هل تنجح مصر بما فشلت به فرنسا في لبنان

أخبار لبنان

هل تنجح مصر بما فشلت به فرنسا في لبنان

8 نيسان 2021 05:37

دخلت مصر على سكة التأليف الحكومي في لبنان، لتسير في ركب من سبقها بدء بفرنسا وانتهاء بروسيا وايران.

لم يكن التحرك المصري حيال لبنان اليوم سوى تأكيد إضافي لتبنّي مصر، ومن خلفها فرنسا، وجهة النظر الأمريكية والسعودية، التي يعبّر عنها داخلياً سعد الحريري، واتهام جبران باسيل بالتعطيل.

ذلك دور لا يمكن أن يكون توفيقياً، ولا يمكن أن ينتج حكومة. إذا كان باسيل معرقلاً فعلاً، فبالمستوى نفسه على الأقل يعرقل الحريري. يكفي أنه يريد لنفسه ما لا يريده لغيره. أضف إلى أنه يحمل لواء المبادرة الفرنسية، ثم لا ينفك يفرغها من مضمونها الإصلاحي المتمثل في التدقيق الجنائي. 

صحيفة الأخبار اللبنانية وفي عددها اليوم اعتبرت أن دخول مصر لعبة التأليف الحكومي في لبنان لم يكن سوى انزال اللاعب البديل لتحقيق الهدف، فبعد فشل الفرنسيين في إقناع السعودية بتعديل مواقفها من سعد الحريري، دخل المصريون كبدل من ضائع.

ببساطة، قررا التخلي عن دور الوسيط لصالح تبنّي وجهة النظر التي تعتبر أن حزب الله والتيار الوطني الحر يُعرقلان تأليف الحكومة. هما نفسيهما لم يجدا في رهن سعد الحريري نفسه والبلد بانتظار لقاء، لن يأتي، مع ولي العهد السعودي ما يستدعي، على الأقل، تحميله جزءاً من مسؤولية المراوحة. هو في النهاية رئيس الحكومة المكلف بتأليف الحكومة، والمسؤولية الأولى تقع عليه، لكنه لا يفعل سوى انتظار المبادرات والتنازلات.

كما رأت الصحيفة أن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لا يمكن تفسيرها، بالشكل والمضمون، سوى أنها ضغط إضافي على المعرقلين لتأليف حكومة بالتي هي الأفضل. 

ولذلك، تكامل الموقف المصري المعلن في لبنان مع الموقف الأميركي والسعودي، وهذا الموقف كرّره وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، في الجمعية الوطنية الفرنسية، حيث أشار إلى أن بلاده ستتخذ تدابير محددة بحق الذين فضّلوا مصالحهم الشخصية على مصلحة البلاد.

واعتبر أن الأيام المقبلة ستكون مصيرية، وفي حال لم يتخذ هؤلاء الأطراف قرارات ملائمة، فسوف نقوم من جهتنا بواجبنا.

وقال إن الأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعية، بل عن مسؤولين سياسيين معروفين، القوى السياسية تتعنّت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة، هذا التعنت يأتي من قبل أطراف سياسيين محددين يضعون مطالب تعجيزية خارج الزمن. 

أما شكري فأسف في تصريحاته لاستمرار الانسداد السياسي، وأشار إلى أنه ينقل رسالة تضامن من مصر، وتأكيد توفيرها لكل الدعم للخروج من هذه الأزمة لتأليف الحكومة، بما يفتح الباب للدعم الإقليمي والدولي، ويؤدي الى تحقيق المصلحة المشتركة لدول المنطقة، ولكن في المقام الأول للشعب اللبناني الشقيق.

الوزير المصري لم يجد حرجاً في التغاضي عن لقاء فريقين سياسيين على علاقة مباشرة بتأليف الحكومة هما حزب الله والتيار الوطني الحر، لكنه في سياق دعم الجهود التي تبذل لتأليف حكومة من الاختصاصيين، وجد، على سبيل المثال، أن من المفيد لقاء النائب السابق سامي الجميّل والاتصال بسمير جعجع، اللذين لا يُقدّمان ولا يؤخّران في المسألة الحكومية.

