ضبط عالم بارز في حلف الناتو يدير عملية تجسس لصالح الصين

أخبار

ضبط عالم بارز في حلف الناتو يدير عملية تجسس لصالح الصين

19 آذار 2021 16:44

علمت صحيفة ذا ديلي بيست أن المخابرات العسكرية الصينية قد قامت بتجنيد مواطناً إستونياً يعمل في مؤسسة أبحاث تركز على الأبحاث البحرية والغواصات تابعة لحلف الناتو.

وأدين الجاسوس تارمو كوتس، المعروف في الأوساط العلمية الإستونية بأبحاثه، خلال الأسبوع الماضي وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.

وحذرت أجهزة المخابرات في الدولة الواقعة على بحر البلطيق لسنوات من التهديد الصيني المتزايد، لكن هذه الإدانة كانت الأولى من نوعها.

وحتى الآن، تمت الإشادة بخدمة مكافحة التجسس في إستونيا، والمعروفة محليا بالاسم المختصر KAPO، لنجاحها في القبض على الجواسيس الذين جندتهم وتديرهم روسيا، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها كشف وإدانة جاسوس صيني.

ووفقاً لألكسندر توتس، نائب مدير خدمة مكافحة التجسس في إستونيا وكبير مسؤولي مكافحة التجسس في تالين، أنه قد تم تجنيد كوتس عام 2018 من قبل مكتب المخابرات الصيني التابع لإدارة الأركان المشتركة للجنة العسكرية المركزية، وهو الاسم الذي تعرف به وكالة الاستخبارات العسكرية في بكين، جنباً إلى جنب مع شريك مزعوم لم يحاكم بعد، حيث تم القبض على كلاهما بتاريخ 9 سبتمبر 2020، دون أي دعاية أو مناقشة للقضية في وسائل الإعلام الإستونية.

واعترف كوتس بأنه مذنب لقيامه بأنشطة استخباراتية ضد جمهورية إستونيا نيابة عن دولة أجنبية، لكن التهم التي وجهت له كانت أقل من تهمة الخيانة العظمى، لذلك حكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة سنوات فقط.

وقال توتس، الذي تحدث بشكل حصري مع صحيفتي ذا ديلي بيست وديلفي الإستونية، أن كوتس تم تجنيده على الأراضي الصينية، وأن دافعه كان مرهونا بنقاط الضعف البشرية التقليدية، مثل المال والحاجة إلى التقدير.

مضيفاً أن كوتس تلقى مدفوعات نقدية من مشغليه الصينيين بالإضافة إلى رحلات مدفوعة الأجر إلى دول آسيوية مختلفة، مع إقامة فاخرة وعشاء في مطاعم حاصلة على نجمة ميشلان العالمية الفاخرة، وكان عملاء المخابرات الصينيين الذين يتعاملون معه يعملون تحت غطاء مركز أبحاث.

بالإضافة غلى ذلك، أكدت إينا أومبلر، المدعي العام التي تولت القضية، أن كوتس حصل على 17000 يورو، أي ما يزيد قليلاً عن 20000 دولار، مقابل تجسسه، وهو المبلغ الذي استولت عليه الحكومة الإستونية منذ اعتقاله.

تجدر الإشارة إلى أن كوتس، الذي حصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء البيئية عام 1999، عمل لسنوات في المعهد البحري بجامعة تالين التقنية حيث تخصص في الجيوفيزياء وعلوم المحيطات التشغيلية، قاد بحثه علماء البحار إلى توقع عاصفة شتوية مدمرة مصحوبة بارتفاع سريع في مستوى سطح البحر في إستونيا في عام 2005.

كما وكان كوتس أيضاً جزءاً من مجموعة البحث العلمي التي منحت جائزة العلوم الوطنية الإستونية عام 2002 لإيجاد أفضل موقع لميناء بحري في جزيرة ساريما، والذي على الرغم من أنه مصمما رسميا لاستقبال السفن السياحية، إلا أن الميناء كان بحاجة إلى أن يكون قادرا على استضافة سفن الناتو.

ومنذ عام 2006، أصبح كوتس منخرطا بشكل مباشر في قطاع الدفاع الوطني، حيث تم تعيينه عضواً في اللجنة العلمية بوزارة الدفاع الإستونية، والتي تشرف على مبادرات البحث والتطوير العسكري في البلاد.

وكجزء من هذا الانتداب، أصبح كوتس عضوا في اللجنة العلمية لمركز الأبحاث البحرية التابع لحلف الناتو الذي يقع مقره في مدينة لا سبيتسيا بإيطاليا، وخدم في الفترة الواقة ما بين 2018 إلى 2020 كنائب لرئيس ذلك المركز، والذي يعرف الآن باسم مركز البحوث البحرية والتجريب (CMRE)، الذي يجرب أبحاثاً علمية متطورة ذات صلة بعلوم المحيطات والنمذجة والمحاكاة والصوتيات والتخصصات الأخرى.

