إيران تدخل لاعب جديد في مباراة التشكيل الحكومي في لبنان

إيران تدخل لاعب جديد في مباراة التشكيل الحكومي في لبنان إيران تدخل لاعب جديد في مباراة التشكيل الحكومي في لبنان

لم يكن ينقص الوضع المتأزم خول التشكيل الحكومي في لبنان سوى تدخل الطرف الإيراني ليكتمل الصراع الدولي على شأن تؤكد جميع الدساتير الدولية والقوانين السياسة أن موضوع داخلي بحت ويخص شؤون الدولة ذاتها فحسب. 

فلم يفاجأ الوسط السياسي بدخول طهران على خط التأزُّم الذي لا يزال يعرقل تشكيل الحكومة، رافعة هذه المرة البطاقة الحمراء بلسان مساعد رئيس مجلس الشورى حسين عبد الأمير اللهيان احتجاجاً على التحرك الدبلوماسي المتعدد الأطراف لتعطيل العثرات التي ما زالت تعيق ولادة حكومة لبنان. 

الحكومة التي يقودها باعتراف عدد من السفراء العرب والأجانب رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يرفض حتى الساعة التعاون مع الرئيس المكلّف سعد الحريري والذي يُبدي مرونة لتجاوز العقبات التي تؤخر تأليفها وينأى بنفسه عن الدخول في سجال معه رغم الإساءات المتكررة التي استهدفته من ميشال عون.

تدخل إيران لم يكن وليد المصادفة بقدر ما هو رسائل مبطنة للطرف الآخر المتمثل بأمريكا وفرنسا والسعودية التي اعتمدت توجيه التهم لإيران بإعاقة المقاومة، اعتقاداً منها بأن تصاعد وتيرة الضغوط الدولية لمنع لبنان من الذهاب إلى السقوط يمكن أن يشكل شبكة أمان سياسية لإنقاذهم من الزوال.

مصدر سياسي بارز يؤكد لصحيفة الشرق الأوسط أن رسالة إيران وضعت لبنان أمام معادلة جديدة قوامها المقاومة والجيش والحكومة القوية التي حلّت مكان الشعب في هذه المعادلة، وأعلنت إيران برسالتها أنها تستهدف المبادرة الفرنسية لتطويق الجهود العربية والدولية الداعمة لها، خصوصاً بعد أن قررت واشنطن وبلسان السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا بأن تنزع عنها ما لديها من تحفّظات كانت وضعتها الإدارة الأميركية السابقة.

وقالت المصادر أن إيران ترد بطريقة أو بأخرى على مطالبة الراعي بحياد لبنان الإيجابي وعقد مؤتمر دولي خاص بلبنان.

ولفت المصدر نفسه إلى أن طهران قررت الخروج عن صمتها وبادرت للدخول على خط أزمة تأليف الحكومة من موقع الاختلاف مع المجتمع الدولي الحاضن للمبادرة الفرنسية، وذلك بعد أن سبق لوزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف أن سأل أثناء وجوده في زيارة رسمية لموسكو، ماذا يفعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيروت، في إشارة إلى تحفّظه حيال المبادرة التي أطلقها لإنقاذ لبنان!

وقال أن إيران تتناغم كلياً مع مطالبة الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بتشكيل حكومة تكنوسياسية، وإلا ماذا تقصد طهران بدعوتها لتشكيل حكومة قوية والتي تريد منها نسف المواصفات التي ترتكز عليها المبادرة الفرنسية بتشكيل حكومة من اختصاصيين ومستقلين ومن غير المحازبين.

وأكد المصدر السياسي أن طهران قررت الدخول في مواجهة مع المبادرة الفرنسية باتباعها الدبلوماسية الساخنة في تمرير رسائلها انطلاقاً من حساباتها بأنها تمسك بالورقة اللبنانية باعتبارها من أقوى الأوراق الضاغطة لجر واشنطن إلى التفاوض معها.

واعتبر المصدر أن حزب الله يتعاطى مع تأليف الحكومة في لبنان من زاوية إقليمية يتجاوز فيها الحسابات الداخلية، وبالتالي فهو يربط الإفراج عنها بالتفاوض فوراً مع إيران. 

ويتسائل المصدر عن اصرار نصر الله على تعديل موقفه لجهة مطالبته بحكومة تكنوسياسية، وعدم ممانعته من العودة إلى النسخة الأصلية لتأليفها والتي طرحها ماكرون مشترطاً التوافق عليها بين الحريري وعون الذي يقاتل لدفعه إلى الاعتذار عن تشكيلها، رغم أنه يدرك سلفاً بأن لا جدوى من إصراره على شروطه بعد أن دعته السفيرة الأميركية لإسقاطها لمصلحة التوصل إلى تسوية غير التسويات السابقة.

ولفت المصدر إلى أن المقاومة في لبنان استبقت خطوة إيران، ونأت بنفسها عن القيام بأي تحرك لتفعيل مشاورات التأليف، مكتفية، كما قال المصدر السياسي، بتوجيه اللوم لميشال عون على خلفية مراسلته للحريري، ومعتبرة أنه كان بغنى عنها.

وأكد المصدر أن إيران لجأت لاحراج ميشال عون أمام المجتمع الدولي في حال لم يتجاوب مع رغبتها بتشكيل حكومة مهمة، خصوصاً أن السفراء باتوا على قناعة بأنه يسعى جاهداً لاستدراج سعد الحريري إلى اشتباك سياسي تلو الآخر من دون أن يحقق مبتغاه في جرّه للاعتذار. 

وقال المصدر أن ميشال عون وإن كان يصر على تبادل الخدمات السياسية مع حليفه حزب الله، فإن السفراء يمارسون الضغوط عليه للتسليم أولاً بوجود الحريري على رأس الحكومة كأساس لاستمرارهم في جهودهم لإيجاد قواسم مشتركة يمكن أن تجمع بين منطق الرئيس المكلّف والآخر الذي يمثّله عون بالإنابة عن وريثه السياسي رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.

وأشار المصدر إلى أن ميشال عون وإن كان ينفي تمسّكه بالثلث المعطّل في الحكومة العتيدة، فإنه يصر حسابياً على انتزاعه، وهذا ما شكّل قناعة لدى السفراء من خلال تدقيقهم بالجداول التي أرسلها للحريري بذريعة إعادة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف ومن خلالها على القوى السياسية، مع أن الأخير يبدي مرونة لجهة إمكانية التوافق على اسم لتولّي وزارة الداخلية وصولاً إلى إعادة النظر في التوزيع المقترح للحقائب وبعض الأسماء المطروحة لشغلها.

ويبقى التساؤل قائما هل تجدي هذه الألعاب السياسية نفعا في تحريك عجلة التشكيل الحكومي وتدفعها للأمام خاصة مع دخول عنصر لا يستهان به باعتراف كل الأطراف في ساحة المقامرة الدولية هذا ما ستبينه قادمات الأيام. 

المصدر: الجمهورية