منذ القرن السادس عشر، اشتهر فطر السيلوسيبين – المعروف باسم "الفطر السحري" – بخصائصه المسببة للهلوسة، بدءا من استخدامه في الطقوس القديمة بأمريكا الوسطى، وصولا إلى وضعه الحالي كمادة مخدرة محظورة في المملكة المتحدة، وظل هذا الفطر محط أنظار العلماء حتى الآن حيث كشفت تجربة سريرية حديثة عن إمكانية استخدامه في علاج مرض باركنسون، فكيف يحدث هذا الفطر تأثيره "السحري" على الدماغ
طريقة تأثير الفطر السحري في الدماغ
يحتوي الفطر السحري على مركب السيلوسيبين، الذي يتحول في الجسم إلى سيلوسين وهو مادة ترتبط بمستقبلات السيروتونين في الدماغ وهو الهرمون المسؤول عن تحسين المزاج والوظائف المعرفية، وتظهر الدراسات أن السيلوسيبين يعيد تنظيم الاتصالات بين الخلايا العصبية في "مراكز الدماغ" المسؤولة عن الانتباه والذاكرة، مما يؤدي إلى حالة من الوعي المتغير.
لكن الهدف من استخدامه لمرضى باركنسون مختلف تماما عن استخدامه الترفيهي، ففي التجربة السريرية الأخيرة سعى الباحثون إلى عكس الخلل الحركي الذي يصاحب المرض، بالإضافة إلى تحسين الأعراض المزاجية التي تسبق ظهور الرعاش وتيبس العضلات.
الفطر السحري يقلل التهاب الدماغ لدى مرضى باركنسون
فوفقا للدراسة يقلل السيلوسين من التهاب الدماغ لدى مرضى باركنسون، بينما يحفز نمو خلايا عصبية جديدة مما يعيد هيكلة الشبكات العصبية، وهذا التأثير مهم لأن المرضى يفقدون خلايا الدماغ المنتجة للدوبامين الناقل العصبي المسؤول عن الحركة والعواطف، كما أن السيلوسيبين يعوض نقص إشارات السيروتونين مما يحسن أعراض الاكتئاب.
فمن خلال الدراسة شهد 12 مشاركا في التجربة تحسنا سريعا في الأعراض الحركية وغير الحركية استمر لمدة شهر بعد الجرعة الأخيرة، لكن العينة الصغيرة وغياب التنوع العرقي بين المشاركين يطرحان تساؤلات حول فعالية العلاج على نطاق أوسع، كما أن الجمع بين العلاج بالسيلوسيبين والجلسات النفسية يجعل من الصعب عزل تأثير الفطر وحده.
مستقبل العلاج بالفطر السحري
لا يزال السبب الرئيسي لموت الخلايا المنتجة للدوبامين غامضا، لذا تركز العلاجات الحالية على تخفيف الأعراض فقط، ورغم أن السيلوسيبين يظهر نتائج واعدة في المراحل المبكرة من المرض، إلا أنه لا يعالج السبب الجذري، ومع ذلك فإن تعدد الخيارات العلاجية يعني فرصا أفضل لتلبية احتياجات المرضى، والأمل الآن هو أن تؤكد تجارب أوسع هذه النتائج، بينما يستمر البحث عن علاج نهائي.