طور العلماء خلايا مناعية معدلة وراثيا قادرة على حماية الأنسجة السليمة دون التأثير على دفاعات الجسم الطبيعية، يُمكن لهذا الابتكار أن يُحدث تحولا جذريا في علاجات أمراض المناعة الذاتية وزرع الأعضاء وحتى علاج السرطان، حيث يحل محل العلاجات المثبطة للمناعة التي تُضعف الجسم وتزيد من خطر العدوى.
كيف تعمل الخلايا المناعية المعدلة؟
يعمل الجهاز المناعي على حماية الجسم من الفيروسات والبكتيريا، ولكنه في بعض الحالات يصبح غير متوازن ويهاجم الأنسجة السليمة، كما يحدث في مرض السكري من النوع الأول أو عند رفض الأعضاء المزروعة، العلاجات التقليدية تعتمد على تثبيط المناعة بالكامل، مما يزيد من مخاطر العدوى والأمراض الأخرى، الآن نجح الباحثون في تطوير خلايا مناعية معدلة قادرة على تنظيم الاستجابة المناعية ومنع هجمات الخلايا التائية القاتلة ضد الأنسجة السليمة، مما قد يقلل الحاجة إلى الأدوية المثبطة للمناعة.
تعاون دولي لتحقيق هذا الإنجاز
تم تنفيذ هذا البحث في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو (UCSF)، بمشاركة البروفيسور ماتياس هبروك من جامعة ميونيخ التقنية (TUM) والدكتورة حسناء معشي، الباحثة في TUM ومركز Helmholtz Munich. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Science، حيث وصف الباحثون كيف يمكن لهذه التقنية إعادة توازن الجهاز المناعي، ما يجعلها منصة واعدة لعلاج العديد من اضطرابات المناعة.
إعادة برمجة الخلايا المناعية لحماية الأنسجة السليمة
تعتمد هذه التقنية على خلايا شبيهة بتلك المستخدمة في علاجات CAR-T للخلايا السرطانية، لكنها صُممت خصيصا لحماية الخلايا السليمة، تنتج هذه الخلايا مزيجا من البروتينات التي تقلل الالتهاب وتزيل المواد الالتهابية الضارة، مما يجعلها أداة فعالة لتنظيم الاستجابات المناعية.
تطبيقات واعدة في علاج السكري من النوع الأول
لاختبار فعالية هذه التقنية، عدّل الباحثون الخلايا المناعية بحيث تتعرف على خلايا بيتا المنتجة للأنسولين وتحميها. في تجارب على الفئران، تمت زراعة خلايا بيتا بشرية محمية بواسطة الخلايا المناعية المعدلة، ونجحت هذه الخلايا في البقاء وإنتاج الأنسولين، في حين تم تدمير الخلايا غير المحمية.
مستقبل العلاجات المناعية الدقيقة
يتطلع العلماء إلى مستقبل يتم فيه تصميم العلاجات المناعية لعلاج مناطق محددة من الجسم بدلا من تثبيط الجهاز المناعي بالكامل، يمكن أيضا استخدام هذه التقنية لتحسين علاجات CAR-T للسرطان، بحيث تستهدف الخلايا السرطانية فقط دون الإضرار بالأنسجة السليمة.
يُعد تعديل الاستجابات المناعية وتحسين خصائص الأنسجة المشتقة من الخلايا الجذعية أمرا أساسيا لتطوير علاجات طويلة الأمد، وهو أحد الأهداف الرئيسية لمركز أبحاث أنظمة العضيات (COS) في جامعة ميونيخ التقنية.