تعبيرية

منوعات

كيف تعمق وسائل التواصل الاجتماعي "جراحنا العاطفية"؟

15 شباط 2020 12:18

تخيل أنك جالس على الأريكة، وتتصفح أخبار الفيسبوك على هاتفك في الصباح، لتكتشف مصادفة أن زوجتك أو حبيبتك السابقة قد أصبحت الآن في علاقة أو تزوجت. أو أنك صادفت ميزة الذكريات التي قامت بعرض صورة من تلك ال

تخيل أنك جالس على الأريكة، وتتصفح أخبار الفيسبوك على هاتفك في الصباح، لتكتشف مصادفة أن زوجتك أو حبيبتك السابقة قد أصبحت الآن في علاقة أو تزوجت. أو أنك صادفت ميزة الذكريات التي قامت بعرض صورة من تلك الصور القديمة التي التقطتها معها خلال قضائك عطلتك الصيفية على الشاطئ معها العام الماضي، أو بكل بساطة تجدها ضمن خانة الأصدقاء الذين قد تعرفهم.

إن مثل هذه السيناريوهات حقيقية وليست غير شائعة، فوفقا لدراسة جديدة قامت بها كولورادو بولدر الأمريكية، كشفت كيف يمكن أن تجعل وسائل التواصل الاجتماعي في عالمنا الحديثة تجربة الطلاق أو الانفصال العاطفي أسوأ وأصعب مما مضى.

وقال أنتوني بينتر، طالب الدكتوراه في قسم علوم المعلومات والمؤلف الرئيسي لهذه الدراسة التي نشرت في مجلة Proceedings of the ACM العلمية: " قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، كانت المشاكل العاطفية موجودة بشكلها المعتاد ولا تختلف كثيرا عما هي عليه الآن، لكن كان من الأسهل بكثير خوض فترة الانفصال أو تلك التجربة المؤلمة. ولكن مع تطور التكنولوجيا، واستخدامنا الشاسع لوسائل التواصل الاجتماعي أصبح من الصعب أو من شبه المستحيل أن نخوض هذه التجربة الحزينة كما كنا في السابق، حيث أننا دائما ما نصادف إشعارات أو أخبار عن شركائنا العاطفيين السابقين بمحض الصدفة، مما يؤثر بالسلب على مزاجنا".

قام فريق البحث بتجنيد المشاركين الذين حصلوا على تجربة الانفصال على الإنترنت بعد الانفصال خلال الـ 18 شهرا الماضية، وقد أجروا معهم مقابلات لأكثر من ساعة وطلبوا منهم الاجابة عن بعض الأسئلة وتعبة بعض الاستبانات البحثية  البسيطة.

 

واكتشف الباحثون أنه من بين 19 شخصا خضعوا للمقابلات المتعمقة، ظهر اتجاه مقلق، حيث أنه حتى عندما اتخذ الناس كل الإجراءات التي رأوا أنها ممكنة لإزالة أو إبعاد شركائهم السابقين عن حياتهم وعن محيطهم عبر الإنترنت، كانت وسائل التواصل الاجتماعي تعيدهم بشكل أو بآخر إليهم بشكل شبه يومي.

وقد وجدوا أن واجهة الأخبار " News Feed "، الواجهة الرئيسية التي يتم فتحها عند تشغيل تطبيق أو فتح موقع الفيسبوك، تعتبر مصدرا رئيسيا للضيق والقلق، حيث تقدم أخبارا عن عشاقهم السابقين الذين يعلنون أنهم في علاقة جديدة. ففي إحدى الحالات، لاحظ أحد المشاركين أن زميله في الغرفة قد "أعجب" بالفعل بحبيبته السابق، وأنه كان آخر من يعرف من الأصدقاء.

وكانت ميزة الذكريات، التي تحيي المشاركات من الماضي منذ فترة طويلة، تبعث على القلق وتسبب الضيق أيضا، حيث تذكر أحد المشاركين كيف أن رسالة حلوة عمرها سنة من زوجته السابقة عادت من الماضي لتثير مشاعره العاطفية من جديد و تذكره بسبب انفصالهما الأليم .

وقال بينتر: " في الحياة الواقعية، عليك أن تقرر من الذي يحصل على القطة ومن الذي يحصل على الأريكة، ولكن من الصعب على الإنترنت تحديد من سيحصل على هذه الصورة أو من سيحصل على هذه المجموعة من الأصدقاء ".

أخذ فترة راحة أو نقاهة من وسائل التواصل الاجتماعي قد يفي بالغرض

في عام 2015، أطلق موقع فيسبوك ميزة " خذ فترة راحة Take A Break "، والتي تكتشف عندما ينتقل المستخدم من حالة "في علاقة" إلى "وحيد"، ويرسل له سؤالا عما إذا كان يريد من النظام الأساسي إخفاء أنشطة ذلك الشخص الذي كان على علاقة معه.

لكن أشخاصا مثل بينتر، الذين لا يستخدمون أداة وضع العلاقة، لم يحصلوا أبدا على مثل هذا العرض. حيث قال: " فيسبوك لا يعلم أنني وحبيبتي قد انفصلنا لأن فيسبوك لم يعرف أننا كما في علاقة من الأساس".

كما أنه حتى عندما يقوم شخص ما بإلغاء صداقته مع الشخص الذي انفصل عنه، فإن قيام صديق مشترك بنشر صورة دون وضع علامة عليها، قد تظل تظهر على أي حال عبر صفحة الأخبار الرئيسية. وحتى عندما يقوم بحظر حسابه بالكامل، فقد يذكر البعض أن أصدقاء وعائلة ذاك الشخص سيظلون يظهرون على فيسبوك كاقتراحات تحت بند " أشخاص قد تعرفهم".

وقال بروبكر، أحد القائمين على الدراسة: " إن الخوارزميات جيدة حقا في رؤية وتتبع الأنماط في النقرات والإعجابات ومتى يتم نشر الأشياء عبر الفيسبوك، ولكن هناك الكثير من الفوارق الدقيقة في كيفية تفاعلنا مع الناس اجتماعيا، وهو ما لم يتم تصميمهم لالتقاطها أو فهمها حتى ".

يقترح المؤلفون أنه يمكن التقليل من هذه الصدف إلى الحد الأدنى إذا أولي مصممو مثل هذه المنصات الاجتماعية المزيد من الاهتمام لـ "المحيط الاجتماعي" لكل هؤلاء الأشخاص و المجموعات والصور والأحداث التي تحدث بين المستخدمين.

أما بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في تخليص حياتهم من تذكير بالحب المفقود عبر الإنترنت، فإنهم يوصونهم بعدم الإلحاح والبقاء، واستخدام ميزة "خذ استراحة" و"حظر" شركائهم السابقين مع الأخذ بعين الاعتبار أنها قد لا تكون مضمونة.

النهضة نيوز