اقترح علماء فيزياء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أن قوة غامضة تُدعى "الطاقة المظلمة المبكرة" قد تكون المفتاح لحل اثنين من أكبر ألغاز فهمنا للكون.
تتعلق هذه الألغاز بمعدل توسع الكون، ولماذا يتم رصد العديد من المجرات الساطعة التي لا يجب أن تكون قد تشكلت في هذا الوقت المبكر وفقا للنماذج الحالية.
لغزا توسع الكون والمجرات الساطعة
أحد هذه الألغاز يُعرف باسم توتر هابل، وهو يشير إلى الاختلاف في قياسات معدل توسع الكون. اللغز الآخر ينبع من الاكتشافات الحديثة للمجرات الساطعة المبكرة التي تم رصدها بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) التابع لناسا، هذه المجرات ظهرت عندما كان الكون صغيرًا للغاية ولا ينبغي أن تكون بهذا العدد أو السطوع حسب النماذج الحالية.
اقترح باحثو MIT أن كلا اللغزين يمكن تفسيرهما إذا كانت هناك قوة غامضة، تُعرف باسم الطاقة المظلمة المبكرة، قد وجدت لفترة قصيرة في الكون المبكر.
الطاقة المظلمة المبكرة
الطاقة المظلمة معروفة بالفعل كنوع غريب من الطاقة التي يعتقد العلماء أنها تدفع توسع الكون حاليًا. ومع ذلك، فإن الطاقة المظلمة المبكرة هي نسخة افتراضية من هذه القوة التي ربما قامت بتسريع توسع الكون بعد الانفجار العظيم بفترة قصيرة ثم اختفت.
كان بعض العلماء يشتبهون في أن الطاقة المظلمة المبكرة قد تساعد في تفسير توتر هابل لأنها قد تسببت في توسع الكون بسرعة أكبر في مراحله المبكرة، مما يحل التضارب في القياسات، ووجد فريق MIT أن هذه الطاقة قد تفسر أيضًا العدد الكبير غير المتوقع من المجرات الساطعة التي تم اكتشافها في الكون المبكر بواسطة JWST.
في الدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة **Monthly Notices of the Royal Astronomical Society**، قام الباحثون بنمذجة كيفية تشكل المجرات في أول بضع مئات من ملايين السنين من عمر الكون. وعندما أضافوا الطاقة المظلمة المبكرة إلى النموذج، وجدوا أنها يمكن أن تفسر العدد الكبير من المجرات التي تشكلت في وقت مبكر.
حل بسيط وأنيق لألغاز الكون
أوضح الفيزيائي روهان نايدو من MIT أن الطاقة المظلمة المبكرة قد تكون العنصر المفقود لحل هذين اللغزين الكبيرين في علم الكونيات. وقال: "إنها حل بسيط وأنيق لتوتر هابل ولغز المجرات الساطعة المبكرة."
قاد الفريق Xuejian (Jacob) Shen، وشمل أيضا فيزيائيين من جامعة تكساس في أوستن وجامعة كامبريدج.
عندما رصد JWST أعماق الفضاء، اكتشف عددا كبيرا من المجرات الساطعة التي وجدت عندما كان عمر الكون 500 مليون سنة فقط، وهي فترة كانت تمثل 3% فقط من عمره الحالي. ووفقا للنظريات الحالية، لا ينبغي أن يكون الكون قد أنتج مثل هذه المجرات الكبيرة والساطعة بهذه السرعة.
تأثير المادة المظلمة على تكوين المجرات
للتحقيق فيما إذا كانت الطاقة المظلمة المبكرة هي السبب، ركز فريق MIT على كيفية تأثير المادة المظلمة—وهي مادة غير مرئية تشكل معظم الكون—على تكوين المجرات. تتجمع المادة المظلمة في هياكل تُعرف باسم الهالات، وهي بمثابة "الهيكل العظمي" للكون. تتشكل المجرات داخل هذه الهالات.
طور الباحثون إطارا للتنبؤ بعدد المجرات التي كان من المفترض أن تتشكل في الكون المبكر بناءً على عوامل كونية مختلفة، مثل معدل توسع الكون. وعندما أضافوا الطاقة المظلمة المبكرة إلى المعادلة، وجدوا أنها أدت إلى تكوين هالات مادة مظلمة أكبر، مما ساعد في تشكيل المزيد من المجرات الساطعة.
اكتشاف جديد ووعد بتفسير شامل
يُظهر هذا الاكتشاف الجديد أن الطاقة المظلمة المبكرة قد يكون لها تأثير كبير على كيفية تطور الكون في مراحله الأولى. ورغم الحاجة إلى المزيد من الأبحاث لتأكيد هذه الصلة، إلا أن هذا الاكتشاف يقدم تفسيرا واعدا لهذين اللغزين الكونيين الكبيرين.
كما قال الأستاذ في MIT مارك فوغلسبيرغر: "لقد أظهرنا إمكانيات الطاقة المظلمة المبكرة كحل موحد للقضايا الكبرى التي تواجه علم الكونيات. قد يكون هذا دليلا على وجودها إذا أكدت الملاحظات المستقبلية هذه النتائج."