شكري التقى أيضاً النائب السابق وليد جنبلاط والبطريرك الماروني بشارة الراعي واستقبل النائب السابق سليمان فرنجية، كما زار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والرئيس المكلف، لكنه لم يتردد في كسر البروتوكول، فلم يلتق الرئيس حسان دياب ولا وزير الخارجية، لكنه مع ذلك، أكد بعد لقائه الحريري أن مصر حريصة على أمن لبنان واستقراره، وذلك يقتضي إنهاء حالة الجمود الراهنة واضطلاع الجميع بمسؤولياتهم في تعزيز استقرار لبنان ووحدته، واضطلاع مؤسساته بمسؤولياتها الكاملة تجاه الشعب اللبناني الشقيق. 

كل ذلك يشير إلى أن الزيارة المصرية، إن كان لها من مساهمة في مسألة تأليف الحكومة، فقد كانت مساهمة سلبية، تؤكد وقوف مصر مع فريق من اللبنانيين ضد آخر، وهي بذلك بدت حريصة على التماهي مع الفرنسيين والسعوديين، من دون ادعاء القدرة على الحلول مكانهم.

كل هذه الجولات ومبادرة رئيس النواب نبيه بري قائمة، رغم العقبات التي تواجهها، وبحسب المعلومات، ثمة مستوى متقدّم من التواصل الداخلي الجدي بين القوى السياسية، خصوصاً التيار الوطني الحر وحركة أمل وحزب الله والحريري.

وبحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى، المشكلة الأساسية التي تعتري مبادرة بري هي في تفسير الحريري لها، لجهة منحه نفسه حق تسمية وزراء مسيحيين خارج حصة رئيس الجمهورية.

لكن هذه المشكلة حُلَّت، بحسب المصادر، فحتى الحريري صار مسلّماً بأنه لن يسمّي أي وزير مسيحي.

باختصار، صار جلياً أن الأزمة أكبر من أن تُرمّم من خلال فرنسا أو من خلال مصر، فرنسا بمبادرتها أصبحت ثقلاً على تأليف الحكومة، بالرغم من أنها لا تزال من القلة المهتمة بالشأن اللبناني. والرئيس المكلف صار حريصاً على المبادرة أكثر من حرصه على التأليف، لكن فاته عمداً أن المبادرة تلك، على ما ذكّر رئيس الجمهورية أمس، تشير في بندها الأول إلى التدقيق المالي في حسابات مصرف لبنان. وهذا يعني أن الحريري، وبالتعاون مع الرئيس نبيه بري وجنبلاط، هم أول من أفرغ هذه المبادرة من مضمونها.

مصادر اشتراكية تعتبر أنه لا يمكن الاستمرار على هذا المنوال من العمل السياسي، فالبلد ينهار يوماً بعد يوم. وهذا يحتّم على الجميع، أصدقاء وخصوماً، فصل الخلافات الشخصية عن السياسة، والذهاب فوراً إلى تأليف الحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأي أمر آخر، لا قيمة له.

وتسائلت المصادر: ماذا يعني أن يقيد الرئيس المكلّف نفسه بشروط مسبقة، كأن يرفض لقاء باسيل؟ مع تأكيد المصادر الخلاف السياسي الكبير مع باسيل، إلا أنها تسأل: كيف يعقل أن يطلب الرئيس المكلف الحصول على ثقة العونيين، من دون أن يلتقي رئيس كتلتهم؟ علماً بأنه هو نفسه التقى الرئيس السابق للحزب القومي أسعد حردان، بالرغم من الخلافات العميقة التي تجمع المستقبل بالقومي، للحصول على تسمية كتلته المؤلفة من ثلاثة وزراء فقط.

المصدر: الاخبار اللبنانية