أسباب ارتفاع تشخيصات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه: هل هو زيادة في الوعي أم تشخيص مفرط؟

اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

تشهد تشخيصات  اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) وزيادة في الطلب على استحقاقات العجز ارتفاعا كبيرا بين المراهقين والبالغين، ولكن ما هو السبب وراء هذا الاتجاه المتزايد؟

ارتفاع تشخيصات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه

قبل أربع سنوات، لاحظ الدكتور دوغ مككيكني، وهو طبيب عام في لندن، تزايدا ملحوظا في عدد الأشخاص الذين يأتون إلى عيادته طلبا لتشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. "العديد منهم كانوا طلابا، بالإضافة إلى آخرين في العشرينيات والثلاثينيات من العمر"، يقول الدكتور مككيكني. كما أشار إلى أن بعضهم قام بإجراء اختبارات على وسائل التواصل الاجتماعي واعتقدوا أنهم مصابون بهذا الاضطراب.

أدى هذا الاتجاه المتزايد إلى قيام الدكتور مككيكني بنشر دراسة في جامعة كوليدج لندن في عام 2023، بناءً على تحليل لبيانات المرضى المجهولة الهوية التي تمتد لـ18 عاما، وأظهرت الدراسة أن تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه لدى الرجال البالغين قد ارتفع بمقدار 20 ضعفا خلال تلك الفترة، مقارنة بزيادة مقدارها 15 ضعفًا بين النساء.

ارتفاع الوعي أم انتشار الاضطراب؟

عادةً ما يتم تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاما، ولكن الدراسة تشير إلى أن هذا الاضطراب يُكتشف بشكل متزايد عند البالغين، يعرف اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بأنه اضطراب يؤثر على سلوك الأشخاص، حيث قد يظهر المصابون به قلة التركيز والتصرف باندفاع.

حتى المراقب العادي سيلاحظ "انفجارًا" في تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه خلال السنوات القليلة الماضية، ربما إلى حد يشير إلى وجود "وباء". وفقا لـ NHS England، كان اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو الحالة الصحية الثانية الأكثر زيارة على موقع NHS بعد كوفيد-19 في عام 2023، حيث حقق 4.3 مليون زيارة للصفحة على مدار العام.

علاج وتشخيص اضطراب فرط الحركة : هل يتم بشكل صحيح؟

يرى العديد من الخبراء أن هذا الارتفاع في التشخيصات يعود إلى زيادة الوعي بهذا الاضطراب، الذي كان يُتجاهل تاريخيا، كما أن التشخيص يمكن أن يُغير حياة الأشخاص الذين لم يُشخصوا من قبل، حيث يفتح لهم باب العلاج ويمنحهم تفسيرًا للتحديات التي واجهوها طوال حياتهم.

لكن في الوقت نفسه، يواجه التشخيص تحديات تتعلق بالحدود غير الواضحة بين سلوك الطفل النشط وبين الاضطراب الذي يتطلب العلاج. وفقًا للتوصيات، يجب أن يتم التشخيص فقط من قبل طبيب نفسي أو طبيب أطفال متخصص. ومع ذلك، يشير بعض الخبراء إلى أن هناك حالات تشخيص غير دقيقة أو مفرطة بسبب الاعتماد على الاختبارات عبر الإنترنت أو غير المختصين.

 المناطق ذات الوضع الاقتصادي المنخفض والتشخيصات المتزايدة لاضطراب فرط الحركة

كشفت دراسة الدكتور مككيكني أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يظهر بشكل أكبر في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة اقتصاديا، حيث يمكن أن تكون عوامل مثل الفقر والصحة البدنية السيئة والصدمات النفسية سببًا محتملاً.

من جانب آخر، أشار بعض الخبراء إلى أن السعي للحصول على تشخيص قد يكون مدفوعًا بمزايا مالية للأسرة، حيث يمكن أن يزيد تشخيص كل من الطفل والوالد المصاب بالدخل السنوي للعائلة بشكل ملحوظ.

الحاجة إلى تقييمات ومعايير موحدة لتشخيص اضطراب فرط الحركة

لمواجهة هذه التحديات، يرى الخبراء مثل الدكتور مككيكني والبروفيسور بيتر هيل أن هناك حاجة ماسة إلى اختبارات تشخيصية موحدة ودقيقة لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، مع ضرورة إجراء التقييمات بشكل شخصي لضمان دقة التشخيص وتجنب الإفراط في التشخيص.