أخبار

ملابسات المؤامرة في الأردن .. ما من إجابات قريبة

7 نيسان 2021 13:38

بعد ما شهدته الساحة الأردنية من توترات جراء ما سمي بالمؤامرة التي استهدفت أمن الأردن، يتضح أن قيادة المملكة قد استطاعت النجاح في إدارة الأزمة بالشكل الصحيح، خصوصاً مع تورط افراد من العائلة الملكية الهاشمية في هذه المؤامرة.


لكن انتهاء الأزمة لم يُنه الأسئلة الكثيرة التي لم تجد لها جواباً بعد، ابتداءاً من معرفة حقيقة ما حدث وصولا إلى تحديد من يقع عليه اللوم فيما حدث، بعد أن بدأ الأمر باتهامات من نائب رئيس الوزراء الأردني ضد الأخ غير الشقيق للملك عبد الله الثاني، واصفا إياه بالضلوع في "مؤامرة خبيثة"، والذي سرعان ما حدث فعلاً وتكشَّف في الفترة الواقعة ما بين 3 إلى 6 أبريل.

انتهاء الأزمة جاء بإعلان من ولي العهد السابق الذي كان محور الجدل، ولاءه للملك عبد الله، وبأنه ما يزال يتوسط الأسرة المالكة، من خلال رسالة صادرة عن القصر من الأمير حمزة يوم الإثنين قال فيها "أضع نفسي بين يدي جلالة الملك ، و سأبقى ملتزما بدستور المملكة الأردنية الهاشمية العزيزة" وفق ما أوردته آخر التقارير الإخبارية.



الأمير حمزة يتهم نظام الأردن بالفساد والظلم 


استنادا للتقارير المنشورة بتاريخ 4 إبريل، اتهم الأمير حمزة بن الحسين "نظام" المملكة بالفساد واستخدم مصطلحات قاسية أخرى تمثل نقدا نادرا للنظام الأردني الملكي، واعتقلت قوات الأمن شخصيات بارزة فيما تم وصفه بالمؤامرة على أمن الأردن واستقراره.

وكان وزير الخارجية الأردني قد أعلن أن التحقيقات الأولية أظهرت أن هذه الأنشطة والتحركات وصلت إلى مرحلة أثرت بشكل مباشر على أمن واستقرار البلاد، لكن جلالة الملك قرر أنه من الأفضل التحدث مباشرة إلى الأمير حمزة للتعامل معها داخل الأسرة لمنع استغلالها من قبل المعارضين، مشيراً إلى وجود أحاديث عن تواصل حمزة إلى بعض الأصدقاء في الخارج، وبأنه كان يخطط لرحلة طيران لأفراد أسرته، ويبدو أنه الآن قيد الإقامة الجبرية.

الجهات الأجنبية المتورطة مجهولة في ظل تضامن الجميع مع الملك

ومع الحديث عن ضلوع أياد خارجية بالمؤامرة تزداد الأسئلة المطروحة، حيث لا يبدو أن أي دولة في المنطقة حاولت تأجيج نيران الجدل في العائلة الملكية أو الاستفادة منه، من قطر إلى تركيا، ومن إسرائيل إلى الخليج، ومن الولايات المتحدة إلى المملكة المتحدة، فجميع هذه الدول تقف إلى جانب الملك، وأعلنت في بياناتها تأييدها المطلق لقراراته.

ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه في جميع الحالات السابقة في الماضي وخاصة في ظل الأزمة الخليجية بين قطر والمملكة العربية السعودية، كانت وسائل الإعلام الإقليمية أحيانا تعمل على تأجيج نيران مؤامرات القصر الملكي، في محاولة لتشجيع هذه الأنواع من الأزمات في مختلف الأنظمة الملكية.

ومع انقسام المنطقة اليوم بين مجموعات موالية لإيران ودول مرتبطة بالرياض والتحالف القطري التركي الذي يميل إلى التجذر أكثر في جماعة الإخوان المسلمين، وفي ضوء عودة قطر إلى المناقشات مع جيرانها الخليجيين، والسعي التركي إلى التطبيع معهم، نجد تضاؤلاً في تلميحات وسائل الاعلام بالفعل.

