اللغز الجيني لفرق الطول بين الرجال والنساء

لماذا الرجال أطول من النساء؟ إليك ما يقوله العلم لماذا الرجال أطول من النساء؟ إليك ما يقوله العلم

يُلاحظ على نطاق واسع أن الرجال غالبا ما يكونون أطول من النساء، إذ يبلغ متوسط هذا الفارق حوالي 13 سنتيمترا، وعلى الرغم من وجود هذا التفاوت عالميا، إلا أن السبب العلمي الدقيق لا يزال غير محسوم بالكامل، ومع ذلك بدأت الأبحاث الجينية والهرمونية تلقي الضوء على هذه الظاهرة البيولوجية المعقدة.

الطول خاصية متعددة العوامل

الطول البشري يُعد من السمات المعقدة التي تتأثر بعدة عوامل، أهمها الوراثة، تلعب الجينات الموجودة على الكروموسومات الجنسية والعادية دورا رئيسيا في تحديد الطول، يحصل كل إنسان على 46 كروموسوما (23 من كل والد)، من بينها زوج الكروموسومات الجنسية: XX للإناث وXY للذكور.

غالبا ما يُورّث الآباء سمات الطول لأبنائهم، لذا فإن الأطفال المولودين لأبوين طويلين يميلون إلى أن يكونوا أطول من نظرائهم المولودين لأبوين قصيرين، وتشير دراسات التوائم المتطابقة إلى أن الطول يُورّث بنسبة 80% تقريبا، بينما يُعزى الباقي إلى العوامل البيئية كالتغذية.

جين SHOX كلمة السر في فرق الطول

أحد الجينات الأكثر دراسة في هذا السياق هو جين SHOX الموجود على كل من الكروموسومات X وY، يقدّر العلماء أن هذا الجين وحده مسؤول عن نحو 25% من الفارق في الطول بين الذكور والإناث، وعندما يتعطل هذا الجين بسبب طفرات، كما في متلازمة "ليري-ويل"، يؤدي ذلك إلى تقزّم النمو العظمي وقصر القامة. 

الأسباب الجينية لفرق الطول بين الرجال والنساء

دراسة نُشرت في مجلة PNAS في مايو 2025، حللت بيانات أكثر من 928,000 شخص، وركّزت على الأفراد الذين لديهم اضطرابات في عدد الكروموسومات الجنسية (مثل XXX أو XXY)، كشفت النتائج أن زيادة عدد كروموسومات Y ترتبط بزيادة أكبر في الطول مقارنة بزيادة كروموسومات X، ويُعتقد أن هذا يعود إلى أن الذكور يمتلكون نسختين فعالتين من جين SHOX، بينما لدى الإناث نسخة واحدة غير فعالة من كروموسوم X، تُعطَّل وظيفيا.

هل الكروموسوم Y مسؤول فعلاً؟ 

بحسب الباحث ألكسندر بيري، فإن هذه النتائج لا تعني أن الكروموسوم Y هو وحده المسؤول عن فرق الطول، فجين SHOX موجود على كلا الكروموسومين X وY، مما ينفي أن يكون Y وحده المتحكم، ومع ذلك يُحتمل أن يحتوي الكروموسوم Y على جينات تؤثر على إنتاج الهرمونات مثل التيستوستيرون، والتي قد تُساهم بدورها في تحفيز النمو الطولي.

دور الهرمونات في النمو 

لا يُعزى فرق الطول فقط إلى الجينات، بل إلى التفاعلات المعقدة بين الجينات والهرمونات، فهرمون النمو البشري الصادر من الغدة النخامية، وعامل النمو الشبيه بالأنسولين IGF-1، يلعبان دورا محوريا خلال الطفولة والبلوغ، لكن المفاجأة أن الإستروجين، وليس التيستوستيرون فقط، هو النجم الحقيقي في عملية نمو العظام.

تشرح الدكتورة هولي دونسورث أن الإستروجين يعمل على مرحلتين: أولا يعزز نمو العظام الطولي، ثم يتسبب في التحام العظام بمجرد بلوغه ذروته، مما يوقف النمو، ولأن الإناث يصلن إلى ذروة إنتاج الإستروجين في وقت أبكر من الذكور، فإن نموهن يتوقف في سن أصغر، مما يجعل الذكور أطول عموما.

رغم أن الوراثة تُفسر حوالي 80% من الفروق في الطول، تبقى العوامل البيئية مسؤولة عن النسبة المتبقية، تشمل هذه العوامل التغذية، والصحة العامة، والمناخ، مما يجعل من الصعب تفسير التفاوت في الطول بين الجنسين عبر عامل واحد فقط.

سر الطول لا يزال لغزا جزئيا

بين الجينات والهرمونات والبيئة، تتفاعل العوامل لتُنتج الفروق المتباينة في الطول بين الرجال والنساء، ومع ذلك لا يزال العلماء يكتشفون المزيد، ويُعتقد أن دراسات تعبير الجينات (Gene Expression) قد تكشف عن أسرار جديدة، حتى بين أفراد يملكون نفس الكروموسومات.