أخبار

صور: صراع المقاول والرئيس.. محمد علي يتحول إلى نجم "السوشال ميديا" بعد حربه مع السيسي

22 أيلول 2019 02:49

أثارت فيديوهات الفنان محمد علي المنشورة عبر فيس بوك ويوتيوب، جدلاً حاداً ليس في مصر فحسب بل الوطن العربي أجمع، لاسيما أن الفنان محمد علي انتقل من فكرة كشف حقيقة الفساد المستشرى –حسبما يدعي- في المؤسسة

أثارت فيديوهات الفنان محمد علي المنشورة عبر فيس بوك ويوتيوب، جدلاً حاداً ليس في مصر فحسب بل الوطن العربي أجمع، لاسيما أن الفنان محمد علي انتقل من فكرة كشف حقيقة الفساد المستشرى –حسبما يدعي- في المؤسسة العسكرية، إلى مطالبة برحيل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

المقاول والفنان محمد علي (43 عاماً) ممثل، ومنتج أفلام، ومستثمر عقاري، يعمل في قطاع البناء والتشييد في مصر منذ 15 عاماً.

وينتمي محمد علي إلى عائلة من الطبقة المتوسطة من حي العجوزة في محافظة الجيزة، وكان والده في السابق بطل مصر في كمال الأجسام، ومدير فريق كمال الأجسام في مصر، ويعمل أيضاً بائعاً للذهب في القاهرة لإعالة أسرته.

ويشير محمد علي أنه تميز أيضاً من بينه قرانه في عدد من الألعاب الرياضية، بالإضافة إلى أن عمله في مجال الفن، إذ أدى اربعة أدوار رئيسية في أربعة مسلسلات تلفزيونية، وثلاثة أفلام منذ عام 2013م.

ويقول محمد علي "إن عائلته لم تكن ثرية بما يكفي لمنحه تعليماً عالي الجودة"، مضيفاً "أنه تخلى عن دراسته إدارة الأعمال بجامعة القاهرة بعد عامين من الدراسة، وعمل في 14 مهنة مختلفة، قبل الانتقال إلى صناعة البناء والتشييد.

ويذكر محمد علي أنه لم يكن عضواً في أي حزب سياسي، وينكر أنه ناشط سياسي، ففي أحد مقاطع الفيديو الخاصة به، يقول "إنه شارك في الاحتجاجات ضد الرئيس المصري السابق محمد مرسي في نوفمبر 2012م".

يقول علي أيضاً إنه استخدم ثروته التي جمعها من أعمال البناء الخاصة به لتمويل فيلم "البر الثاني"، وهو فيلم أنتجه بنفسه، وقام بدور ببطولته أيضاً، والذي يروي قصة مأساوية عن شباب مصريين يقومون برحلة الهجرة الخطرة عبر البحر المتوسط ​​هرباً من الفقر في بلادهم، و قد نال الفيلم عام 2019م جائزة الفن المتميز للسلام في جوائز لوكسمبورغ للسلام في يونيو.

وعلى مدى 15 عاماً ، كان علي يمتلك شركة إنشاءات تدعى "أملاك" والتي عملت مع الهيئة الهندسية للجيش المصري لتنفيذ مشروعات ضخمة في جميع أنحاء البلاد، وشملت العديد من هذه المشاريع بناء المنازل والقصور السكنية لكبار المسؤولين العسكريين، بما في ذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي شغل سابقاَ منصب رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية ثم وزير الدفاع قبل تعيينه رئيساً في عهد مرسي.

ويبدو أن السيسي يؤكد مزاعم علي في آخر تصريحاته العلنية بشأن المزاعم، إذ قال "إن حكومته كانت تبني قصوراً رئاسية جديدة من أجل مصر، وليس لنفسه، ولم يدحض أياً من مزاعم علي"، قائلاً : نعم، لقد بنيت قصوراً رئاسية، وسأواصل القيام بذلك ... أنا أخلق حالة جديدة؛ لا يوجد شيء مسجل باسمي ، كل ذلك من أجل مصر".

في السياق، قال علي في أول فيديو له إنه يعيش حالياً مع أطفاله الخمسة في المنفى الذاتي في برشلونة - إسبانيا ، خوفاً على سلامة عائلته بعد أن قرر التحدث علناً عن المشاريع التي كلف الجيش شركته بتنفيذها.

وأعلن محمد علي في إبريل الماضي عن افتتاح مكتب في برشلونة لشركته "أملاك للاستثمار والتطوير"، وفي مقابلة مع مجلة فانيتي فير بالإسبانية، قائلا: "إن أول مشروع لشركته سيكون جامعة دولية على ساحل برشلونة".

وفي أحدث شريط فيديو له بعد ظهر يوم الجمعة ، أشار علي إلى إنه يظل هارباً منذ ظهور مقاطع الفيديو الخاصة به، وأنه يسافر باستمرار بين المدن لتجنب أن يتم تتبعه من قبل عملاء الحكومة المصرية، مبيناً أنه "يخفي أطفاله في مكان مجهول لحمايتهم".

 

الادعاءات ضد السيسي

وفي سلسلة من مقاطع الفيديو المنشورة على الفيسبوك ويوتيوب منذ 2 سبتمبر، بدأ علي باتهام كبار جنرالات الجيش بعدم دفع ملايين الدولارات مقابل عدد من المشاريع التي بنتها شركته بالتعاون مع الجيش.

