كشفت وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) عن أول سجل دقيق لقياس مستوى سطح البحر بالقرب من المناطق الساحلية، بعد أن كانت البيانات الفضائية غير موثوقة عند الاقتراب من السواحل على مسافات تقل عن 20 كم، ويأتي هذا الإنجاز ضمن مشروع "مبادرة التغير المناخي" لقياس مستوى البحر، حيث أعاد الفريق العلمي معالجة بيانات الأقمار الصناعية على مدى عقدين لإنشاء شبكة تضم 1647 محطة افتراضية لرصد التغيرات الساحلية.
تسارع ارتفاع منسوب مياه البحر
وأظهرت الأقمار الصناعية أن مستوى سطح البحر يرتفع عالميا بمعدل متسارع، حيث زاد بمعدل 3 ملم سنويا منذ 1993، بينما تجاوز 4 ملم سنويا في العقد الأخير، وتعتمد هذه القياسات على أجهزة الرادار الفضائية مثل مهمة "كوبرنيكوس سينتينل-6"، لكن دقتها تقل قرب السواحل بسبب تشوش الإشارات بوجود اليابسة.
وتمكن الفريق بقيادة العالمة الفرنسية "آني كازناف" من تطوير طريقة لمعالجة بيانات الأقمار الصناعية بين 2002 و2021، مما وفر لأول مرة قياسات دقيقة للمناطق الساحلية، خاصة في المناطق النائية التي تفتقر إلى أجهزة قياس المد والجزر، وستساعد هذا البيانات العلماء وصناع القرار في توقع تأثيرات ارتفاع البحر وتصميم إجراءات وقائية فعالة.
تأثيرات ارتفاع مياه البحر على البشر والبيئة
ويعيش أكثر من 680 مليون شخص في مناطق ساحلية منخفضة مهددة بالفيضانات، مع تعرض 3 ملايين شخص إضافي للخطر مع كل سنتيمتر يرتفع فيه منسوب المياه، وتشير التحليلات الأولية إلى تسارع ملحوظ في ارتفاع مستوى البحر في خليج المكسيك منذ 2010، بينما تؤثر ظواهر مثل "النينيو" على التقلبات الإقليمية.
وستسهم هذه البيانات في تحسين النماذج المناخية، وتقييم مخاطر الفيضانات، ومساعدة المخططين العمرانيين على تصميم أنظمة حماية فعالة، كما يعمل الفريق على دمج قياسات هبوط اليابسة باستخدام تقنيات الرادار المتقدم، مما سيوفر صورة أشمل عن المخاطر النسبية على السواحل.
وقالت "سارة كونورز" من وكالة الفضاء الأوروبية: "إن هذه البيانات توفر أدوات حيوية لمساعدة المجتمعات الضعيفة على التكيف مع تغير المناخ، تماشيا مع اتفاقية باريس 2015."