والجدير ذكره أن أزمة الأردن تمت الاهتمام بها ومراقبتها عن كثب في وسائل الإعلام العالمية، حيث شعرت معظم وسائل الإعلام مثل شبكة BBC و CNN و France24 بالحاجة إلى محاولة توعية قراءها و متابعيها بأهمية المملكة الأردنية الهاشمية.

حيث قالت شبكة CNN الأمريكية أن الجدل في المملكة الأردنية أثار الذعر في جميع أنحاء المنطقة، وقد تم تسليط الضوء على التركيز على هذا الجدل على صفحتها الرئيسية طوال يومي 4 و 5 أبريل، وهي تغطية غير مسبوقة للأردن على شبكة إخبارية رئيسية أمريكية، على الرغم من أن عمان كانت تفضل تغطية إخبارية أكثر إيجابية، و كان عليها الاهتمام أكثر بإدارة كيفية تصوير الأزمة في وسائل الإعلام العالمية.

فالرسالة الرئيسية التي كانت المملكة قادرة على الخروج بها، والتي قبلتها معظم وسائل الإعلام الغربية، هي أن الأمر يتعلق بالاستقرار، وأنه كانت هناك مؤامرة تحاك على قدم وساق لزعزعة استقرار المملكة التي تعتبر حليفا جيدا للغرب ولا ينبغي زعزعة استقرارها.

كما و ذكرت شبكة CNN أنه كان هناك تدفق كبير للدعم من الشركاء الدوليين و الإقليميين للملك الأردني، حيث سارعت دول الخليج العربي القوية إلى إعادة تأكيد دعمها للملك، الذي قام فيما بعد بتلقي مكالمات هاتفية من هؤلاء القادة، و قد بدا أنهم عازمون على إبعاد أنفسهم عن مؤامرة أجنبية مزعومة، لكن تأييد الملك عبد الله كشريك رئيسي بدا صادقا إلى حد كبير، إضافة إلى وجود اعتراف واضح بما هو على المحك، و الذي يتمثل في أن زعزعة استقرار بلد مثل الأردن يمكن أن يعني حدوث بعض المتاعب للعديد من البلدان الأخرى في المنطقة.

وقد وصفت شبكة France24 الأردن بأنه "محور الاستقرار"، مضيفة: "إن الأردن لديه عشرة ملايين نسمة فقط لكنه ذو اهمية استراتيجية كبيرة في منطقة مضطربة كالشرق الأوسط حيث يحده اسرائيل والضفة الغربية المحتلة وسوريا والعراق والسعودية، وهو الوصي الرسمي للمسجد الاقصى في القدس".



سلوك قيادة الأردن يتجه للتهدئة


إن قدرة المملكة على حشد الدعم في الخارج كان أمرا مهما وحيويا للغاية في الساعات التي تلت بدء الأزمة فيها، حيث من المهم الآن تحليل التصريحات السابقة بشأن ما حدث، والتي تضمنت اتهامات قوية للغاية، وذلك لمعرفة ما إذا كانت المملكة تتابع مزاعم المؤامرة الأجنبية التي كشفت عنها في 4 أبريل، أو أن كل ما تم ذكره قد تم نسيانه بهدوء.

ويتضح من خلال سلوك السلطات الأردنية أن مصلحة عمان تكمن في الانتهاء الهادئ والسريع لآثار ما حدث من خلال الوساطة، وقلة الحديث عن المؤامرات الأجنبية، في ظل أزمات أخرى في الأردن كالاقتصاد وجائحة فيروس كورونا، وهو أمر يبدو أنه قيد الإعداد بالفعل.

ويذكر أن السلطات الأردنية أعلنت عن إحباط ما سمي بالمخطط التآمري ضد المملكة واعتقلت عدداً من الشخصيات الأردنية الهامة، إضافة إلى توجيه الاتهام للأمير حمزة بن الحسين الأخ غير الشقيق للملك عبد الله بالضلوع في المؤامرة بالتعاون مع جهات أجنبية لم يتم تحديدها حتى الآن.

المصدر: منتدى الشرق الأوسط