أخبار

عواقب مقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي

28 تشرين الأول 2019 17:38

يتفحص مسؤولو الاستخبارات العسكرية الأمريكية الوثائق التي اكتشفت في مجمع زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي الذي قُتل فيه أعقاب غارة نفذتها القوات الخاصة الأمريكية شمال غرب سوريا يوم الأحد. وقد

يتفحص مسؤولو الاستخبارات العسكرية الأمريكية الوثائق التي اكتشفت في مجمع زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي الذي قُتل فيه أعقاب غارة نفذتها القوات الخاصة الأمريكية شمال غرب سوريا يوم الأحد.

وقد كان البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أعلن ولادة ما يسمى بالخلافة خلال خطبة ألقاها في مسجد النوري في الموصل في عام 2014.

الخلافة التي في ذروتها وعز قوتها، غطت مساحاتٍ شاسعة من العراق وسوريا وحكمت أكثر من سبعة ملايين شخص بقوة البطش والسلاح كما جذبت مرتزقةً ومقاتلين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المئات من بريطانيا وحدها.

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، ظل البغدادي مختبئاً دون ظهور للإعلام، ونادراً ما كان ينشر مقاطع فيديو ليصبح واحداً من أكثر الأشخاص مطاردةً في العالم، خاصةً بعد أن تم رصد مكافأة أمريكية مالية قدرها 25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات ترشد إليه أو يأتي برأسه.

ومن المثير للجدل أنه قد تم الإبلاغ عن قتله في عدة مناسبات سابقة على نطاقٍ واسع وبسيناريوهات متعددة ومختلفة، على الرغم من انتشار العديد من الاشاعات سابقاً بأنه قد أصبح مشلولاً بفعل غارة جوية شنتها قوات التحالف في مايو 2017 على أحد معاقل داعش في سوريا.

كيف مات البغدادي ؟

يُعتقد أن البغدادي قد فجر نفسه بحزامٍ ناسف بينما كانت القوات الخاصة الأمريكية تقتحم مجمعاً سكنياً كان يحتمي فيه مع أسرته في محافظة إدلب السورية الواقعة بالقرب من الحدود التركية ويعتقد أن زوجتيه قتلتا معه، في حين لم ترد أنباء عن وقوع أي إصابات تذكر في صفوف القوات الخاصة الأمريكية التي نفذت الغارة.

وقد أفاد الرئيس الامريكي دونالد ترامب أن ثماني طائرات هليكوبتر أمريكية وطائرتين مسيرتين "دون طيار" شاركوا في العملية الاستخباراتية المعقدة التي استمرت شهراً كاملاً، والتي تعقبت البغدادي إلى المنطقة من خلال مُهرب نقل زوجات شقيقيه من العراق إلى إدلب.

كما أنه قد تم جمع واسترداد جميع المعلومات الاستخباراتية من قبل جنود القوات الخاصة الأمريكية قبل أن يتعرض المجمع لهجوم جوي مدمر، وذلك لمنع المبنى من أن يصبح مزاراً للزعيم الإرهابي لأتباعه الإرهابيين.

وقد سبق أن تكهن الخبراء بأن البغدادي كان يختبئ مع عدد صغير من مؤيديه في غرب العراق أو في صحراء البادية الشاسعة حول حمص، وسط سوريا وتقول صحيفة الديلي تيليجراف: "إن وجوده في إدلب، آخر معاقل القوات المتمردة المناهضة للأسد، سيشكل مفاجأةً للبعض لأن المقاطعة تحت سيطرة الجماعات المتمردة المعادية لداعش".

حيث قالت المصادر الصحيفة أن أعضاء في تنظيم حياة تحرير الشام، الجماعة الإسلامية المتمردة المتحالفة مع تنظيم القاعدة و التي تسيطر على جزء كبير من محافظة إدلب السورية، كانوا يبحثون عن البغدادي أيضاً.