كما ويظهر حساب كوتس الشخصي على منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك أنه قد سجل وصوله إلى ميدنة ليريسي الإيطالية بعد مغادرته مدينة لا سبيتسيا في أبريل 2018، وهو العام الذي تم تجنيده فيه من قبل الصين.

ومنح دوره في المركز التابع لحلف الناتو إمكانية الوصول المباشر إلى معلومات الاستخبارات العسكرية السرية لإستونيا وحلف الناتو.

وبحسب خدمة مكافحة التجسس في إستونيا، كان لدى كوتس لحظة اعتقاله تصريحا للوصول إلى أسرار الدولة وتصريح أمني من حلف الناتو يعود إلى أربعة عشر عام.

وفي السنوات الثلاث التي عمل فيها كوتس مع المخابرات العسكرية الصينية، حصر تجسسه على تقديم الملاحظات واليوميات حول عمله رفيع المستوى، لكنه لم ينقل أي معلومات عسكرية سرية خطيرة.

وقال توتس: "كان حصوله على مثل هذه التصاريح الأمنية أحد الأسباب التي دفعتنا إلى وقف تعاونه مع الصينيين مبكراً، الأمر الذي أنقذه من عقوبة أكثر صرامة كان من الممكن أن تصل إلى تهمة الخيانة العظمى في حال نقل أسرار الدولة أو أسرار حلف الناتو ".

في الواقع، كان أكبر اختراق تجسسي لحلف الناتو على الإطلاق هو اختراق إستوني، وذلك بعد أربع سنوات فقط من انضمام دولة البلطيق إلى التحالف العسكري الغربي.

وفي عام 2008، اعتقلت خدمة مكافحة التجسس في إستونيا هيرمان سيم، رئيس إدارة الأمن بوزارة الدفاع الإستونية.

حيث كانت مهمة سيم تنسيق حماية أسرار الدولة وإصدار التصاريح الأمنية والعمل كحلقة وصل بين وزارة الدفاع الإستونية وحلف شمال الأطلسي، وكان يعمل مع جهاز المخابرات الخارجية الروسي طوال فترة عمله.

وبحسب خدمة مكافحة التجسس في إستونيا، فقد حكم على سيم بالسجن لمدة اثني عشر عاما ونصف، ومع دفع غرامة وصلت إلى 1.3 مليون يورو كتعويضات، ثم أطلق سراحه من السجن في عيد الميلاد لعام 2019.

منذ تلك الفضيحة، أصبحت إستونيا واحدة من أبرز صائدي الجواسيس الروس في العالم، حيث قال توماس هنريك إلفيس، رئيس إستونيا السابق: "دائما ما أستمر بالاندهاش من هذا الأمر، يجب أن نكون البلد الوحيد الذي يبدو أن الكرملين مهتم به لأننا الوحيدين الذين يلاحقون كل عملائهم، ما الذي يجعلنا مميزين بهذا القدر؟".

وعلى عكس أعضاء حلف الناتو الآخرين، فإن هذه الدولة المطلة على البلطيق تميل إلى تسمية و فضح العملاء الذين يتم اعتقالهم، كما أنه نادراً ما تتاجر بالجواسيس مقابل أصولها التي تم الاستيلاء عليها، حيث كان الاستثناء الوحيد الذي تم الإعلان عنه لهذه القاعدة هو حالة إستون كوهفر، ضابط خدمة مكافحة التجسس في إستونيا الذي تم القبض عليه عام 2014 من قبل جهاز الأمن الفدرالي الروسي، على الجانب الإستوني من الحدود الإستونية-الروسية أثناء إجراءه عملية تهريب عبر الحدود.

وتم تبادل كوهفر، على غرار عملية " جسر الجواسيس" عام 2015 مع أليكسي دريسين، العميل الروسي الذي جنده جهاز الأمن الفدرالي الروسي من بين صفوف خدمة مكافحة التجسس في إستونيا قبل سنوات.

بالإضافة إلى ذلك، أوضحت خدمة مكافحة التجسس في إستونيا أنها اكتشفت زيادة في اهتمام أجهزة المخابرات الصينية بها بعد انضمام إستونيا إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في عام 2004 لأول مرة، لكن هذا الاهتمام ازداد مؤخراً.

وخلصت أن وكالة الاستخبارات الصينية مهتمة بشكل خاص بـ "القرارات الإستونية المتعلقة بالقضايا العالمية، سواء كانت القطب الشمالي أو المناخ أو التجارة".

وفي الحقيقة، يناسب تجنيد كوتوس هذه الفئة تماماً، حيث ركز بحثه العلمي بشكل كبير على التأثير البحري لتغير المناخ وركزت بعض أوراقه العلمية بشكل مباشر على منطقة القطب الشمالي.

المصدر: صحيفة ذا ديلي بيست