تأخر سن زواج الفتيات في سورية

تقارير وحوارات

تنازلن عن حلم الفستان الأبيض ... فتيات سورية ضحايا الأزمة

حنين أسد

18 تشرين الثاني 2020 12:22

أرخت الأزمة السورية بظلالها على مختلف القطاعات الحيوية و المعيشية في البلاد، و طالت آثارها المواطن على وجه الخصوص، لا سيما الفئة الفتية، حيث تنازلت الفتيات السوريات عن أحلامهن بـ ارتداء فستان الزفاف الأبيض لصالح الاقتصاد في تكاليف الزواج و الاستقرار عقب ارتفاع سعر الصرف و تراجع قيمة الليرة السورية، في حين أصبحت الفرحة خلال السنوات الماضية مقتصرة على سهرة بسيطة بوجود أسرة العروسين لمباركة هذا العقد.


إلا أنه بات الآن من شبه المستحيل الاستقرار على خلفية تدهور الأوضاع المعيشية في ظل وجود أزمة البطالة و اتجاه الشباب السوري إلى مغادرة البلاد تحت عباءة الهجرة و اللجوء، إضافة إلى استشهاد العديد منهم في ساحات الوغى.

ناهيك عن ارتفاع أسعار العقارات و الذهب والمواد الاستهلاكية، إلى أن أصبح تكوين أسرة جديدة أمراً مستحيلاً لكل امرئ يطمح بإنجاب الأطفال و تأمين مستلزماتهم البسيطة من مسكن و غذاء ودواء.

حيث تجاوز سعر الذهب عيار 18 حاجز المائة و ثمانية عشر ألف ليرة سورية، أي أن خاتم الخطوبة ذو الأربع غرامات يبلغ سعره 472 ألف ليرة، و هو مبلغ كبير بالنسبة لأحوال الشباب السوري و للأجور المتقاضاة في القطاعين العام والخاص.

الأمر الذي عزف عنه المقبلين على الزواج عبر الاستعاضة عنه بخواتم من معادن أخرى، أقل تكلفة كالفضة و الذهب البرازيلي كما الروسي، في ظل هذه الظروف تزايدت نسبة الإناث اللواتي تجاوزنّ سن الثلاثين دون زواج.

و ذلك بحسب آخر إحصاءات دائرة نفوس دمشق، و التي تداولتها بعض الصفحات الناشطة على منصة تطبيق فيسبوك، و التي جاءت كـ التالي:

850 ألف فتاة عزباء فوق سن الخامسة و العشرين عاماً، و 2 مليون ونصف المليون فتاة عزباء فوق سن الثلاثين عاماً، بينما وصلت نسبة العازبات فوق سن الخامسة والثلاثين إلى 600 ألف فتاة.



آراء الشباب السوري حول ارتفاع نسب العزوف عن الزواج :


كتب أحمد على إحدى المنشورات المتداولة عبر المنصة الاجتماعية ملمحا إلى أن الحال لن تعود إلى سابق عهدها إلا في حال واحد ، ألا و هو عزوف الفتيات عن العمل و ترك شواغرهن لالتحاق الشبان فيها بدلاً منهن ، وعليه يستطيع الشاب التفكير بالزواج.

بينما عقبت هالة مستغربة من تحدث البعض عن الموضوع تحت مسمى " حلم" مشيرة إلى أن العديد من الفتيات لديهن أحلام كبيرة بعيدة كل البعد عن فكرة الزواج.

فيما أشار عبيدة إلى الظروف التي يقاسي منها الشبان بدءاً من الالتحاق بالخدمة الإلزامية إلى تأمين لقمة العيش، إضافة إلى غلاء الأسعار و متطلبات الزواج من مهر و حاجات أساسية.

أما ميمون فتوقع أن القسم الأكبر من النسبة الأخيرة الناتجة عن الاحصاء، عازفون عن دخول القفص الذهبي بإرادتهم من ذكور و إناث على حد سواء على خلفية الوضع الاقتصادي المتردي .

كما أشار البعض إلى اتباع قانون تعدد الزوجات بشرط أن يكنّ عاملات لحل الأزمة الناتجة، وبذلك تنحسر النسب بشكل ملحوظ و تأمن الحاجات الأساسية لإعالة الأسرة في حال إنجاب الأطفال.

وهو قانون مشروع دينياً، وله الكثير من الراغبين فيه، إلا أن تبعاته في ظل الظروف الراهنة من الممكن أن تولد أزمات عدة، منها الطلاق و العنف الأسري على خلفية الضغط الناتج من تعدد الزوجات و اختلاف الآراء و تزايد عدد أفراد الأسرة الواحدة .

مما سيعود بالسلب على العائلة ، و ذلك بضغوط نفسية كبيرة ، ناهيك عن أنه عملية تسليع للمرأة في ظل تطور نظرة المجتمع وانفتاحه و ارتفاع وعي المرأة و الدعوات إلى المساواة لإثبات قدرة النساء في شتى المجالات ، وهنا ستوجد مشاكل أخرى في خضم البحث عن سبل لعلاج مشكلة تأخر الزواج .

و على الرغم من الجهود المبذولة من قبل الحكومة السورية لحلحة الوضع الاقتصادي و محاولة تقليص نسبة البطالة المتزايدة في البلاد ، عن طريق فتح باب التقدم إلى اختبارات و مسابقات وظائف القطاع العام، و الاستثمار في مهارات النسوة في الأعمال و الصناعات اليدوية.

إلى محاولة السيطرة على ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة، بالتزامن مع إجراء مسابقات خاصة بالمسرحين من الجيش العربي السوري.

إلا أن الوضع الاقتصادي القاسي يسيطر بمجمله على الصورة العامة و الواقع المعاش، الذي بات يقض مضجع السوريين على اختلاف أعمارهم و فئاتهم الاجتماعية.

لا سيما بعد الشلل الذي سيطر على مرافق الدولة السورية، عقب فرض عقوبات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تحت عنوان " قانون قيصر"، الذي طال أيضاً حلفتيها روسيا و إيران في مجالات الأعمال و هندسة الطاقة و النقل الجوي، و الذي دخل حيز التنفيذ في السابع عشر من شهر حزيران / يونيو الماضي.

و الذي يمكن بموجبه للرئيس الأمريكي، فرض عقوبات على الأشخاص و الجهات التي تدعم الحكومة السورية أو تتعامل معها أو توفر لها التمويل و الاستثمارات، بما في ذلك المصرف المركزي السوري، إضافة إلى أجهزة الأمن و الاستخبارات السورية، بهدف دفع الدولة إلى الخضوع تحت وطأة الأجندة الأمريكية الغربية، و الحد من إنجازات حلفاء الجمهورية العربية السورية على الصعيدين الاستراتيجي و الإقليمي في المنطقة.

النهضة نيوز