لقاء فيروز وماكرون

فن ومشاهير

طلة فيروز تعيد اللبنانيين إلى صباحات الضيعة

سارة درغام

2 أيلول 2020 12:44

فيروز .. ما أجملك سيّدتي.

تزدادين وقاراً بالوسام الفرنسي. الأحمر يزيّن عنقك، فيما أنت جوهر الأوسمة وأكثرها رقيّاً.

حالة من الحب والاعتزاز غمرت اللبنانيين والعرب على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد زيارة الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون "مع الفنانة اللبنانية فيروز وانتشار صورها لأول مرة منذ سنوات، والتي أظهرت ابتسامة غير معتادة من "أرزة لبنان"، وبساطة منزلها ورقيه.

كانت الصور الجديدة، كافية لتحرّك سيلاً من العواطف الجياشة. كان لقاء العمر ليس لماكرون فقط بل لكل الشعب اللبناني .. جميعنا انتظرنا، لنحظى بصورة بعد غياب... بلقطة، ببسمة، بكلمة وصوت وأغنية. بترنيمة تُشفي قلوبنا المكسورة على بيروت. بيروت التي تحبّين، و"إيه في أمل"

فهذه المرّة الأولى التي يرى فيها المتابعون صورة واضحة للفنانة منذ سنوات، بعدما عمدت إلى اختيار سياسة إعلامية تحيطها بالغموض بعيدةً عن عدسات الكاميرا و الأضواء.

ولم يسمح لأي وسيلة إعلامية بتصوير هذا اللقاء،

و لكن كفى بأنها أطلّت علينا، على شعبها الذي اشتاق أن يراها، مغنّية أو متحدّثة، أو ملتحفة بالصمت حتّى، لا يهم، طالمتا أن فيروز، في ذكرى مئوية لبنان، بخير.

حيث يعرف عن فيروز بأنها نأت بنفسها عن الأضواء منذ سنوات طويلة، لكنها تبقى حاضرة في السجالات الدائمة بين جمهورٌ لبناني يؤمن و يؤيد بحقّها في العزلة، وجمهورٌ آخر يلومها على البعد.

هذه الفنانة التي يقال عنها الأيقونة، والملكة، وجارة القمر، ويرفق اسمها دوماً بلقب "السيدة" تقديراً، ها هي اليوم تطلّ علينا من غرفة جلوسها مع الرئيس الفرنسي المحظوظ الذي جاء يقلدها وساماً رفيعاً.

وفجأة، رأيناها تطل علينا من غرفة جلوسها و بيتها اللبناني البسيط ، تطل علينا في ثمانينها ورأيناها تضحك، ورأيناها بصحّة جيدة.

وفور نشر صور اللقاء عبر حسابات فيروز الرسميّة على مواقع التواصل، اختفى ماكرون من المشهد كلياً، كأنّه بات شخصية هامشية. راح الناس يقصّونه من الصور، ويشاركونها معلّقين على كلّ تفصيل فيها: الثوب المزخرف بالذهب، الابتسامة من خلف القناع الصحّي الشفاف، الوشاح الأسود المطرّز، غرفة جلوسها ، مساحتها الحميمة، الأريكة المنقوشة بالزهور، اللوحة التشكيلية والأيقونات الأرثوذوكسية، وصور العائلة.

بيتها يشبه بيوت جدّاتنا.. بيت الضيعة اللبناني .. بيتها البسيط الذي يشبه بيوتنا و الذي يحمل نكهة و روح البيت اللبناني الأصيل .. مما غرد الكثير من جمهورها على تويتر معبرين عن "بيت السيدة فيروز فيه من الدفء والبساطة الرقي والأناقة، ما يغطي على أفخم القصور.. فيه من التفاصيل التي تعكس ماضينا بما فيه من حميمية.. بمجرد النظر إليه تشعر بالراحة"

وكان الملفت للنظر في غرفة جلوس فيروز، تلك اللوحة والأيقونات على الجدار. اللوحة الكبيرة في الوسط، من أشهر الأعمال التشكيلية اللبنانية، وهي عمل للفنانة اللبنانية - الكرواتية سيسي توماسيو سرسق (1923-2015) وأنجزت في العام 1980.

و قد منح الرئيس الفرنسي فيروز، وسام جوقة الشرف الفرنسي، وهو أعلى تكريم رسمي في فرنسا، وبدورها، أهدته لوحة فنّية .

وبعد هذا اللقاءٍ "الاستثنائي" مع "أرزة لبنان"، قال إيمانويل ماكرون إنها: "أيقونة، ولها مكانة خاصة في قلوب الفرنسيين"، مشيرًا إلى أن حديثه معها كان مليئاً بـ"النوستالجيا"، وذكرياته الخاصة عنها، لكنه رفض الكشف عما قالته له.ووصفها بأنها "جميلة وقوية للغاية"، وقال: "تحدثت معها عن كل ما تمثله بالنسبة لي عن لبنان نحبه وينتظره الكثير منا. عن الحنين الذي ينتابنا".

وعندما سئل عن أغنيته المفضلة لفيروز أجاب بأنها "لبيروت"

و بعد انتهاء لقاء "فنجاه القهوة" او لقاء " ساعة من العمر"

لم تظهر فيروز بعده، كما ترجّى الحشد الذي اصطف أمام منزلها، وبقي الصحافيون يترقّبون احتمال مرافقتها الضيف إلى الباب. بقيت السيدة محتجبة، تاركةً ملايين العشاق ينتظرون إطلالة جديدة، استثنائية، كعادتها، تكسر فيها هالة الصمت التي حاوطتها منذ سنواتٍ عدة.

وقوبل ماكرون بهتافاتٍ غاضبة من متظاهرين احتشدوا أمام منزل فيروز في منطقة الرابية - بيروت ، رفعوا أصواتهم عالياً في وجه ماكرون، بشعارات "ثورة"..

وعند انتهاء الزيارة، توقف ماكرون للحديث مع المحتجين، وقال إنه "قطع التزاما أمام (فيروز)، مثلما أقطع التزاما لكم هنا الليلة بأن أبذل كل شيء حتى تطبق الإصلاحات، ويحصل لبنان على ما هو أفضل. أعدكم بأنني لن أترككم".

وهذه ليست المرة الأولى التي تتقلد فيها "السيدة فيروز" أوسمة فرنسية رفيعة، حيث قلدها الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران وسام "قائد الفنون والآداب" أحد أرفع الأوسمة الأوربية، أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كما قلدها الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك وسام "جوقة الشرف" من رتبة فارس أواخر التسعينيات، وهو الوسام ذاته الذي قلدها إياه الرئيس إيمانويل ماكرون، وشعاره "الشرف والوطنية"، والذي أسسه قائد فرنسا التاريخي نابليون بونابارت مطلع القرن التاسع عشر.

و على أمل و " ايه في امل " أن يكون لنا لقاءٌ قريب مع ارزة و ايقونة لبنان التى لم و لن تتكرر ..

فيروز انتِ مثل لبنان لم يتكرر مثلكم .

النهضة نيوز