنةً بالثلج المميز ببوله، حتى لو تم نقله دون أن يرى جيثرو.
قامت البروفيسورة ألكسندرا هورويتز بتطوير هذا الاختبار "المعطر" بإضافة رائحة من الطحال من كلب مريض وميت إلى بول كلب صحي، ووجدت أن الكلاب قضت وقتا أطول في شم بولها عندما تمت إضافة الرائحة، مقارنةً ببول كلب لا تعرفه. باختصار، نجحت الكلاب في هذا الاختبار بامتياز.
أما القطط؟ بناءً على الوقت المستغرق في الشم، نعلم أن القطط يمكنها التعرف على برازها وتمييزه عن براز القطط الأخرى المألوفة وغير المألوفة، ويشبه هذا اختبار الثلج الأصفر الخاص ببيكوف، ولكن يتطلب الأمر إضافة رائحة أخرى لجعلها اختبار "مرآة معطرة" حقيقي، وهو ما لم يتم تجربته بعد مع القطط في بيئة مختبرية.
من أذكى القطط أم الكلاب
إن الذكاء يتطلب العديد من العوامل المختلفة، في العديد من السيناريوهات المختلفة، ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى الذكاء من منظورنا البشري فقط، وإحدى الطرق للتفكير في الأمر هي أن نسأل ما إذا كانت الكلاب والقطط تستطيع العيش بدوننا.
في هذه الحالة، ستكون معظم القطط بخير ويمكنها بسهولة توفير طعامها بنفسها، كما قد تكون بعض الكلاب بخير، لكن البعض الآخر سيواجه الكثير من الصعوبات .
موقع BBC Science Focus