ناقش الكاتب والمحلل السياسي اللبناني أسعد أبو خليل الدور الذي تلعبه المملكة العظمى في البلاد العربية ولاسيما في بلاد الأرز، ورأى أبو خليل في مقال نشره في عدد اليوم الثلاثاء من "جريدة الأخبار اللبنانية"، أن النظرة العربية إلى الدور الذي تمارسه بريطانيا وسفرائها، ليست ناضجة ولا مكتملة، إذ أن السفراء البريطانيين وخلافاً للأمريكيين، يمارسون دور الصديق، الذي يتكلم العربية ويستمتع في العادات الشرقية، واستحضر الكاتب اللبناني في مقاله، الاستعراض الذي قام به السفير البريطاني في لبنان، وهو يطهو طبق الفتوش، الذي أطلق عليه الاسم: فطوش".
وفي مقاله الذي حمل عنوان: "المشروع البريطاني «السرّي» للتغيير في لبنان" تابع أبو خليل استعراضه للدور الذي أدته المخابرات البريطانية منذ الاستقلال الشكلي للبلاد، الذي كان كما يرى، مسرحية بريطانية هندستها مخابرات الأخيرة خطوة بخطوة، وكان لها اليد الطولى في التحكم في البلاد قبل أن تتراجع أمام تمدد الدور الأمريكي في المنطقة عام 1958.
كما يرى الكاتب اللبناني الشهير، أن تعاظم الدور الأمريكي لم يلغِ الدور البريطاني، ويستشهد الرجل بالتنسيق والتكامل بين الأدوار الغربية في استغلال حدث اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وينطلق في تحليل الحدث من تصريح يوضح حقيقة التحالف القائم بين الدول الخمس، أميركا وبريطانيا ونيوزلنده وأستراليا وكندا، التي طالبها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بدفع نفقات العمليات الأمريكية في المنطقة، تلك العمليات التي تشمل من بين ما تشمله الشق الاستخباري.
ويستعرض أبو خليل في مقاله الدور التاريخي الذي مارسته المخابرات البريطانية، إذ تدخلت وفق ما يكشفه بحثه الذي استند فيه إلى كتاب للمؤلف الإسرائيلي مئير زمير ويحمل عنوان : "الحرب الأنجلو - فرنسيّة السريّة في سوريا ولبنان، ١٩٤٠- ١٩٤٨
أن تلك المخابرات ساهمت في صناعة الدور الحكومي البارز لرياض الصلح، حيث أوصله إلى رئاسة الحكومة مرتين في مقابل حماية المصالح البريطانية عبر حث حماه سعد الجابري بعدم مواجهة المصالح البريطانية والإضرار بها.
وينوه الكاتب اللبناني في مقاله إلى أن السبب في استعراض الدور الذي تلعبه المخابرات البريطانية في لبنان ودول المنطقة، هو ما نشره موقع "مون أوف الاباما" من وثائق سرية كشفت مدى تغلل ذلك الجهاز في دعم المعارضة السورية المسلحة، ومدى تدخله في الشؤون اللبنانية الداخلية.
وتنطلق المخابرات البريطانية في أداء دورها في لبنان من خلال شركة " إي. آر .كي" ومقرها دبي، حيث تمارس هذا الشركة التي يعمل عليها متقاعدين وخبراء أمنيين، نشاطات صناعة البروباغندا من خلال تشكيل شبكات ضخمة من الصحافيين والنشطاء وتزويدهم بموارد هائلة.
وفي لبنان، يتجلى الدور الذي تلعبه الشركة ذاتها، عبر صناعة رأي عام مناهض لاتجاهات سياسية بعينها، إذ تنفق المخابرات البريطانية لهذا الغرض، مبالغ هائلة من المال، إذ تمول وتدعم كيانات صحافية وأهلية واجتماعية نشطة في المجتمع، وتدفع بها لتبني سياسيات معينة، وهو ما يلاحظ من خلال تصدير الأحداث عبر حسابات إلكترونية معروفة بميولها السياسي القريب من الهوى السعودي والإماراتي.
ومن بين الوثائق التي تكشف الدور البريطاني المريب في لبنان، هو العقد الموقع مع شركة "ساتشي أند ساتشي" وهي شركة بارعة في صناعة البروباغندا، وكان لها الدور في تصدير اسم "ثورة الأرز" وصياغة الشعارات التي رافقتها، والتي تضمنت استهداف لفريق سياسي دون سواه.
ويلخص أبو خليل في مقاله المطول، أن الدور البريطاني في لبنان، لا يقف عند حدود التدخل السياسي المباشر، إنما يتخطاه إلى مساحات أكثر خطورة، تتعلق في التأثير على المزاج الشعبي العام، ودفع الجمهور نحو التموضع في مساحات تتماشى مع المشاريع الغربية، ولاسيما في رفض المقاومة وإدانة كل تكتل بشري أو فكري يتعارض مع السياسيات البريطانية الأمريكية.
النهضة نيوز - بيروت