ما الذي سيعنيه مقتل البغدادي لتنظيم داعش؟

وفقاً لصحيفة التايمز، بعد سقوط مدينتي الموصل والرقة في عام 2017، وبعد الخسائر التالية في مدينة باغوز، آخر معقل حضري لداعش في سوريا، في شهر مارس من هذا العام، أصبح البغدادي قائداً هارباً وملاحقاً، حيث حكم الجماعة الإرهابية من مخبأه دون أن يكون له أي ارتباط مباشر بهم، وكان يحكم ويوجه كل مجموعة دون جمع بينهم وبشكل منفرد.

وقد أفادت الأنباء في شهر أغسطس الماضي أنه كان يسلّم أوامر النشاطات والعمليات اليومية للجماعة الإرهابية إلى عبد الله قرداش، الضابط السابق في جيش صدام حسين، والذي من المرجح بأنه سيكون خليفة البغدادي في قيادة داعش.

ومع ذلك، إذا تأكد الأمر فإن وفاة البغدادي ستكون بمثابة ضربة مدمرة لجماعة إرهابية انتشرت في جميع أنحاء المنطقة لمدة خمس سنوات من منتصف عام 2014 ، والذي سيؤدى إلى هجمات إرهابية مروعة في جميع أنحاء العالم، مما يضخم الهجرة الجماعية للاجئين ويشعل حرباً قاسية قد يشنها هؤلاء الذين قتلوا الآلاف من الناس وشردوا الملايين خلال السنوات الخمس الماضية.

تقول الصحيفة: "طوال ذلك الوقت ظل البغدادي هو الواجهة الحقيقية والاعلامية لداعش، وظل ينشر فكره الارهابي والداعي لصراعات طائفية ودينية لسفك دماء الآمنين والغير موالين له".

ويقول بن ويديمان من شبكة CNN التلفزيونية: "إن القضاء على البغدادي يمثل ضربةً مؤلمة لداعش، لكنها ليست ضربةً قاتلة لدرجة أنها قد تنهي الجماعة الإرهابية ".ويضيف ويديمان: "على الرغم من زعمه أنه ينحدر من سلالة النبي محمد فالبغدادي لم يكن لديه أبداً سلوكيات مثل عبادة شخصية، خاصةً في تعاملاته مع مناصريه المتوحدين، الذين ما زالوا موالين لأيديولوجية داعش رغم الهزائم المتوالية التي لحقت بتنظيمهم، مشدداً دائماً على أهمية بقاء ولائهم للدعوة الإسلامية ، و ليس لقائدها ".

وتقول نيويورك تايمز إن مقتل البغدادي سيكون انتصاراً هاماً آخر في الحملة الدولية ضد توسع وبقاء الدولة الإسلامية، لكن خبراء مكافحة الإرهاب حذروا من أن المنظمة ربما لا تزال تشكل تهديداَ قوياً و غير متوقعة من حيث ردود الفعل التي قد تقوم بها بعد قتل زعيمها".

فما زالت داعش تعمل في غرب إفريقيا و ليبيا وشبه جزيرة سيناء في مصر وأفغانستان والفلبين، ولديها أتباع في أوروبا وأماكن أخرى حول العالم على الرغم من فقدانها آخر أراضيها و معاقلها المهمة ، كما يُعتقد أن المجموعة لديها خلايا نائمة في جميع أنحاء العالم كجزء من استراتيجيتها الجديدة المبنية على خوض حرب استنزاف متواصلة ضد أعدائها، وفقاً لمراسل BBC فرانك جاردنر .

وإلى جانب المقاتلين الأجانب ، قدّر تقرير صادر عن المفتش العام للبنتاغون في شهر أغسطس السابق أنه لا يزال هناك ما بين 14000 و 18000 مقاتلاً لداعش في سوريا و العراق .

علاوة على ذلك ، تقول صحيفة نيويورك تايمز : " لم يكن البغدادي يشكل تهديداً كبيراً مثل أسامة بن لادن في وجهة نظر المجتمع الأمريكي ، و لم يكن اسماً مألوفاً في الولايات المتحدة ايضاً كبن لادن، مما قد يحد من التأثير النفسي و السياسي في الداخل الأمريكي على أمر قتله".