و في الوقت الذي طالب فيه بدفع حوالي 200 مليون جنيه مصري (12 مليون دولار)، كشف عن الميزانيات المزعومة للعديد من المشاريع التي يشرف عليها الجيش والتي تنفذها شركته، وقال إن "تلك المشاريع قد تم إسنادها مباشرة إلى شركته دون إجراء دراسات جدوى أو عملية مناقصة تنافسية".

و بينما شملت شهاداته الكشف عن إنفاق كبار المسؤولين العسكريين، فإن مقاطع الفيديو الخاصة به حول مساكن السيسي الفخمة أثارت الغضب، وأبرزت تناقضاً صارخاً بين مزاعم الرئيس بأن المصريين "فقراء جداً" وإنفاقه الملايين على القصور الرئاسية.

وعمل علي مع الجيش قبل فترة طويلة من تولي السيسي الرئاسة، وفي أحد المقاطع يدعي علي أن السيسي أمر ببناء منزل فخم جديد لعائلته في حي الحلمية الذي ينتمي غالبية سكانه إلى الطبقة الوسطى في القاهرة بمجرد تعيينه وزيراً للدفاع من قبل الرئيس الراحل محمد مرسي في عام 2012م ، قائلاً "إن تكلفة المشروع بلغت  60 مليون جنيه مصري (6 ملايين دولار في عام 2012م)":

ويقول إن تأثيث القصر تزامن مع اشتباكات الاتحادية بين مؤيدي مرسي و خصومه في نوفمبر 2012 م، غير أنَّ السيسي وزوجته زاروا المنزل الجديد لإبداء آرائهم حول تأثيثه في نفس يوم المصادمات العنيفة في ذلك الشهر.

و بعد أن أصبح السيسي رئيساً، طلب ببناء مسكن رئاسي جديد في منتجع ساحلي في الإسكندرية، بتكلفة وصلت إلى 250 مليون جنيه مصري (15 مليون دولار) على الرغم من وجود استراحة رئاسية قديمة في نفس المنطقة .

وتشمل القصور الأخرى التي بناها السيسي المقر الجديد لرئاسة الجمهورية في العاصمة الإدارية الجديدة، والقصر الرئاسي الصيفي الجاري بناؤه في مدينة العلمين الجديدة، والتي تقع على بعد 120 كم غرب الإسكندرية، على حد زعم محمد علي.

محمد علي شخصية واقعية و لا يخشى شيئاً

واكتسبت مقاطع فيديو محمد علي باللغة العربية العامية، ولغة جسده متابعين كثيرين على الإنترنت خلال أيام، فلم تنبع جاذبية وشعبية فيديوهات محمد علي بسبب عرضه لحجم المشاريع التي يشرف عليها الجيش فحسب، بل أيضاً من اللغة الساخرة التي استخدمها للإشارة إلى السيسي، واصفاً إياه بأنه "رجل فاشل" و"عار" و "قزم"، واتهامه بالفساد والنفاق.

ويقول أيمن نور: "السياسيون والصحفيون ينتقدون السيسي منذ فترة طويلة ويوجهون الاتهامات نفسها ضد السيسي، لكن كان لشهادة محمد علي صداها أكثر لدى الجمهور لأنه شاهد عيان، وليس محللاً أو مراقباً أو ناشطاً سياسياً معارضاً".

في مقاطع الفيديو الخاصة به ، يلقي علي باللوم على النظام الفاسد على السيسي كقائد للجيش المصري، ويعترف بأنه كان جزءاً من هذا النظام حينما كان يعمل معه، قائلاً: "كلنا فاسدون، لكننا لسنا المسؤولين، فالنظام هو المسؤول عن هذا الفساد، نحن لا نريد تغيير النظام، نحن بحاجة إلى نظام جديد بالكامل".

كما، وقال الناشط نور "إنه لا يجب استخدام عمل محمد علي السابق مع الجيش المصري لتجريمه، حيث قال: "من السذاجة انتقاده فقط لأنه كان يعمل في نفس النظام الذي يعارضه، حتى في القوانين المصرية والدولية، يمكن تبرئة شاهد على جريمة بعد تقديم أدلة لفضحها، حتى لو كان جزءاً منها " .

مضيفاً : " لدى محمد علي كاريزما خاصة بحكم كونه ممثلاً و له لغة جسدية مرتبطة بالناس المصري . و قد أدى ذلك إلى نشر مقاطع الفيديو الخاصة به سواء بين أولئك الذين يتابعون السياسة و الذين لا يهتمون بالسياسة حتى ".

ووفقاً لمحمود جمال محلل الشؤون العسكرية فإن استخدام محمد علي للغة مهينة ضد السيسي يرقى إلى اغتيال شخصية وتهجم، قائلاً "ففي غضون أسبوعين تمكن من اغتال شخصية السيسي".

وانعكس تأثير مقاطع الفيديو الخاصة بعلي على تصريحات السيسي الأسبوع الماضي، عندما اعترف بأن مزاعم علي قد "تهز" ثقة الضباط المبتدئين في قادتهم العسكريين في الجيش والحكومة المصرية.