أظهرت دراسة سريرية حديثة أن أحد المكونات النشطة المستخدمة في أدوية السعال منذ عام 1979، وهو دواء "أمبروكسول" (Ambroxol)، قد يساعد في الوقاية من أخطر الأعراض النفسية والعصبية المصاحبة للخرف المرتبط بمرض باركنسون.
رغم أن هذا الدواء غير مرخّص في الولايات المتحدة، أو كندا، أو أستراليا، إلا أنه يُستخدم بشكل شائع في أوروبا ضمن شرابات وأقراص لعلاج السعال.
نتائج واعدة من تجربة سريرية دقيقة
في تجربة سريرية من المرحلة الثانية، والتي تُعد معيارا ذهبيا في البحث الطبي، شارك 47 شخصا يعانون من الخرف المرتبط بمرض باركنسون، تلقى 22 منهم جرعة يومية عالية من أمبروكسول لمدة عام، بينما تلقى 25 آخرون دواءً وهميا (بلاسيبو).
النتائج:
لم تظهر أي تدهورات في الأعراض النفسية العصبية لدى مجموعة أمبروكسول.
في المقابل، شهدت مجموعة الدواء الوهمي تفاقما في الأعراض، حيث زاد متوسط الدرجات في مقياس الأعراض العصبية النفسية بمقدار 3.73 نقاط.
أما مجموعة أمبروكسول، فقد انخفضت درجاتها بمعدل 2.45 نقطة.
استقرار في الهلوسة والقلق والانفعالية
رغم تشابه أداء المجموعتين في اختبارات الذاكرة واللغة، إلا أن الأشخاص الذين تناولوا أمبروكسول أظهروا استقرارا ملحوظا في:
الهلاوس والضلالات
القلق والانفعالية
فقدان الحافز (اللامبالاة)
النشاط الحركي غير الطبيعي
كما أن معدلات السقوط لديهم كانت أقل.
الأمل يكمن في الجينات والإنزيمات
لاحظ الباحثون أن بعض المشاركين الحاملين لمتغيرات وراثية عالية الخطورة في جين GBA1 (وهو جين مرتبط بمرض باركنسون)، أظهروا تحسنا معرفيا عند تناول أمبروكسول، وتشير الدراسات إلى أن هذه الطفرات الجينية تُقلل من نشاط إنزيم GCase، ما يساهم في تراكم بروتينات ضارة في الدماغ (مثل أجسام ليوي).
المثير أن أمبروكسول زاد من نشاط إنزيم GCase بمقدار 1.5 ضعف، مما يدعم دوره المحتمل في الحد من تطور الخرف.
الأعراض الجانبية والتحديات
رغم أن الدواء لم يسبب أعراضا جانبية خطيرة، إلا أن بعض المشاركين عانوا من مشاكل هضمية خفيفة إلى متوسطة، مما أدى إلى انسحاب عدد قليل منهم من الدراسة.
نظرًا لقدرة أمبروكسول على عبور الحاجز الدموي الدماغي، يعتقد بعض الباحثين أنه قد يكون فعالا ضد أمراض عصبية أخرى مثل:
التصلب الجانبي الضموري (ALS)
داء غوشيه
الالتهاب العصبي
إصابات الحبل الشوكي
لكن هذه الفرضيات لا تزال بحاجة إلى مزيد من الأبحاث السريرية.
كلمة من الباحثين
يقول الدكتور ستيفن باسترناك، أخصائي الأعصاب في جامعة ويسترن بكندا.د: "كان هدفنا تغيير مسار الخرف المرتبط بباركنسون"
"هذه الدراسة الأولية تُعد منبعا للأمل، وتشكل أساسا قويا لأبحاث أوسع مستقبلا".
ويضيف: "تشير النتائج إلى أن أمبروكسول قد يحمي وظائف الدماغ، خاصةً لدى الأشخاص المعرضين وراثيا، إنها فرصة علاجية واعدة حيث تتوفر خيارات محدودة حاليا، وإن أثبت فعاليته، فقد يُحدث فرقا حقيقيا في حياة الكثيرين".
sciencealert